هرمون الحب يعيد للفئران السكيرة رشدها
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
في البحث الذي تم في جامعة سيدني، قام الباحثون بتقسيم مجموعةٍ من الفئران التي تناولت الكحول إلى مجموعتين، إحداهما تم حقن أدمغتها بالأوكسيتوسين والأخرى لم تُحقن (كلاهما تناول الكحول بالطبع)، وكان الملفت في الأمر أن المجموعة التي حُقِنت بالأوكسيتوسين لم تُظهر علامات فقد التناسق التي أظهرتها المجموعة الأخرى.
لكن كيف تم اختبار هذه الفئران؟
عوضاً عن الطريقة التقليدية التي تتضمن اختبار قدرة الفئران على السير في خطٍ مستقيم، أو تثبيت أحد الأصابع على الأنف؛ فقد وضع الباحثون الفئران على علبةٍ تتألف قاعدتها من شبكةٍ، وعندما هزوا العلبة أمسكت الفئران بخيوط الشبكة وعندها قلب الباحثون العلبة رأساً على عقب، وبالتالي أصبحت الفئران ممسكةً بأيديها بخيوط الشبكة ومتدليةً نحو الأسفل، وهنا بيت القصيد، هل ستكون الفترة التي تتماسك فيها الفئران قبل أن تفلت الشبكة هي ذاتها بالنسبة للفئران السكيرة المحقونة بالأوكسيتوسين والفئران السكيرة؟ حقيقةً، تمسكت المجموعة الأولى (السكيرة المحقونة بالأوكسيتوسين) لمدة 8 ثوانٍ بينما استطاعت الفئران السكيرة أن تتمسك لـ3 ثوانٍ فقط، وقد تم تجريب هذا الأمر بعد 5 دقائق من تناول الكحول وبعد 35 دقيقة، وكانت النتيجة هي ذاتها للمجموعتين (السكيرة غير المحقونة صمدت لـ 3 ثوانٍ بينما السكيرة المحقونة صمدت لـ 8).
وفي تجربة أخرى، جُعِلت الفئران تستلقي على ظهورها بعد 35 دقيقة من تناول الكحول ومن ثم تُرِكت لتعدل وضعها (لتقفز وتقف على قوائمها الأربعة مجدداً)، فاستغرقت المجموعة الأولى (المحقونة بالأوكسيتوسين) 1.5 ثانية، بينما استغرقت المجموعة الثانية ضعف هذا الوقت.
تجربةٌ ثالثة تم إجراؤها، حيث وضعت ثلاث فئران في علب، واحدة تناولت الكحول وثانية تناولت الكحول وحُقِنت بالأوكسيتوسين وثالثة لم تتناول الكحول؛ قضت الأولى وقتها كله في زاوية العلبة أما الأخريتان فقد أمضيتا وقتهما تتجولان في العلبة، والجدير بالملاحظة أنه لم يمكن تمييز الفأرتين سهلاً (التي لم تتناول الكحول، والتي تناولت الكحول وحُقِنت بالأوكسيتوسين).
شاهدوا هذا الفيديو الذي يخص هذه التجربة:
هنا
كيف يقوم الأوكسيتوسين بهذا العمل؟
يُفرَز الأوكسيتوسين من الوطاء (جزء من الدماغ) ومن ثم ينتقل إلى الغدة النخامية ومنها إلى باقي أنحاء الجسم عبر الدم، ولكن طالما بقي الأوكسيتوسين في الدماغ فإنه يمنع الكحول من الارتباط بالمستقبلات العصبية الخاصة بتنظيم الحركة* (وبالتالي يمنع الكحول من التأثير السلبي عليها). وتجدر الملاحظة هنا أن تأثير الأوكسيتوسين يخص الدماغ فقط، أي أنه لا يؤثر على تركيز الكحول الموجود في الدم، وبالتالي ففي حال تناول أحدهم الكحول وقاد سيارته فذلك لن يحميه من الاعتقال! وعلى الرغم من أن نتائج الدراسة لا تعد بـ (حبوب مضادة للثمل)، إلا أن القائمين عليها يأملون أن يتمكنوا من تطوير علاجٍ يعتمد على الأوكسيتوسين لمعالجة الاضطرابات التي تصيب الإنسان نتيجة تناول الكحول، وقد لا يكون ذلك في المستقبل البعيد. وربما –بفضل التجارب على البشر في المستقبل القريب- يمكن تقليل الاضطرابات في الكلام والفهم بعد تناول كميةٍ كبيرةٍ من الكحول.
وكإضافةٍ أخيرة لما ذكرناه من معلومات: فإن الأوكسيتوسين قلل من رغبة الفئران في تناول الكحول على المدى القصير والمتوسط وأوقف تأثيرات تناوله وخفف من أعراض التوقف عن تعاطيه!
الحاشية:
*تسمى هذه المستقبلات الخلوية بـ delta subunit GABA-A
لقراءة مقال عن الأوكسيتوسين وآثاره على الإنسان على موقع "الباحثون السوريون":
هنا
المصدر:
هنا