دواءٌ في منازلِنا مُتَّهمٌ بالتسبُّبِ بالسرطان!
الطب >>>> مقالات طبية
وحاولَ الاختصاصيُّونَ على مرِّ السنواتِ إيجادَ حلولٍ للمشكلاتِ المتعلقةِ بحمضِ المعدةِ، فاكتُشِفَ في سبعينياتِ القرنِ الماضي (السيميتيدين)، وهو دواءٌ يستهدفُ إنتاجَ الحمضِ المعديِّ بحدِّ ذاتِه، ولقيَ نجاحًا تجاريًّا كبيرًا، وتبعَهُ فيما بعدُ عدةُ أدويةٍ من الفئةِ نفسِها والتي تُعرَفُ باسمِ حاصراتِ H2 ومنها: الرانتيدين والفاموتيدين.
وأمَّا في الوقتِ الحاليِّ فقدْ طغى نوعٌ جديدٌ من الأدويةِ تعرفُ بمثبطاتِ مضخةِ البروتون PPIS، وأصبحَتْ منْ أكثرِ الأدويةِ شيوعًا والتي توصفُ بغرضِ معالجةِ بعضِ المشكلاتِ أو على الأقلِ تخفيفِها عن طريقِ خفضِ مستوياتِ الحمضِ المعديِّ. وهيَ تشملُ عدةَ أدويةٍ مثلَ: Omeprazole، Lansoprazole، Esomeprazole. وتُستخدَمُ هذهِ الأدويةُ ضمنَ الخُطةِ العلاجيةِ لدى المصابينَ بجرثومةِ الملويةِ البوابيةِ H.Pylori المرتبطةِ بحدوثِ سرطانِ المعدةِ؛ وقدْ ثبتَ تفوُّقُ الـ PPIS على حاصراتِ H2 في علاجِ قرحاتِ المعدةِ والعفجِ، وكذلكَ في علاجِ الجزرِ المعديِّ المريئيِّ *GERD .
ولكنَّ هذا التفوُّقَ قدْ يكونُ مهددًا بالخطرِ؛ إذْ اتهمَتْ دراسةٌ جديدةٌ أعدَّتها جامعةُ هونغ كونغ أدويةَ الـ PPIS بأنهَا قدْ ترتبطُ معَ حدوثِ سرطانِ المعدةِ، وذكرَتِ الدراسةُ أنَّ الخطرَ يعتمدُ على كلٍّ من كميةِ أخذِ الدواءِ ومدّتها. وعلى الرغمِ منْ أنَّ خطرَ الإصابةِ بالسرطانِ ينخفضُ بعدَ القضاءِ على جراثيمِ H.Pylori، لكنَّ العديدَ منَ الأشخاصِ المعالَجينَ بالـPPIS أُصيبوا بسرطانِ المعدةِ؛ وهنا كانتِ الحاجةُ لإجراءِ دراساتٍ في هذا الموضوعِ.
وفي محاولةٍ لتقييمِ دورِ هذهِ البكتيريا؛ قارنَ الباحثُ في جامعةِ هونغ كونغ، البروفيسور Wai Keung Leung وزملاؤُه نتائجَ استخدامِ الـ PPIS مع فئةٍ أخرى من الأدويةِ المستعمَلةِ للتقليلِ منْ حمضِ المعدةِ، وهي حاصراتُ H2. وتابعتِ الدراسةُ قرابةَ 63400 مريضٍ في "هونغ كونغ" عُولِجوا بمشاركةِ الـ PPIS مع نوعَينِ منَ الصادَّاتِ الحيويةِ بهدفِ القضاءِ على H.Pylori طيلةَ 7 سنواتٍ وسطيًا، وكانَ المرضَى إمّا طوّروا سرطاناً في المعدة أو تُوفُّوا في أثناء الدراسة؛ وإمَّا انتهتِ الدراسةُ دون متابعةِ من تبقّى منهم.
وفي غضون هذهِ المدةِ؛ أخذَ أكثرُ من 3200 شخصٍ الـ PPIS قرابةَ 3 سنواتٍ، في حين تناولَ قرابةُ 22000 مريضٍ الأدويةَ حاصراتِ H2. وفي المجملِ؛ فإنَّ 153 شخصًا طوروا سرطانًا في المعدةِ بعدَ أنْ عُولجوا بالـ PPIS بالمشاركةِ مع نوعينِ من الصاداتِ الحيويةِ، وذلكَ على الرغمِ منْ أنَّ نتائجَ تحاليلِ هؤلاءِ المرضى لم تَبْدُ إيجابيةً في تحري وجودِ الـ H.Pylori، لكنَّهم عانوا جميعًا من التهابٍ مزمنٍ في المعدةِ.
وقدْ وَجدَ الباحثونَ أنَّ الـ PPIS ارتبطَتْ بزيادةِ خطرِ الإصابةِ بسرطانِ المعدةِ إلى الضعفِ مقارنةً معَ حاصراتِ H2، والتي لمْ تترافقْ مع أيّةِ زيادةٍ في خطرِ الإصابةِ، وبينوا علاقتَها بكلٍّ من الكميةِ المأخوذةِ منَ الدواءِ ومدةِ تناولِه؛ إذْ تتضاعفُ الخطورةُ أربعَ مرَّاتٍ عند مَنْ يأخذُ الدواءَ يوميًا مقارنةً بِمنْ يأخذُهُ مرةً أسبوعيًا، وهي تتناسبُ طردًا معَ مدةِ تناولِ الدواءِ؛ فهي ترتفعُ إلى خمسةِ أضعافٍ بعدَ سنةٍ، وإلى ستَّةِ أضعافٍ بعدَ سنتينِ، وتزدادُ أكثرَ منْ ثمانِ مراتٍ بعدَ ثلاثِ سنواتٍ أو أكثرَ منْ تناولِ الدواءِ.
ولكنْ لمْ تستطعْ الدراسةُ إثباتَ أنَّ الأدويةَ التي تعملُ بآليةِ تثبيطِ مضخاتِ البروتون هي سببُ المرضِ، فعلى الرغمِ منْ احتماليةِ وجودِ علاقةِ بين استعمالِ هذهِ الأدويةِ والإصابةِ بالسرطانِ، لكنَّها ما زالتْ تُعدُّ أدويةً آمنةً.
ويقولُ Sherif Andrawes الدكتور في مستشفى جامعةِ ستاتن أيلاند في نيويورك: "توجدُ العديدُ من الحالاتِ الطبيةِ التي تقتضي المعالجةَ بالـ PPIS والتي يكونُ فيها خطرُ التأثيرِ الجانبيِّ للدواءِ أقلُّ من خطرِ تطورِ المرضِ الأساسيِّ إلى نزفٍ أو إلى سرطانٍ في منطقةٍ أخرى من السبيلِ الهضميِّ، ومثلاً؛ تساعدُ هذهِ الأدويةَ في تخفيفِ حمضِ المعدةِ والوقايةِ منْ سرطانِ المريءِ عند المصابينَ بمريءِ باريت. ولكنْ وفي حالاتٍ أخرى مثلًا؛ كحالةِ مريضٍ يعاني من أعراضِ القَلَسِ؛ علينا أولًا أنْ نعملَ على تعديلِ نمطِ حياةِ المريضِ وحميتِه قبلَ أنْ نبدأَ المعالجةَ بالـ PPIS".
وعلينا ألاَّ نغفلُ الثغراتِ التي حوَتها الدراسةُ والتي قدْ تدفعُنا إلى إعادةِ النظرِ في هذه النتائجِ، فالدراسةُ لمْ تبحثْ في العواملِ الأخرى التي تزيدُ خطورةَ الإصابةِ بسرطانِ المعدةِ مثلَ الكحولِ واستخدامِ التبغِ فلمْ يَجمَعِ الباحثونَ هذهِ البياناتِ لدى المرضى. ومعظمُ المرضى في هذهِ الدراسةِ صينيونَ؛ إذْ يرتفعُ خطرُ الإصابةِ بسرطانٍ في المعدةِ لدى العرقِ الآسيويِّ مقارنةً معَ باقي السكانِ.
وفي النهايةِ؛ لا بدَّ منْ معرفةِ أنَّ مثبطاتِ مضخةِ البروتون (PPIS) لها تأثيراتُها الجانبيةُ كباقي الأدويةِ ولا ينصحُ بأخذِها مدّةً طويلةً، وفي حالِ كنتَ تستخدمُها فترةً طويلةً فيمكنكَ مناقشةُ ذلكَ معَ طبيبِكَ للبحثِ عن طرقِ علاجٍ أفضلَ إنْ أمكنَ ذلكَ.
*الجزرُ المعديُّ المريئيُّ: يحدثُ عندما تعودُ كميةٌ من العصارةِ المعديةِ إلى المريءِ متجاوزةً الحدَّ الطبيعيَّ، وقدْ تترافقُ معَ حدوثِ أعراضٍ تتضمنُ حُرقةً في الفؤادِ. ولمعرفة المزيد يمكنكم العودة إلى مقالنا: هنا
المصدر:
هنا
هنا
هنا
مصدر الحاشية:
هنا