هل تشعرُ بضرباتِ قلبك؟
الطب >>>> مقالات طبية
غالباً يكونُ سببُ الخفقانِ اختلالٌ أو اضطرابٌ في نَظْمِ القلبِ، وذلك لا يعني بالضرورة أنَّهُ ينبضُ بسرعةٍ أكبرَ أو أقلَّ من المعتادِ، بل أنَّه ينبضُ بطريقةٍ غير طبيعيَّة، لكن لا داعي للخوف، فالتَّوتُّر قد يكون سبباً لهذا الاضطراب أحياناً ويزولُ بمجرَّدِ استرخاءِ الشَّخص. ولكن في بعضِ الأحيان يكونُ هذا الخفقان شديداً أو مزعجاً أكثر من اللَّازم ويترافقُ مع الدُّوار أو حتى الإغماء، والسببُ في هذه الحالات قد يكون مرضيّاً مثل أمراضِ القلبِ، أو اضطرابات توازن شواردِ الدَّم وخاصَّةً الصُّوديوم والبوتاسيوم، أو بعد احتشاء العضلة القلبيَّة، أو في طور الشِّفاء بعد عملٍ جراحيّ للقلب، إضافةً للأدويةِ المُستخدَمة لعلاجِ اضطراباتِ النَّظْمِ نفسِها والتي تجعلُ من هذه الاضطرابات أسوأ مثل حاصرات بيتا وحاصرات الأقنيَّة الكلسية. ✓ لكن كيفَ تتظاهرُ اضطرابات النَّظْمِ القلبيّ؟ قد تكونُ هذه الاضطرابات غيرَ عرضيّةٍ عندَ بعضِ المرضى، وقد تتظاهر عند آخرين ببعضٍ ممَّا يلي: 1- الخفقان. 2- شعورٌ بضرباتٍ قويّةٍ في الصدر. 3- الدُّوار. 4- الإغماء. 5- قصرُ التَّنفس أو ضيق في التنفس. 6- آلامٌ في الصدر. 7- الضعف والوهن. ✓ هنا قد يتساءَلُ البعضُ، إن لم تكن عرضيّةً كيفَ يمكنُ كشفُها عندئذٍ؟ قد تُكشَفُ صدفةً أثناءَ الفحصِ الطبيّ، وتظهرُ باستخدامِ جهازِ تخطيطِ القلبِ الكهربائيّ Electrocardiogram (ECG) غالباً، بوضعِ مساراتٍ عدّة على سطحِ الجلد، وهو إجراءٌ سريعٌ وسهل وغير مؤلم نهائيّاً. يمكنُ اللُّجوء إلى أجهزةٍ أخرى مثل الهولتر Holter monitor ، وهو يعمدُ إلى مراقبةٍ كهربائيّةٍ للقلب باستخدام جهاز تخطيطٍ خاص يُربَطُ إلى الجسم، ويُراقَبُ عملُ القلبِ ليومٍ أو يومين عبرَه. وهناك اختباراتٌ وفحوصاتٌ أُخرى مثل اختبارُ الجهد -تخطيط القلب الكهربائيّ أثناءَ المشي على البساطِ المتحرّك- وتصويرُ أجوافِ القلب بالأمواج فوق الصوتيّة والقثطرةُ القلبيَّة ووسائل أخرى. ✓ لماذا يتردَّدُ على مسامعِنا مصطلحُ اضطرابات نَظْم القلب بالجمع؟ لأنَّ لهذه الاضطرابات أشكالٌ عدّة وفق منشئها: 1- خوارجُ الانقباض Premature Beats: أكثرُ الاضطرابات شيوعاً وهي ضرباتٌ قلبيّةٌ باكرةٌ غالباً وغير عرضيّة أو تسبِّبُ بعضَ الخفقان، يمكنُ أن تحدث طبيعيَّاً أو بسبب الإفراط في التَّمارين الرياضيَّة وتناول المنبّهات والتدخين، وقد تكون أذينيّة (حجرتا القلب العلويتان) أو بطينيّة (حجرتا القلب السفليتان). 2- اضطراباتُ النَّظْم فوق البطينيّة Supraventricular Arrhythmias: اضطراباتُ نَظْمٍ سريعة، أي يرتفع فيها معدّل ضربات القلب عن معدَّلهِ الطبيعيّ في الشَّخصِ الواحد، وتنشأ هذه الاضطرابات من الأذينتين أو من العقدة الأذينية البطينية (مجموعة من الخلايا بين الأذينتين والبطينين)، وتتضمّن كلاً من: ● الرفرفة الأذينيّة: وهي ضرباتٌ أذينيّة سريعة منتظمة. ● تسرُّع القلب فوق البطيني الانتيابي: وهو تسرُّع قلب شديد فجائيّ يبدأ فجأةً وينتهي فجأةً. ● متلازمةُ وولف باركنسون وايت. ● والأهمّ هو الرَّجفان الأذينيّ. فالرَّجفانُ الأذينيّ Atrial Fibrillation هو النَّمطُ الأشيع من اضطرابات النَّظْم الخطيرة، وهو ضرباتٌ أذينيّةٌ سريعةٌ وغير منتظمة، إذ يبدأُ التَّنبيهُ الكهربائيّ للقلب من بؤرةٍ شاذّة بالقربِ من الأوردة الرِّئويّة وينتشرُ عشوائيَّاً بسرعةٍ تفوق 300 إشارة في الدَّقيقة، مما يجعلُ جدرانَ الأذين غير قادرة على الانقباض وترتجفُ بسرعةٍ عاجزةً عن ضخِّ الدم إلى البطين كما في الحالةِ الطَّبيعيّة. و تكمنُ الخطورةُ الحقيقيّة بانتقالِ هذه التَّنبيهات الشاذّة للبطين، ممَّا يؤدِّي إلى رجفانِهِ وبالتَّالي عدمِ ضخِّ الدَّم إلى الجسم بصورةٍ طبيعيَّة، مما يشكِّلُ خطورةً على الحياةِ والموت في النِّهاية. تُعدُّ الأذيَّة أو الخلل في كهربائيَّةِ القلب المسبِّبَ الرَّئيس للرَّجفانِ الأذينيّ، ويحدثُ هذا الخللُ في كهربائيَّةِ القلب نتيجةً لأسبابٍ عدَّة تؤثِّرُ مباشرةً على صحَّةِ القلب، ويُعدُّ ارتفاعُ ضغطِ الدَّم ومرضُ القلب الإكليليّ والأمراضُ الرَّثويّة التي تصيبُ القلب المتَّهمَ الرئيس في هذه الحالة. تُعَدُّ الخثراتُ الدمويَّة في الأذينة من أهمّ مضاعفاتِ الرَّجفانِ الأذينيّ، والتي تحدثُ -الخثرات- نتيجةَ الركودة الدمويّة الناجمة عن غياب الانقباض، وهذا يحمل خطورةَ انطلاقِ بعض هذه الخثرات خارج الأذينة، وبالتَّالي خارج القلب ممَّا يؤدّي إلى انقطاعٍ فجائيّ للتَّروية عن أجزاءٍ معيَّنةٍ من الجسم نتيجةَ انسداد الشَّريانِ المغذّي لها بهذه الخثرة، ويُعَدُّ فشلُ القلبِ النَّاتجِ عن عدمِ ضخِّ ما يكفي من الدَّم إلى الجسم بسبب عدمِ امتلاءِ البطينات الكافي أحد المضاعفات الخَطِرة الأخرى الناجمة عن الرَّجفانِ الأذيني. 3- اضطرابات النَّظْم البطينيَّة Ventricular Arrhythmias: تبدأُ الاضطراباتُ هنا في البطينين وقد تكونُ خطيرةً جدّاً، وتحتاجُ لعنايةٍ طبّيّةٍ فوريّةٍ عادةً، وتتضمَّنُ تسرّعَ القلبِ البطيني الذي يعرّف كضربات بطينية سريعةٍ جدّاً ولكنَّها منتظمة تدوم لثوانٍ عدَّة، وتتضمَّنُ اضطراباتُ النَّظْم البطينيَّة إضافةً للتَّسرُّعِ البطينيّ أيضاً نوعاً خطراً من اضطرابات النَّظْم يُعرَفُ بالرَّجفان البطينيّ الذي يحدثُ بسببِ انتشارِ الإشاراتِ الكهربائيَّةِ العشوائيَّة في البطينين، دافعةً البطين إلى الارتجاف عوضاً عن الانقباض، ويؤدي فشلُ الانقباضِ هذا إلى مضاعفاتٍ قلبيَّةٍ خطرة تنتهي بحدوثِ الوفاة ما لم يُزَل الرَّجفان بوساطة جهازِ الصَّدماتِ الكهربائيَّة، ويحدثُ هذا الرَّجفانُ غالباً أثناء أو بعد احتشاء العضلة القلبية. وتُعَدُّ أمراضُ القلبِ الإكليليَّة كما في الرجفان الأذينيّ أحد المسبِّبات لحدوث اضطرابات النَّظْم البطينيَّة، إضافةً للسَّكتات القلبيَّة وضعفِ عضلةِ القلب وأسباب أخرى. 4- اضطرابات النَّظْم البطيئة Bradyarrhythmias : يكونُ معدَّل ضربات القلب أقل من 60 ضربة في دقيقة، ممَّا قد يؤدي إلى عدمِ وصولِ كميَّاتٍ كافيةٍ من الدَّم للدماغ فيحدث فقدان الوعي. ✓ إذاً اضطرابات النَّظْم ليست بالأمر البسيط دائماً فكيف تُعالَج؟ 1- باستخدامِ الأدوية: تبطّئ بعض الأدوية نَظْم القلب السَّريع مثل حاصرات بيتا وحاصرات الأقنية الكلسيَّة والديجوكسين إذ تُستعمَلُ لعلاجِ الرجفان الأذينيّ في معظم الأحيان، وتعيدُ بعضُ الأدوية نَظْم القلب إلى الطبيعي مثل أميودارون Amiodarone وسوتالول Sotalol وبروبافينون Propafenone، ولكنَّها تُحدثُ تأثيرات جانبيَّة غالباً تتضمَّنُ تفاقمَ اضطراباتِ النَّظْم أو ظهور اضطرابات جديدة، ولا يوجد أدوية تسرّع نَظْم القلب البطيء لذلك نلجأُ إلى ناظم الخطا في هذه الحالات. إضافةً لاستعمالِ الأدوية المميِّعة للدم خاصَّة عند مرضى الرَّجفان الأذيني للوقاية من تشكُّلِ الخثرات وانطلاق الصمّات، مثل الوارفارين والأسبيرين والهيبارين. 2- إذا لم يكن بالإمكان السيطرة على الحالة باستخدام الأدوية فيجبُ اللُّجوء إلى جهاز الصَّدماتِ الكهربائيَّة أو جهاز قلب النَّظْم القلبيّ Electrical Cardioversion، مما يسمحُ باستعادة النظم الطَّبيعي للقلب. 3- ناظم الخطا Pacemaker: جهازٌ يقومُ بإرسال نبضاتٍ كهربائيَّة للقلب للحفاظِ على نَظْمٍ قلبيٍّ منتظم. 4- مزيلُ الرَّجفان وقالبُ النَّظْم القابل للزرع Implantable Cardioverter Defibrillator (ICD): يستعملُ على نحوٍ رئيس لعلاجِ مرضى تسرُّع القلب البطينيّ والرَّجفان البطينيّ، إذ يراقب نَظْمَ القلب باستمرار، وعند التقاطِ أي نَظْم سريع غير منتظم يقوم بإرسالِ صدمةٍ كهربائيَّةٍ للقلب لاستعادةِ النَّظْم الطبيعي. 5- إزالة البؤرة المسؤولة عن إصدارِ الإشارات الكهربائيّة الشاذّة بعمليةِ القلب المفتوح وتسمَّى عمليَّة مايز، أو عبر الاستئصال بالقثطرة باستخدام تقنيّاتٍ تعتمد على إصدارِ طاقةٍ كهربائيَّةٍ عاليةِ التَّردُّد.
المصدر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا