خمس خرافات عن الرياضيات
الرياضيات >>>> الرياضيات
الخرافة الأولى: بعض الناس عندهم "جين للرياضيات" في حين لا يمتلكه آخرون.
لا يوجد بحث علمي مقنع يظهر وجود أي استعداد جيني للتميز في الرياضيات. وفي الواقع؛ فإنَّه في العديد من الثقافات لا توجد فكرة "جين رياضي" إطلاقًا.
إذًا؛ كيف نُفسر امتلاك بعض الطلاب قدرةً رياضيَّةً فطريَّةً في المدرسة؟
ما إن نرى طالبًا قد حصَّل مفهومًا جيدًا حتى نستسهل أن نعزو ذلك إلى قدرة طبيعية، وهذا إسناد كاذب؛ ففي الحقيقة ما نفشل في رؤيته في تلك المواقف هو كل التجارب الرياضية في حياة الطفل قبل المدرسة وهي التي يمكن أن تُشكِّل اهتماماته وقدرته في الرياضيات.
فلدى العديد من الأطفال تجارب مع الكتل والليغو والدمى والألعاب، إضافةً إلى المحادثات الغنية مع البالغين عن الرياضيات خارج المدرسة. وهذه التجارب هي ما تجعل بعض الأطفال يبدون "طبيعيين".
وفي المقابل؛ فإنَّ الأطفال الذين لم تكن لديهم هذه التجارب في وقت مبكر، فيبدو أنَّهم لا يمتلكون "جين الرياضيات".
العواقب: يستخدم الطلاب الذين بدؤوا يبذلون جهدَهم مع الرياضيات هذه الأسطورة لإقناع أنفسهم بأنهم لا يملكون "جين الرياضيات" ومن ثم يستسلمون.
وعند الأطفال على الطرف الآخر من الطيف؛ فإنَّهم يصبحون مقتنعين بامتلاكهم "جين الرياضيات". ومن المفارقة أن هذا أمر سيء للغاية؛ لأنَّه يؤدي إلى عقليةٍ ثابتةٍ تدفع الطلابَ إلى الاستسلام بمجرد أن يبدؤوا ببذل جهدهم مع مفاهيم جديدة.
الحل: عليك أن تذكِّر طفلك باستمرار بأنه لا أحد يتفوق دون جهد، وأن هذا النضال جزء أساسي من التعلم، ثم إنه لا ينبغي لك أن تتوقع من الطفل أن يعزف سيمفونية بيتهوفن الخامسة دون أن يأخذ درسًا في البيانو، فلا نبغي أن تتوقع أن يتعلم الرياضيات دون بذل الجهد. ركز مديحك على أفعال إيجابية محددة يوضحها طفلك (الثناء الوصفي) وشجع عقلية النمو .
الخرافة الثانية: الأولاد أفضل من البنات في الرياضيات.
هذه الأسطورة قريبة من الخرافة الأولى. ومرة أخرى؛ لا يوجد أي بحث يدعم فكرة أن الأولاد أفضل جوهريًّا من البنات في الرياضيات.
ومع ذلك؛ فنحن نعلم أن البنات، بوصفهن شريحة سكانية، يفقدن الاهتمام بالرياضيات سريعًا من الأولاد. وهناك نوعان من الأسباب الرئيسة لذلك:
أ) تميل الفتيات إلى معرفة السبب بدلًا من حفظ الحقائق والخوارزميات. وغالبًا ما تتعارض هذه الرغبة في معرفة السبب مع أساليب التربية الرياضية التقليدية، وهذا ما يطفئ رغبة الفتيات في الرياضيات؛ إذ إنَّ الأولادَ أكثر قدرةً على تحمل الحفظ دون فهم.
ب) تتأثر الفتيات سلبًا عن طريق تلميحات خفية من نساء قدوة (الأمهات والمعلمات في المقام الأول).
للأسف؛ فإنَّ العديد من معلمي المرحلة الابتدائية لا يحبون الرياضيات ولا يرتاحون لتدريسها. وقد أظهرت الدراسات أن الفتيات يلتقطن عدم الثقة هذا من قدوتهن من النساء؛ وهو ما يؤدي إلى أداء ضعيف في الرياضيات.
العواقب: من المرجح أن تقول الفتيات: لا يمكنني حل الرياضيات، أو: لا أحبُّ الرياضيات. وتستسلم؛ وهذا ما يخرج الفتيات قبل الأوان من مجالات كالعلوم والهندسة؛ إذ يكون فهمُ الرياضيات أمرًا ضروريًّا.
الحل: إذا كنت والدًا لا يحب الرياضيات فاحتفظ بذلك لنفسك، وحاول أن تبدي موقفًا إيجابيًّا من الرياضيات على الدوام (تظاهر بالأمر حتى تنجح فيه).
تأكد من استخدام النوع ذاته من الثناء الوصفي المميز مع الخرافة الأولى.
الخرافة الثالثة: يحل الرياضيون المسائل بسرعة ولا يخطئون أبدًا.
إن حلَّ مسائل جديدة أو تعلم مواد جديدة هو أمر صعب ومستهلك للوقت على الدوام. في الحقيقة فإنَّ المسائل الوحيدة التي يحلها الرياضيون بسرعة هي تلك التي حُلَّت من قبل.
ما يميز الرياضيين هو قدرتهم على تحديد الأنماط، واستعدادهم لتجربة أفكار جديدة، ورغبتهم في المثابرة عن طريق الإخفاقات التي ستحدث باستمرار على طول الطريق.
العواقب: لا يتعلم الطلاب أبدًا أنه ليس من الصحيح فقط أن نرتكب أخطاء في الرياضيات، بل إن ذلك هو المطلوب؛ إذ يشعر الطلاب الذين يتوقعون الحصول على الإجابة الصحيحة في المحاولة الأولى على الدوام بالإحباط بسهولة ولا يتعلمون المثابرة أبدًا.
الحل: نحن بحاجة إلى منح الطلاب مزيدًا من الخبرات في التعلم القائم على حل المشكلات؛ إذ يضطرون إلى التعامل مع الأفكار والمفاهيم الجديدة، وأن يرتكبوا الأخطاء ويجدوا الطرائق لتصحيح التفكير الخاص بهم.
وللأسف؛ لا يحصل الطلاب على خبرات إبداعية كافية في الرياضيات في الفصول الدراسية التقليدية. وإن قضاء المزيد من الوقت في حصة الرياضيات وفي المنزل ينبغي أن يُخصَّص لطرح الأسئلة بدلًا من البحث عن حل للمشكلات التي سبق حلها.
الخرافة الرابعة: السرعة هي مقياس القدرة في الرياضيات.
العديد من الطلاب لديهم اعتقاد خاطئ بأنه كونك الأسرع والأول في حلِّ المسائل يثبت أنك ذكي في الرياضيات.
يأتي هذا من كيفية مكافأة الطلاب في الفصل والتأكيد على الاختبارات المحددة زمنيًّا.
تستخدم الاختبارات المحددة زمنيًّا في كثير من الأحيان في محاولة سيئة لمساعدة الطلاب على بناء التلقائية. وللأسف؛ فإن الاختبارات المحددة زمنيًّا تتسبَّب بقلق رياضي غير ضروري للطلاب قد يلازمهم مدى الحياة أيضًا. (فلماذا لا توجد مثلًا اختبارات محددة التوقيت للقراءة؟).
العواقب: يستعجل الطلاب في أثناء أدائهم المهام والاختبارات في محاولة لإثبات أنهم أذكياء عن طريق السرعة؛ ما يؤدي إلى العديد من الأخطاء نتيجة الإهمال.
الحل: عند العمل مع الطفل المندفع للحصول على الإجابات، تأكد من عدم إخباره فيما إذا كان على صواب أو خطأ. وعندما ينظر إليك للتأكد قل له: لا أعرف، ما رأيك؟؛ سيجبر هذا طفلَك على البَدء بالتفكير في مدى معقولية إجاباته ويجبره على التطوير عادةً لفحص عمله.
كذلك ذكِّر طفلك بأن ممارسة الرياضيات الحقيقية تشبه اللعب؛ فأنت لا تربح دائمًا، وأحيانًا تخسر لارتكابك الأخطاء. فبعد الخسارة يمكنك الاستسلام وعدم العودة، أو يمكنك تحليل الخسارة ومحاولة التحسن.
الخرافة الخامسة: الذاكرة القوية هي مفتاح التفوق في الرياضيات.
وجود عدد محدود من الحقائق الحسابية التي يجب حفظها لا يعني أنه كونك جيدًا في الرياضيات يتطلب ذاكرة قوية؛ إذ يعترف العديد من الرياضيين المحترفين بمعاناتهم في حفظ حقائق الرياضيات.
تستمر هذه الأسطورة؛ لأنه على مدى العقود العديدة الماضية تُعلم الرياضيات عن طريق تقسيم المفاهيم إلى حقائق وصيغ وخوارزميات خطوة خطوة. وقد تمكن الطلاب من النجاة في فصل الرياضيات عن طريق الحفظ وحده. ولسوء الحظ؛ سرعان ما تختفي ذكرياتهم ولا يتعلم الكثير.
بمجرد أن يفهم الطالب أنماط الرياضيات وبنيتها؛ فإنَّ كل شيء آخر يأخذ مجراه.
العواقب: يحاول الطلاب أن يحفظوا بدلًا من محاولة فهم ما يؤدونه؛ ما يؤدي إلى محدودية القدرة على التفكير وحل المشكلات. وهذا أحد الأسباب العديدة التي تجعل الطلاب يعانون مع المسائل الكلامية أيضًا.
الحل: يجب تشجيع الطلاب على تطوير فهم أعمق فيما يخصُّ ما يؤدونه في الرياضيات والاستفسار عن أسباب ذلك.
ويمكنك تعزيز هذا النوع من العقلية عن طريق مطالبة أطفالك بما يأتي:
- لماذا اخترت حل المشكلة بهذه الطريقة؟.
- أقنعني أن إجابتك أو استنتاجك صحيح.
- كيف تعرف ذلك؟.
- أنا لا أفهم، اشرحها لي.
- لماذا تظن أن هذا صحيح".
ملخص
كما ترى عزيزي القارئ؛ فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة عن الرياضيات، وهي التي يمكن أن تكون ضارة بالأطفال. وضَعْ هذه الأمور في حسبانك في أثناء توجيه طفلك عن طريق تعلمه الرياضيات في المدرسة.
المصادر:
هنا