ارتكاسٌ لِحبرِ الوشمِ القديمِ يُشابهُ اللمفوما
الطب >>>> مقالات طبية
راجعت سيّدةٌ أستراليّة شابّةٌ عيادة الطبيب؛ وبدا تشخيص مرضها واضحاً بأعراضَ يُفترَضُ أنّها للِّمفوما، ولكنَّ المفاجأةَ كانت من نصيبِ المشرح المرضي الّذي لم يَجِدْ خلايا ورميَّةً ضمنَ نسيج العقدة اللمفاوية لدى هذه السيدة !! إذاً ما الّذي أصاب تلك السيّدة؟! وقد نُشِرَت هذه الحالة في الثالث من شهر تشرين الأوّل 2017 م في مجلّة Annals of internal medicine وذكرَ الناشرُ أنَّ المريضةَ هي سيدةٌ في الثلاثين من العمر راجعَت الطبيبَ بِقصّةِ ضَخامات عُقَدية إِبطيةٍ ثنائيّةِ الجانب مُستمرِّةٍ منذُ أسبوعَين . وأظهرَ الفحصُ السريري وجودَ العديد من العُقَدِ اللمفاوية الإبطية ثنائية الجانب، وكانت غيرَ مؤلِمةٍ ومطاطيَّةَ القَوام، وتقيسُ بحدود 1.5 سم، ولم يكن هناك ضخاماتٌ عقديةٌ مَجسوسةٌ أُخرى. كان لدى المريضةِ وشمٌ قديمُ العهد غطّى ظهرَها وعمرُه خمسةَ عشَرَ عاماً، وآخرُ حديثٌ على كتِفها الأيسر، وقد أظهرَالتصويرُ المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET-Scan وجودَ عدّةِ عُقَدٍ لمفاوية متضخِّمةٍ في كلٍّ منَ الإبطين والسُّرَّتين الرِّئويَّتَين والمُنصف تقيس أكبرها 13*12 ملم حجماً، وفُسِّرَت هذه العُقدُ على أنَّها تتماشى مع تشخيص اللمفوما. "في تسعٍ وتسعين من مئةِ مرّةٍ ستكونُ هذه الموجوداتُ لِمفوما"؛ يقول البروفيسور كريستيان بيريانت (الطبيبُ في مدينة سيدني الأسترالية وأحدُ كتّاب المقال) كما نقلَت عنه وكالة CNN الإخبارية. وبالعودةِ إلى المريضة؛ لم تُذكَرْ أيُّ أعراضٍ أُخرى كالحُمّى أو التعرُّقِ الليلي أو نقصِ الوزن أو أيَّة مُشكلاتٍ تنفسيَّةٍ، بل ذكرتِ المريضةُ في سوابقها المرضية والجراحية قصَّةَ صُداعٍ عنقودي إضافةً إلفى خضوعِها لعمليَّةِ تكبيرِ الثديَين منذ 10 سنوات، وهي لم تتناولْ أدويةً على نحوٍ دائمٍ باستثناء مانعات الحمل الفموية. لم تكنِ الرُّشافَةُ بالإبرةِ الدقيقة FNA حاسمةً؛ وأُخذَتْ خِزعةٌ عقدة لمفاوية استئصاليّة من الإِبط الأيسر، وقد بدَتِ العُقدة المستأصَلةُ عَياناً سوداءَ اللونِ وتقيسُ 13*17*23 ملم وبيَّنَ الفحصُ المِجهري تبدُّلَ بِنيةِ العُقدة اللمفاوية إلى حبيبوماتٍ ظِهارانيَّةٍ واضحةِ التشكيل؛ مع تجمُّعاتٍ متفرِّقةٍ لخلايا عَرطليّةٍ مُتعدِّدةِ النُّوى، وكذلك فجميعُ الاختبارات المستعمَلةِ للتحرّي عن الفطور والمُتفطِّراتِ والخلايا الخبيثة كانت سلبيَّةً. صباغ الوشم والعقد اللمفاوية : قد تُسبِّبُ الأصبغةُ المستعمَلةُ في الوشومِ ارتكاساً التهابيّاً في الجِلد والنسيجِ تحتَه؛ ممَّا قد يؤدّي إلى ضخامة عُقَدٍ لمفاوية ناحِيةٍ؛ إذ ذُكرَت عدّةُ حالاتٍ حدثَت فيها ضخامةُ عُقَدٍ لمفاوية بوصفها ارتكاساً متأخِّراً للصِّباغ المُستخدَم في الوشوم، وحدَثَت إحداها بعد 30 عاماً من رسم الوَشم، وقد عُدَّت هذه الضَّخاماتُ في بعضِ الحالاتِ ناجمةً عن خباثةٍ بدايةً، ولاسيّما الميلانوما، ولكنَّ ذلك كان خاطئاً. وفي حالةٍ مشابهةٍ ورَدتْ في أخبارِ موقع Medscape: نزحَ الحبرُ المستعمَلُ في أربعةَ عشرَ وشماً - غطَّت ساقَي مريضةٍ مُصابَةٍ بسرطان عُنق الرَّحِم - إلى العُقَد اللمفاوية الفخذية واعتُقِدَ خطأً أنَّها نقائلُ من الورمِ البدئيِّ، وبناءً على ذلك رُفِعَت مرحلةُ الورم بعد أنْ كانت I B عند بدايةِ التشخيص، واستُئصِلت أربعون عُقدةً لمفاويةً لدى هذه المريضة. وكذلك لوحِظَ نزوح الحبر المستعمَلِ في الوشم إلى العقد اللمفاوية الناحية عند مرضى سرطان الثدي والخصية وسرطان الفرج شائكة الخلايا، ولكن لم يتضّح وجودُ علاقةٍ بين الوشمِ وتطوُّرِ هذه الأورام. وذكرَت أخبارُ موقع Medscape أنَّ مراجعةً حديثةً وجدَت أنَّ صِباغ الوشم قد نزح من الجلد إلى العقد اللمفاوية مؤدياً إلى تضخُّمٍ مُزمِنٍ فيها. وفي الحالة التي عرضناها في بداية مقالنا؛ ذكرَتِ السيدةُ الأسترالية أنَّ وشمَها بدا مرتفعاً عن سطح الجلد، وحاكّاً لعدة أيامٍ من كلِّ شهر، وعلى أيَّةِ حال فقد تراجعَتْ أعراضُ هذه السيدةِ بعدَ 10 أشهرٍ من المراقبة، وما هو غير مُعتادٍ في حالتها أنَّها الحالةُ الأولى التي أحدث فيها الوشم ارتكاساً في العقد اللمفاوية دون ارتكاسٍ واضحٍ في الجلد. وإنَّ الارتكاسَ الحُبيبوميّ (الحُبيبيَّ) للصِّباغ المستعمَل في الوشم أمرٌ موصوفٌ جيّداً، ومن الممكن أن يتظاهر بوصفه ارتكاساً لجسمٍ أجنبيٍّ أو على نحو مُشابِهٍ للساركوئيد أو على شكلِ تنخُّرٍ، ولكن كان مميَّزاً في هذه الحالة عدمُ وجودِ ارتكاسٍ جلديٍّ، وإنَّما ارتكاسٌ حبيبوميٌّ في العقد اللمفاوية فقط. المصدر: هنا
بعدَ سلسلةٍ من الإجراءات التشخيصية الّتي تضمَّنتِ الفحوصَ المخبرية والتصويرية والخِزعات؛ استنتجَ أطبَّاءُ هذهِ السيّدةِ الأستراليةِ أنَّ لديها التهابَ عُقَدٍ لمفاوية حُبَيبيَّةٍ (حبيبوميّةٍ) ارتكاساً لِصبغة وشمِها .