القمار والإدمان
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
في الماضي كانت الفكرة السائدة أن القمار هو حاجةٌ للتخفيف عن الكبت النفسي أكثر منه كإدمان وتوق لإشباع رغبة عارمة كالحاجة مخدرات.
وفي الثمانينيات كان القمار المرضي يصنف كاضطراب السيطرة على الإنفعال وهو تصنيف غير واضح يضم مجموعة من الأمراض النفسية الأخرى.
وبخطوة تنم عن فهم أعمق للبيولوجية الكامنة وراء الإدمان، وبعد خمسة عشر عام من التشاور، قامت الجمعية الأمريكية للطب النفسي بتصنيف القمار المرضي ضمن قسم أمراض الإدمان الأمر الذي جعل علاجه أيسر من قبل.
برزت الحاجة إلى إيجاد علاج فعال ضد إدمان القمار بعد أن أصبح سريع الانتشار في المجتمع كالنار في الهشيم، خصوصاً بعد تشريع بعض الدول له، وسهولة المقامرة على الشبكة العنكبوتية حيث أظهرت دراسة حالية أن مليوني شخص مدمنون على القمار في الولايات المتحدة، وعشرون مليوناً يعانون من مشاكل في العمل والحياة الإجتماعية بسببه.
يوجد في منتصف الجمجمة مجموعة من الدارات معروفة باسم "نظام الإشباع أو المكافأة" مهمتها ربط أجزاء الدماغ المختلفة المسؤولة عن وظائف كالذاكرة والحركة والمتعة، وعندما نقوم بنشاطات تبقينا على قيد الحياة أو تساعدنا على إشباع رغباتنا تقوم الخلايا العصبية في "نظام المكافئة" بإفراز الدوبامين الذي يسبب موجة من الارتياح، ويحفز الإنسان على الاستمتاع ببعض العادات كتناول الوجبات الدسمة.
لكن عندما يحفَّز نظام المكافأة بمادة مخدرة _كالكوكائين_ فإنه يفرز مادة الدوبامين بكمية أكبر بعشر مرات عن الكمية الطبيعية، وكنتيجة علمية يصبح العقل مدمناً على تلك المواد المخدرة و تتناسب الكمية المخدرة التي يتناولها المدمن مع عدم القدرة عن الإقلاع عنها.
تُظهر بعض الدراسات الحالية أن القمار المرضي وإدمان المخدرات يتشاركان نفس الاستعدادات الوراثية التي تهدف إلى الإشباع والإرضاء، حيث أن مدمنا القمار والمخدرات يحملان نفس العوارض الانسحابية عند فقدان المادة المخدرة، وتوجد بعض الدراسات التي تفترض وجود بعض العوامل الوراثية عند بعض الأشخاص تجعلهم معرضين أكثر من غيرهم للإدمان.
وبدليل أقوى لهذه النظرية فقد وجد علماء الأعصاب أن القمار والمخدرات يغيّران بعض خلايا الدماغ بنفس الطريقة، واستخلصوا هذه النتيجة بعد مراقبة النشاط الكهربائي وتدفق الدم في أدمغة أشخاص قد أنهو للتو بعض المهام على جهاز الحاسوب كألعاب الكاسينو، أو تلك التي تختبر قدرتهم على التحكم بانفعالاتهم.
قام العلماء في جامعة يال بدراسة على أشخاص يعانون من القمار المرضي بهدف قياس اندفاعاتهم، فوجدوا أن النشاط الكهربائي في المناطق ما قبل الأمامية في الدماغ يسجل مستويات منخفضة على غير المعتاد، ويجدر بالذكر أن تلك المناطق مسؤولة عن تقدير الأخطار وكبت الغرائز وهي المشكلة التي يعاني منها مدمنو المخدرات أيضاً.
تظهر الدراسات أن عدداً كبيراً من مرضى باركنسون يمارسون القمار القهري، مع العلم أن ظهور مرض باركنسون يعود إلى موت الأعصاب المنتجة لمادة دوبامين في منتصف الدماغ وعادة ما يترافق مع اهتزاز وتصلب العضلات.
وبالإضافة إلى أن الأطباء قد وجدوا أن مدمني القمار يستجيبون للعلاج المستعمل مع مدمني المخدرات أكثر من غيره من الأدوية.
وهناك طريقة أخرى لمعالجة إدمان القمار باستخدام التوعية السلوكية الإدراكية من خلال تعليم الناس مقاومة تلك الأفكار والعادات الغير مرغوبة.
المصدر:
هنا