رسائل من الماضي البعيد تؤكد نظرية أحد العلماء عن بداية الكون
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
ما الذي حصل تماماً بعد ولادة الكون؟ لماذا تشكلت النجوم، الكواكب، والمجرات الكبيرة؟ هذه الأسئلة هي ما تشغل بال العالم موكهانوف،وقد حاول أن يجد الاجابات بمساعدة الفيزياء الرياضية. حيث وضع استناداً لمفهوم ما يسمى بالتقلبات الكمومية نموذجاً يعطي صورةً دقيقةً للمرحلة الأولية والحرجة من تطور كوننا، فبدون التغيرات البسيطة في كثافة الطاقة والتي تنتج عن التقلبات الكمومية الصغيرة، لا يمكن تفسير تشكل النجوم،الكواكب، والمجرات التي تميز الكون المرصود اليوم . وإلا لماذا تجمعت المادة في مناطق دون غيرها؟ وبناء على ماذا نتجت هنا مجرة وهناك لاشيء مثلا. فبدون هذه التموجات لكان الكون متجانساً تماما وانتشرت مواده بانتظام دون أن تسمح بتكون النجوم ولاحقا تكون المواد اللازمة لوجود حياة أساساً.
نشر الفريق المسؤول عن مهمة بلانك حديثاً تحليلاً جديداً للبيانات التي جمعها تلسكوب بلانك. يقيس هذا التلسكوب توزع إشعاع الخلفية الميكروي التي تخبرنا أساساً كيف كان يبدو كوننا بعد حوالي 400 ألف سنة من الانفجار العظيم. هذه الاكتشافات الأخيرة تتوافق تماماً مع ما تنبأت به نظرية موكهانوف، وعلى سبيل المثال حساباته لقيمة ما يسمى المؤشر الطيفي لعدم التجانس الاولي. وكما ذكر الباحث جان لوب بوجيه puget jean-loup أحد الباحثين الرئيسيين في مهمة بلانك الفضائية " تؤكد بيانات تلسكوب بلانك التنبؤات الأولية بأن التقلبات الكمومية هي أساس كل بناء في هذا الكون ". أما موكهانوف الذي نشر نموذجه أولاً عام 1981 وانضم لقسم الفيزياء في LMU عام 1997 "لم أكن آمل اثبات افضل من هذا لنظريتي".
- رسائل من الماضي البعيد
بالنسبة لـ Mukhanov ففكرة التقلبات الكمومية،التي لا بد وأنها قد لعبت دوراً هاماً في الطور الباكر جداً من تاريخ الكون،تكمن في مبدأ عدم التعين لهايزنبرغ. فقد بين هايزنبرغ أن هناك حدوداً معينه للدقة في تحديد موضع وكمية حركة جسيم في لحظة معينة . وهذا يعني بدوره أن التوزيع الأولي للمادة سوف يُظهر حتماً اختلافات طفيفة جداً في الكثافة.
أظهرت حسابات موكهانوف بدايةً أن التقلبات الكمومية يمكن أن تسبب ظهور اختلافات في الكثافة عند بداية الكون، وبالتالي يمكن اعتبارها بذوراً أولية لمناطق تشكل المجرات والعناقيد المجريّة. فبدون التقلبات الكمومية التي وصف ماكهانوف طبيعتها وحجمها فانه من غير الممكن فعلاً تفسير توزيع المادة في الكون.
الدراسة الأخيرة لمجموعة بيانات تلسكوب بلانك أكثر تفصيلاً و بياناً من التحليلات الأولية التي نشرت قبل عامين. فهي تكشف وبدقه لا مثيل لها الأنماط المدموغة بواسطة التقلبات الأولية في توزيع الاشعاع في الكون المبكر (في خريطة إشعاع الخلفية الكوني الميكروي في الصورة التالية يمكن رؤية مدى التقلبات في شدة الاشعاع بين مناطق وأخرى). وهكذا،فإن أداةً كتلسكوب بلانك تستطيع أن تسجل هذه الرسائل القادمة من الماضي البعيد والمحمولة من خلال اشعاع الأمواج الميكروية والتي مازالت تنتشر خلال الكون منذ 13.8 مليار سنة. من هذه المعلومات استطاع فريق بلانك إعادة بناء صورة مفصلة لتوزع المادة في اللحظات الأولى من تشكل كوننا.
Image: ESA and the Planck Collaboration
-لا وجود لدليل على وجود الأمواج الثقالية حتى الان:
بالاضافة لذلك ، تشير بيانات بلانك الى أن الاشارة المذكورة سابقاً والتي اعتقد على أنها دليل على وجود ما يسمى الموجة الثقالية الأولية يمكن أن تعزى إلى حد كبير للغبار في مجرتنا.
يستخدم فريق BICEP2 تلسكوباً أرضياً في القطب الجنوبي للبحث عن إشعاع الخلفية الميكروي كاشارات على الأمواج الثقالية المتولدة مباشرةً بعد الانفجار العظيم. سجل الفريق في أذار عام 2014، ما اعتقد أنه أثار الأمواج الثقالية التي تتنبأ بها النسبية العامة. ولكن الشكوك سرعان ما ظهرت بخصوص هذا التفسير.وقد بينت دراسة من فريق بلانك لاحقاً أن الأثر الناتج هو غالباً نتيجة للغبار الموجود في مجرتنا مما دفع لتشكيل فريق بحث مشترك مابين بعثة بلانك وفريق BICEP2. أما الآن فقد انتهت هذا التحليلات المشتركة إلى أن البيانات لا تقدم حقيقةً دليل رصدي على الأمواج الثقالية. (مزيد من التفاصيل في مقالنا السابق هنا )
وفي ربيع عام 2014 قبل أن يقوم الفريقان بتوحيد جهودهما كان موكهانوف قد توقع أن يكون أحد الفريقين مخطئاً، وهكذا فان التحليلات الاخيرة لكل من الفريقين تؤكد على أن الاطار النظري لفكرة التقلبات الكمومية قائم على أسس سليمة.
يقول موكهانوف "قد تكون الأمواج الثقالية موجودة، ولكن من الواضح أن أدواتنا ليست حساسة بشكل كافٍ بعد لالتقاطها" . وقد أضاف أنه و بغض النظر فيما اذا تم اكتشاف الأمواج الثقالية الأولية لاحقاً أم لا أم لا ،فيجب على جميع النماذج التي تحاول أن تصف حالة الكون عند اللحظات الأولى لتشكله أن تأخد الأصل الكمومي لبنية الكون بعين الاعتبار.
المصدر: هنا