لم الكواكب كروية الشكل؟
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
في الفيزياء، كل نظامٍ يسعى إلى حالة التّوازن؛ كالتّوازن الحراري مثلاً، إذ يُمكنك إحضارُ كأسين من الماءِ، أحدهما باردٌ والآخر حارّ، وعند خلطهما سويّاً ستحصلُ على ماءٍ دافئ (لا حارٍّ ولا باردٍ بل معتدلٌ وسطيٌّ بين درجتي الحرارِة قبل الخلط). في الفيزياء الفلكيّةِ هنالك ما يُسمّى: التّوازن الهيدروستاتيكي. يعمل التّوازن الهيدروستاتيكيّ على الموازنةِ بين قوى الضّغطِ الحراريّ المتّجهة من مركز الكوكبِ نحو خارجه وقوى ثقلِ جزيئاتِ الكوكبِ المُتّجهة نحو مركزه. أفضلُ شكلٍ هندسيٌّ يُحقّقُ ذلك التّوازن هو الكرة، وذلك بسببِ التّناظرِ المركزيّ للكرة، فلا يوجدُ أيُّ شكلٍ هندسيٌّ آخرَ يحقّق التّناظر المِثاليّ الّذي تُحقّقه الكرة. لكن هنالك شرطٌ إضافيّ للوصول إلى هذا التّوازن، وهو أن يكون نصف قطر الكوكبِ يزيد على 1000 كيلومترٍ، لذا يعتمدُ الأمرُ أيضاً على كثافةِ مادّة الكوكبِ لكي يصبح بالإمكانُ تسميته كوكباً.
والآن علِمنا سبب كرويّة الكواكب والنّجوم السّماوية. لكن إذا نظرنا نظرةً أعمقَ إلى كوكبِ الأرضِ أو المُشتري، سنلاحظُ أن تلكَ الأجرامَ ليست كرويّةً تمامً، بل إنّها تتّخذُ شكلَ مجسّمِ قطعٍ ناقصٍ (مجسّم الإهليلج). السّببُ في ذلك هو دورانها حولَ نفسها، وكلّما ازدادت سرعةُ دورانِ الكوكبِ حولَ نفسه ازدادَ النّتوءُ في منتصفه، أي كلّما اقتربُ شكلِ الكوكبِ من القُرص. نلاحظُ أنّ شكلَ كوكبِ المُشتري أقربُ للقرصِ من شكلِ الأرض، وأنّ الشّمس كرويّةٌ أكثرَ من الأرض؛ وهذا لأنّ اليومَ على سطحِ المُشتري أقصرُ من اليومِ على سطح الأرض، واليومُ على سطحِ الشّمسِ أطولُ من اليومِ على سطحِ الأرض.
ولكن، هل كلّ الأجرامِ السّماويّةِ كرويّة الشّكل؟
لا. لننظرْ إلى الكويكباتِ والشّهب. تلك صخورٌ غيرُ منتظمةِ الشّكل، وهذا لعدم امتلاكِ تلكَ الأجسامِ قوّةَ جاذبيّةٍ كافيةٍ لشدّ المادّةِ إلى الدّاخلِ وتشكيلِ كرة. سببُ هذه الجاذبيّةِ الضّعيفةِ كميّة المادّةِ القليلةِ الموجودة في الجُرم، أي أنّ كتلة الجُرمِ ليست كبيرةً كفايةً لتشكيلِ قوّةِ جاذبيّة شديدةٍ بما يكفيِ لتشكيل كرة.
المصدر: هنا