أنشأ باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT أداة تسمى «محلل المعاني» تحاكي تجربة الأطفال الذين يتعلمون اللغة؛ إذ يؤدي محلل المعاني ما يفعله الأطفال عادة - يلاحظون بيئاتهم ويستمعون إلى المتحدثين، بغض النظر عما إذا كانوا يفهمون بالفعل ما يقولونه أم لا؛ يراقب هذا النظام مقاطع فيديو مع شرح نصّي عليها ويربط الكلمات التي يقولها المتحدثون مع الأشياء والأفعال المسجلة.

وسيساعد هذا النظام على إحداث ثورة في كيفية عمل أدوات تحليل المعاني؛ إذ يتعلم الأطفال عادة بمراقبة الأشخاص وهم يتحدثون ويتفاعلون مع بيئتهم؛ أما محلل المعاني فهو ’يتعلم‘ من جمل مشروحة أو إجابات مباشرة عن الأسئلة، ويمكن عن طريق هذا النظام الجديد أن يَستعمل محلل المعاني البياناتِ البصرية لمراقبة بيئته بهدف تعزيز فهمه للأوامر الشفهية، حتى لو لم تكن واضحة.

ويقول (أندريه باربو)، الباحث في مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الصنعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومختبر الذكاء الصنعي CSAIL ومركز الأدمغة والعقول والآلات CBMM: «يتحدث الناس مع بعضهم بعضًا في جمل ناقصة وأفكار متداخلة ولغة ملتبسة؛ فالمطلوب هو روبوت يتكيف مع طريقة التحدث الطبيعية للناس، ويعرف ما يعنونه».

ويمكن أن يساعد المحللُ اللغوي أيضًا على إعطاء الباحثين فكرة عن فهم كيفية تعلم الأطفال الصغار للغة؛ يقول الباحث المشارك في الدراسة (بوريس كاتز)، وهو عالم أبحاث رئيس ورئيس مجموعة InfoLab في CSAIL: «يمكن للطفل الوصول إلى معلومات وافرة ومُتكامِلة بطرائق مختلفة، تتضمن الاستماع إلى الوالدين والأشقاء يتحدثون عن العالم، بالإضافة إلى المعلومات اللمسية والمعلومات المرئية التي تساعده على فهم العالم. إن معالجة كل هذه المدخلات الحسية المتزامنة لغزٌ مذهل، وهو جزء من محاولة فهم كيفية حدوث هذا النوع من التعلم في العالم».

المحلل الجديد هو الأول الذي يُدرَّب باستخدام الفيديو؛ فإذا كان المحلل اللغوي غير متأكد مما يقال له، يمكنه استخدام نماذج بصرية للمساعدة، وقد جمع الباحثون أكثر من 400 مقطع فيديو تصور أشخاصًا يؤدون أنشطة مختلفة مثل التقاط غرض ما، ووضع غرض ما، والمشي نحو غرض ما، فقط لإعطاء بعض الأمثلة، ومن ثم يُكلَّف المحلل اللغوي بمهمة شرح الفيديو.

وعلى غرار الطريقة التي يتعلم بها الأطفال، يتعلم المحلل عن طريق الملاحظة دون تفاعل، ولتحديد ما إذا كان الشرح التوضيحي لمقطع الفيديو صحيحًا، يجب على المحلل بالضرورة تحديدُ أعلى احتمالية لمعنى الشرح التوضيحي؛ يوضح (باربو): «الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كانت جملة الفيديو صحيحة هي أن تمر عبر هذه الخطوة الوسيطة، ألا وهي ’ماذا تعني الجملة؟‘، وإلا لا يمكن ربط الاثنين. نحن لا نعطي النظام معنى الجملة، بل نقول ’هناك جملة وفيديو، ويجب أن تكون الجملة متطابقة مع الفيديو؛ استكشِف رابطًا وسيطًا يجعل الجملة تنطبق على الفيديو‘.» وتضيف الباحثة المشاركة (كانديس روس): «يتفاعل الأطفال مع البيئة في أثناء تعلمهم، وفكرتنا هي أن يكون لدينا نموذج يمكنه أيضًا استخدام الإدراك للتعلم».

المصدر: 
هنا