الطبيعة أم التربية: ردّ علم النفس على النظرية الفلسفية لتكوُّن الشخصية.
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
هل لمورثاتي دور بما وصلتُ إليه الآن، أم أن تجارب الحياة هي الأهم؟
قد أثار هذا التساؤل الجدل في أدمغتنا، وفي علم النفس أيضًا؛ إذ أثار الخلافَ بين الأصوليين -الذين يفترضون أن الفروق الفردية ترجع إلى الشيفرة الوراثية الفريدة لكل شخص- وأصحاب الفلسفة التجريبية الذين يؤمنون بأن الإنسان يولد صفحةً بيضاء تملؤها خبرات الحياة وتجاربها تدريجيًّا.
وقد أُجريت العديد من الأبحاث بهدف الإجابة عن السؤال الآتي: ما العامل الذي يُحدّد طباع الإنسان وشخصيته؛ الطبيعة أم البيئة؟
ففي حين أثبتت بعض الأبحاث أن احتمالية تطور الاضطراب ثنائي القطب تزداد من أربعة إلى ستة أضعاف عندما يكون هناك تاريخ عائلي للحالة؛ أثبتت أخرى أنه إذا عانت إحدى التوائم المتماثلة من انفصام الشخصية؛ فإنه لدى التوءم الآخر فرصة 50٪ لتطوير الحالة فقط، وهذا يعني أنه على الرغم من الدور المهمّ للبيئة؛ لكنّها ليست العامل الوحيد الذي يساهم في التأثير بالصحة النفسية.
وفي حين أُثبت أن إدمان الكحول يمكن أن يتكرر في العائلات، وأن بعض الجينات قد تؤثر في كيفية تذوق الكحول والطريقة التي يؤثر بها في الجسم؛ لم تُسلِّم الأخرى بأن أساس الإدمان جيني بالكامل؛ بل إن الجوانب البيئية - مثل عادات الوالدين أو الأصدقاء أو الشريك- عوامل مهمة تساهم في تطوير الإدمان.
وغيرها العديد من الأبحاث التي بدلاً من أن تقدم جوابًا عن السؤال؛ أفضت إلى نتيجة واحدة، ألا وهي أن سؤال "الطبيعة أم البيئة؟" هو سؤال خاطئ، فنستبدل الصيغة الآتية به:
"كم" هو تأثير الوراثة و "كم" هو تأثير البيئة ؟
ولكن في السنوات الأخيرة؛ كان هناك إدراك متنامٍ بأن حتى هذا الأخير قد يكون هو نفسه سؤال خاطئ؛ ذلك لكونه يفترض أنه يمكن التعبير رقميًا عن المتغيرات جميعًا (أي بأرقام تحدد نسبة تعبير كلّ من المورثات والبيئة)، وأنه يمكن حل المشكلة بطريقة كمية، والحقيقة هي أن الطبيعة والبيئة تتفاعلان في مجموعة من الطرائق المختلفة نوعيًّا، خذ ذكاءك كمثال؛ فالذكاء ظاهرة معقدة متعددة الجوانب تكشف نفسها (أولا!) بطرائق متنوعة.
وحتى الآن؛ فإن النتيجة الواضحة والمقبولة على نطاق واسع هي أن كلاً من الطبيعة والتنشئة مُهمتان بالنسبة إلى أي تصرف، ولا نستطيع القول بأن هذا الفعل موروث والآخر مكتسب؛ فطبيعتنا وتنشئتنا لا تفعلان ذلك بطرائق منفصلة؛ بل تتفاعلان بطرائق معقدة .
مصادر المقال
1-هنا
2-هنا
3-هنا