العمارة: الموسيقا المتجمّدة
العمارة والتشييد >>>> التصميم المعماري
أنهت مؤخّراً شركة Penda المعماريّةُ العملَ على صرحٍ عمرانيٍّ في مدينة Xiangyang في الصّين ليميّزَ مدخلَ أكبرِ حديقةٍ لشجر الآس في آسيا. يتكوّن التّصميم من مجموعة أعمدةٍ معدنيّةٍ متفاوتةٍ ارتفاعاً، ومثقّّبةٍ، وملوّنةٍ بطريقةٍ ديناميكيّةٍ تجمع بين ثلاثة عناصرَ: الموسيقا، والرّقصِ، والمشهدِ الطّبيعيِّ المحيطِ، ما يستمدّ المشروعُ منه اسمَه الموجةَ الصّوتيّةَ. الموسيقا والإيقاع: عند دخولك كزائرٍ إلى الحديقة مروراً بالموجة الصّوتيّة تجد نفسك محاطاً بأكثرَ من 800 عمودٍ ترتفع من حولك كالأشجار في محيطٍ من الأحجار والمياه، وكأنّك تعيش لحظةَ سكونٍ في حركةٍ موجيّةٍ تعكس حيويّةَ المدينة، وإيقاعَ الموسيقا، وألوانَ الطّبيعةِ لتعيشَ فعلاً ما قاله غوته: "العمارة موسيقا متجمّدةٌ" الرّقص: كما العديدُ من السّاحات العامّة في الصّين، تُستخدَم هذه السّاحة مساءً كمكانٍ عامٍّ للرّقص، فأعمدتها المثقّبة باتّجاه الأعلى والمزوَّدةُ بشرائطَ ضوئيّةٍ LED تشكّل أوركسترا عمرانيّةً توصَل بنظام السّاحة الصّوتيّ، وتستجيب مباشرةً للحركات المختلفة في السّاحة، فكلّما كانت الموسيقا أعلى، كانت الإنارة أقوى، وحركتُها أشدَّ حيويّةً. المشهد المحيط: بُنيَ حول الموجةِ الصّوتيّةِ تلالٌ ووديانٌ لطيفةٌ تربطها أفقيّاً مع الوسط المحيط، أمّا شاقوليّاً فتشقّ الأعمدةُ هذه الرّتابة لتشكّلَ بألوانها المتدرّجةِ وارتفاعاتِها المتفاوتةِ تضادّاً بصريّاً يميّز المدخل ويزيده أهمّيّةً. عندما تنظر إلى هذا العمل من بعيدٍ، تراه يمثّل خطّ الأفق لمدينةٍ ما، ولكن عندما تراه من منظورٍ قريبٍ، يُشعرك مزيجُ الألوانِ والإضاءةِ والتّصميمِ بالطّبيعة، وتجدُ نفسَك عندما تدخل هذه الموجةَ محاطاً بجذوع الأشجار، وتائهًا وسط غابةٍ كثيفةٍ من الأعمدة البنفسجيّة، ولكن سرعان ما تمكّنك الفتحاتُ المتروكةُ بينَها من الرّؤية ومتابعة المسير في ممرّاتٍ تضيقُ حيناً وتتّسع حيناً، تاركةً الفرصةَ للزّوّار والرّاقصين للتّجمّعِ وإمدادها بالحياة ليلاً نهاراً. المواد والإضاءة: الأعمدة عبارةٌ عن ألواحٍ مثقّبةٌ من الفولاذِ المقاومِ للصدأِ، لُوِّنَت بلونها البنفسجيّ بعمليّة التّخميل الكهربائيّ (الأكسدة) الّتي تحافظ على خصائصِ الفولاذ في مقاومة الصّدأ والتّآكل. يتغيّر انعكاس المحيط على سطوح الأعمدة غيرِ اللّامعةِ تبعاً لتغيّر موقع الشّمس، فنحظى بلوحاتٍ مختلفةٍ أخّاذةٍ على طول النّهار، وما يزيد المشهدَ جمالاً انعكاسُ الأعمدةِ على سطح البِرَكِ الأربعِ الّتي تتخلّلها. أمّا ليلاً فيبهرنا تغيُّر إضاءة الأعمدة تبعاً لتغيّر الحركة والموسيقا في السّاحة بصورٍ حيويّةٍ متغيّرةٍ باستمرارٍ. لقد قدّم هذا التّصميم صورةً حيويّةً ومدخلاً جذّاباً لهذه الحديقة المهمّة ليكونَ بدايةً مشوّقةً للزّوّار تعكس ما سيجدونه في الدّاخل. ماذا عنك؟ أخبرنا، هل سبق و دخلت مكاناً لمجرّد إعجابك بالمدخل؟ المصدر: