كيفَ تعملُ البلوكتشين (Blockchain)على تحسينِ سلسلةِ التوريدِ الدوليةِ؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
وفي الوقتِ الحاليِّ؛ ظهرتْ كثيرٌ من المشروعاتِ الجديدةِ الهادفةِ إلى حلِّ هذهِ المشكلةِ باستخدامِ تقنيةِ البلوكتشين (Blockchain)؛ إذ تقومُ هذهِ التقنيةُ على توثيقٍ كاملٍ لكلِّ مراحلِ تدفقِ المنتجِ بينَ المشروعاتِ أو عبرَ الحدودِ، وذلكَ عن طريقِ سجلٍّ موحدٍ لنشاطِ سلسلةِ التوريدِ.
وباستخدامِ تقنيةِ البلوكتشين (Blockchain) تقوم حاسباتٌ مملوكةٌ من شركاتٍ خاصةٍ مختلفةٍ بتتَّبعِ بروتوكولِ تشفيرٍ للتحققِ من صحةِ التحديثاتِ الواردةِ على سجلِّ عملياتٍ موحدٍ؛ فإنَّ الفائدةَ الأساسيةَ لهذا النظامِ الموزَّعِ والذي لا تملكُ أيَّةُ شركةٍ القدرةَ على التحكمِ بِهِ هي أنَّه يَحُلُّ مشكلةَ الإفصاحِ والمسؤوليةِ بينَ الشركاتِ والأفرادِ الذينَ لا تتطابقُ مصالحُهم بالضرورةِ؛ إذ تَتبَدلُ المعلوماتُ تلقائيّاً دونَ الحاجةِ لعملياتِ المطابقةِ المُرهِقةِ بينَ البياناتِ الداخليةِ لكلِّ منشأةٍ، والتي تكونُ عُرضةً للخطأِ غالبًا، وبذلكَ توفرُ هذهِ التقنيةُ لكلِّ عضوٍ في الشبكةِ وصولًا للمعلوماتِ المتضَمَّنَةِ في كاملِ العمليةِ بدقةٍ وشفافيةٍ وملاءَمةٍ.
وباختصارٍ؛ فإنَّ تقنيةَ البلوكتشين (Blockchain) هي نظامٌ دوليٌّ للوساطةِ بثقةٍ وللشفافيةِ الانتقائيةِ؛ ولذلكَ سوفَ تنقلُ الإمكانياتِ الكبيرةِ التي وفرَّها الإنترنت إلى مستوىً آخرَ أعلى؛ إذ إنَّ هذهِ التقنيةَ تسمحُ بكشفِ معلوماتٍ مخبأةٍ، وتسمحُ للمستخدمينَ بوصلِ أجهزةٍ رقميةٍ خاصةٍ متوافِقةٍ مع نظامِ البت كوين (Bitcoin) ليؤدوا دورَ الوسطاءِ على طولِ السلسلةِ من الإنتاجِ إلى الشحنِ إلى التسليمِ؛ الأمرُ الذي سيُعطي قطاعَ الأعمالِ مرونةً عاليةً جداً في إيجادِ الأسواقِ وتَخطِي مخاطرَ الأسعارِ، وذلكَ عن طريقِ معرفةِ قيمةِ الأموالِ المستثمرةِ في أيّةِ نقطةٍ على سلسلةِ التوريدِ، وبالمحصلةِ سيَحصُلُ كلُّ مستخدمِي السلسلةِ على سلسلةِ طلبٍ ديناميكيةٍ تَحِلُّ محلَّ سلسلةِ التوريدِ الجامدةِ وتُوفِرُ لهم كفاءةَ استخدامٍ عاليةً للمواردِ.
وقد بُدِئَ بالفعلِ بناءُ واستخدامُ البلوكتشين (Blockchain) في بعضِ مناطقِ العالمِ؛ فقدْ فعلَّتْ شركةُ "Provenance" الناشئةُ في بريطانيا خدمتَها القائمةَ على تكنولوجيا البلوكتشين والتي تسمحُ للمستخدمينَ بمشاركةِ مراحلِ إنتاجِ منتجٍ معينٍ، وتقييمِ أثرِ نشاطهِم الإنتاجيِّ على البيئةِ والمجتمعِ، وبدأتْ شركةُ "Wallmart" أيضاً بالعملِ مع شركةِ "IBM" وجامعةِ "Tsinghua" الصينيةِ لتتبعِ حركةِ إنتاجِ لحمِ الخنزيرِ في الصينِ لأجلِ منعِ حدوثِ حالاتِ تسممٍ أو وفاةٍ بسببِ اللحومِ الفاسدةِ.
إنَّ تحسنَ الكفاءةِ الناتجِ عنِ استخدامِ تكنولوجيا البلوكتشين (Blockchain) كفيلٌ بتوفيرِ مبالغَ هائلةٍ على الشركاتِ في كلِّ مكانٍ في العالمِ؛ لكن يُوجد كثيرٌ من العقباتِ التي تواجهُ تطبيقَ هذهِ التكنولوجيا والتي يجبُ التغلبِ عليها أولاً، وأهمُّ التحدياتِ هي تنميةُ وَحوكمةُ التكنولوجيا؛ إذ إنَّ تشجيعَ الوصولِ الحرِّ للمعلوماتِ والمنافسةِ والابتكارِ المفتوحِ يتطلبُ وجودَ مرجعٍ عامٍ مستقلٍ لدى سلسلةِ التوريدِ الدوليةِ؛ إذ لا يخضعُ للتحكمِ من أيَّةِ مؤسسةٍ؛ وبعبارة أخرى؛ إنَّ البياناتِ المتعلقةِ بالأنشطةِ التجاريةِ والإنتاجيةِ ستكونُ مُسجَّلةً بشيفراتٍ في سجلٍّ مفتوحٍ للجميعِ؛ لكنْ بالمقابلِ سوفَ تظهرُ سجلاتٌ مغلقةٌ خاصةٌ بتحالفاتٍ معينةٍ من الشركاتٍ لأنَّ هذهِ الشركاتِ ستسعى لحمايةِ حصصِها السوقيةِ وأرباحِها، ولذلكَ فإنَّ تحقيقَ الإمكانيةِ الاقتصاديةِ الدوليةِ لبلوكتشين (Blockchain) عامةً دوليةً مزودةً بخدمةِ عملةٍ إلكترونيةٍ (بت كوين) ومنصةٍ تعاقديةٍ ذكيةٍ، هو أمرٌ مقيدٌ بالانقساماتِ الحادثةِ بينَ التحالفاتِ المشاركةِ في المصدرِ المفتوحِ، وهذهِ الانقساماتُ من شأنِها أنْ تجعلَ عملياتِ الاتفاقِ على تحديثِ بروتوكولٍ معينٍ غايةً في الصعوبةِ، ويضافُ إلى ذلكَ الاختلافُ الكبيرُ في القوانينِ بينَ الدولِ؛ إذ تُوجدُ سلسلةٌ كبيرةٌ من القوانينِ والتشريعاتِ (القوانين البحرية والتجارية وحقوق الملكية...إلخ) والتي تختلفُ جوهرياً بينَ الدولِ، وهذا يجعلُ من التزاوجِ بينَ هذهِ الكتلةِ الجامدةِ من القوانينِ والتشريعاتِ والمؤسساتِ التي يُديرها البشرُ من جهةِ وهويةِ البلوكتشين الرقميةِ غيرِ الماديةِ المؤتمتة والعابرةِ للأممِ والقاراتِ من جهةِ أخرى مسألةً معقدةً وصعبةً.
وفي النهاية؛ ستعملُ تقنيةُ البلوكتشين على تطويرِ سلسلةِ التوريدِ الدوليةِ وسلاستها، وستفتحُ المجالَ لرفعِ الكفاءةِ المحليةِ والدوليةِ لاستخدامِ المواردِ وتوفيرِ فرصِ عملٍ من نوعٍ جديدٍ كلياً؛ وعلى الرَّغمِ منْ كلِّ العقباتِ والتحدياتِ فإنَّ مسألةَ تطبيقِ البلوكتشين هي مسألةُ وقتٍ فقطْ.
المصدر: هنا