ضمّت مبادرةُ March For science  بنسختِها الأولى في 22 نيسان عام 2017 أكثرَ من مليون شخصٍ من مُختَلف الفعاليّاتِ الثقافية؛ يتنوّعون بين علماءَ و باحثينَ وطلابٍ و محبّين للعلم من 600 مدينةٍ مختلفة، يتّحِدُون جميعاً لمحاربةِ العلمِ الزائف؛ وتعزيزِ المجتمَعِ العلميّ ليكون مجتمَعاً متنوّعاً و شاملاً.

تهدفُ هذه المبادرةُ إلى تمويلِ العلمِ علناً​​ ​​باعتباره دعامةً لحريّةِ الإنسان وازدهارِه.
وتتنوّعُ الفعاليّاتُ ضمن هذه المبادرةِ ابتداءً بالمعارضِ العلميّة والمهرجانات؛ وانتهاءً  بمسيرٍ مُنظَّمٍ أو تظاهرة، ويمكنُ لأيّ شخصٍ أو جهة المشاركةُ في تنظيمِ هذه الفعاليّات.

مبادرة March For Science في كندا 

Image: https://static.wixstatic.com/media/fc2b27_434bb19d2b79483a93025db14ea67413~mv2_d_4000_3000_s_4_2.jpg/v1/fill/w_998,h_749,al_c,q_90,usm_0.66_1.00_0.01/fc2b27_434bb19d2b79483a93025db14ea67413~mv2_d_4000_3000_s_4_2.webp

ما سببُ هذِه الفعاليّة؟ وما أهميّةُ المشاركةِ فيها؟
في الحقيقة؛ لا يوجدُ قصّةٌ واحدةٌ ألهمتِ المنظِّمين لإنجازِ هذِه المبادرة، بل كانَ لكلِّ مدينةٍ قصّتُها الخاصّة، وسنتناولُ في مقالنا هذا المبادرةَ المُقامةَ في الهند.

في آب (أغسطس) الماضي لعامِ 2017 خطّطَ أعضاءُ جمعيةِ الخرّيجينَ في معهدِ العلومِ الهنديّ "Indian Institute of Science (IISC)" ‏لورشةٍ تتحدّثُ عنِ الأبراجِ الفلكيّة؛ والّتي كان من المُقرَّرِ لها أن تُجرى في حرمِ المعهد، ممّا أدّى إلى إثارةِ ردّةِ فعلٍ قويّةٍ من قبلِ العلماءِ في الهند، ولذا أرسلوا العديدَ من الرسائلِ والاعتراضاتِ إلى مديرِ المعهدِ الّذي ادّعى أن لا علاقةَ للمعهدِ بتنظيمِ هذِه الورشة، أمّا مديرُ جمعيّةِ الخرّيجينَ فقد علّقَ وقال أنّ الرسائلَ الترويجيّةَ لهذِه الورشةِ أُرسلَت خطأً وقبل أن يُوافَقَ عليها.

أوضحَ مديرُ الجمعيةِ أنّه وعلى الرغمِ من انتقاداتِ العلماءِ والأكاديميّين كافّةً للأبراج الفلكية؛ لكنّ نسبةً كبيرةً من عامّةِ الشعبِ ما تزالُ تؤمنُ بها؛ وتتبعُ نصائِحها المنتشرةَ في المجلّاتِ والتّلفاز.
ففي الهند؛ أظهرَ الحزبُ الحاكم "(Bharatiya Janata Party (BJP" عامَ 2001 الدعمَ لإنجازِ مثلِ هذه الورشاتِ في الجامعات؛ والسماحَ بإدخالِ الأبراجِ الفلكيّة في المناهجِ التعليميّة.
ولكنْ هذه المرّة لم يكُن للحكومةِ الهنديّة أو وزارةِ التعليمِ الهنديّ أيُّ دورٍ في الورشةِ الّتي خُطِّطَ لها في معهدِ العلوم الهنديّ.

ولذلك شاركَ العديدُ من العلماءِ في تنظيم مبادرةِ March For Science  في الهند؛ لمنعِ إنجازِ ورشةِ الأبراجِ في حرمِ معهدِ العلومِ الهنديّ منادين بمعارضةِ دعمِ الحكومةِ لنشرِ هذه الأفكارِ الّتي لا تستندُ إلى مرجعٍ علميّ، إضافةً إلى محاربةِ البحوثِ الوطنيّة الّتي تبحثُ عن فوائدِ البانشغافيا (وهي منتجٌ يضمُّ 5 منتجاتٍ بقريّة)، إذ إنّ العديد من الجهاتِ الهنديّة تحاولُ دعمَ إجراءِ بحوثٍ عن فوائدِ البانشغافيا، ويقولُ الداعمون لها أنّ المعرفةَ بمثلِ هذه المنتجاتِ البقريّةِ يجبُ أن تُعدَّ جزءاً منَ الثّقافةِ الشعبيّةِ للهند.

ولكنْ يقولُ نقّادُ البانشغافيا أنّ نظريّاتٍ كهذِه غيرُ موثوقةٍ وتُصنّفُ تحت مسمّى العلمِ الزائف، وأنّ الإشارةَ إلى فوائدِ المُنتجَاتِ البقريّة ستكونُ جزءاً من أجندةٍ سياسيّةٍ كبيرةٍ من قبل الهندوس، إذ تُعدُّ البقرةُ حيواناً مقدّساً عندهم.

وأكّدَ النقّادُ أنّه يجبُ أن تأخذَ البحوثُ منحىً حياديّاً في مثلِ هذه المواضيع، ويجبُ ألّا تكونَ ترويجاً لثقافةٍ شعبيّة.

يقول راؤول سيدهارتان من معهدِ الرياضيّات للعلومِ في شيناي يول: لا بدّ للحكومةِ أن تقبلَ أيّ بحثٍ يدورُ حول مسلّماتٍ من التقاليدِ أوِ الثقافةِ الشعبيّةِ عن الصحّة؛ إذ من الممكنِ له أن يدحضَ مثلَ هذِه الفرضيّاتِ وينفيها علميّاً.

صورة من الهند: 

Image: https://static.wixstatic.com/media/fc2b27_ed31788535b3454bb169d351dff54cc1~mv2.jpg/v1/fill/w_1123,h_749,al_c,q_90,usm_0.66_1.00_0.01/fc2b27_ed31788535b3454bb169d351dff54cc1~mv2.webp

أدّى تجاهلُ النظامِ التعليميّ في الهند إلى وجودِ قطاعٍ كاملٍ من الأميّينَ حتّى بعد 70 عاماً على الاستقلالِ الهنديّ، ويؤثّرُ انتشارُ  المعتقداتِ غيرِ العلميّة تأثيراً سلبيّاً على ثقافةِ البلد.

ولحلِّ هذه المشكلات؛ طالبَ المشاركون خلالَ المسيرةِ زيادةَ التّمويلِ العلميّ بتخصيصِ 3 بالمئةِ من إجماليّ الناتجِ المحليّ على الأقلّ
" Gross domestic product" ‏لأغراضِ البحثِ العلميّ والتكنولوجيّ، و10 بالمئةِ لأغراضِ التعليم، ونادوا بإيقافِ نشرِ العلم الزائفِ والأفكار الّتي لا تستندُ إلى مرجعٍ علميّ، إضافةً إلى التأكيد على اعتمادِ السّياساتِ المُتّبعةِ في الحكومة على المنهجِ والبحث العلميّ.

وتظهرُ لنا الصورة بعض العلماءِ المشاركينَ في المسيرِ لدعمِ العلم في الهند في آب (أغسطس) الماضي.

Image: https://www.nature.com/polopoly_fs/7.47536.1510029874!/image/WEB_GettyImages-829309312.jpg_gen/derivatives/landscape_630/WEB_GettyImages-829309312.jpg

انتهتْ مبادرةُ March For Science   في الهند وحقّقت هدفَها بإلغاءِ الورشةِ الفلكيّة، إذ قالَ أحدُ أعضاءِ المعهدِ أنّ السّماحَ لمثلِ هذه الورشاتِ بأن تأخذَ مكاناً في الأوساطِ والأكاديميّاتِ العلميّة سيؤدّي في النهايةِ إلى إضرارِ المُجتمَع العلميّ الهنديّ، لذا يجبُ على المجتمَعِ العلميّ أن يسعى إلى تحقيقِ إنجازاتٍ علميّةٍ حقيقيّةٍ ليكونَ له أثرٌ حقيقيّ فعّال.

صورة من أحد المشاركين في المبادرة: 

Image: https://static.wixstatic.com/media/fc2b27_e968777d0485499f8c98754386160ff1~mv2.jpg/v1/fill/w_998,h_749,al_c,q_90,usm_0.66_1.00_0.01/fc2b27_e968777d0485499f8c98754386160ff1~mv2.webp

وهكذا نجدُ أنّ مبادرةَ March For Science  قد حقّقت أحد أهمِّ أهدافِها في عامِ 2017 في محاربةِ العلمِ الزائف، وبفضلِها أُلغِيت الورشةُ الفلكيّة في الهند.
ولكنّها ليستِ النهاية؛ ففي هذا العام تكملُ المبادرةُ رسالتها، إذ سُجّلت أكثرُ من 70 فعاليّة حول العالمِ لإنجاحِ مسيرٍ في 14 نيسان 2018 في العديدِ من البلدان.

يهدفُ المسيرُ لعام 2018 إلى تضخيمِ دورِ العلمِ في السياسة، وتمكينِ المشاركةِ العامّةِ معَ العلم، وتعزيزِ مجتمَعٍ علميٍّ مُتنوّعٍ وشامل، وبناءِ مُجتمَعٍ عالميٍّ من المُدافعينَ عنِ العلوم.
ويمكنُ لأيّ شخصٍ أو منظّمةٍ المشاركةُ في هذه الفعاليّاتِ أو تنظيمُها في مدينتِهم.

ويمكنُكم معرفةُ تفاصيلَ أكثر عن المبادرةِ من الموقعِ الرسميّ:هنا

المصادر: 
1- هنا
2- هنا
3- هنا