الطب أم الفن؟

هل ألاحِق شغَفي؟ أم أتْبَع رغباتِ والدَيّ؟ سؤالٌ قد يراوِدُ أذهانَ العديد من الطلاب، خاصّةً مع اقترابِ موعد المفاضلة وبَدْء التسجيل في الجامعات، وتزدادُ صعوبةُ اتّخاذِ القرارِ بتباعُدِ الميولِ بين الفرعَين المُحتمَلَين واهتماماتِهِما ومجال عمَلِهِما؛ كأنْ يُضطَّرَ أحدهم للاختيار بين كُليَّة الفنون وإحدى الكُليات الطبية، فما العمل؟! وهل نستطيعُ أن نجمع الأمرَين معًا؟

فلنتعرف إلى فرانك نتر؛ الطبيبِ الفنان الذي ترَكَ بصمتَه الخاصّة.

وُلِد فرانك نتر في مدينة نيويورك عام 1906، والتحق بالأكاديمية الوطنية للفن والتصميم، لكنّه ارتاد كُليَّة الطبِّ تلبيةً لرغبة والده، وقد جذبت رسوماتُه الطبيّة في فترةِ دراسَتِهِ اهتمامَ الهيئة الطبية والعديدَ من الأطباء، ممّا دفعَه إلى رسم العديدِ من الكُتيّباتِ والمقالات الطبيّة وتصميمها بهدف تأمين مصروفِه الخاص. وتخرّج الدكتور فرانك وأنهى اختصاصه في الجراحة، ولكنّه أغلق عيادته فيما بعد ليُسخِّرَ وقتَه كاملًا للرُّسوم الطبيّة.

في البداية؛ نَشَرت العديدُ من الشَّركات رسومات د.نتر، ولكنّه وقّعَ عَقْداً فيما بعد مع شركة Ciba Pharmaceutical Company الّتي أرادت نشرَ موادَّ تعليميّةٍ طبيّة. وبين عامَي 1949 و 1991 قامت بنشر مجموعةٍ من 15 أطلسًا مُلوَّنًا تُعرَف بـ" مجموعة نتر للرسوم الطبية التوضيحية" Netter Collection of Medical Illustrations" تُصوّرُ جِسمَ الإنسان في كلٍّ من حالَي الصّحَّة والمرض، كان من ضِمنها "أطلَسُ التَّشريح  Atlas of Human Anatomy" الّذي يُعدُّ من أكثر الأطالس انتشارًا في أنحاء العالم.

تنبع أهميّةُ ما فعله دكتور نتر من قدرةِ الفنِّ على المُساعدَةِ في دِراسَة العلوم الطّبيّة والمعلومات المُعقّدة في العديد من العلوم وفهمها؛ كعِلْم التّشريح وعلم النُّسُج، وتستَطيعُ الرّسوم أن توضِّحَ الإجراءاتِ الجراحية بطريقةٍ تعجَزُ عن شرحها المفرداتُ اللغوية شرحًا وافيًا. وقد مرَّ مُعظَم الأخصّائيين الطّبيين في أثناء دراستهم على إحدى رسومِ دكتور فرانك نتر. وعلى الرَّغم من أنَّه تُوفّيَ عامَ 1991؛ لكنَّ إرْثَه وفنَّه لا يزالان موجودَين حتّى الآن. 

المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا