أسرع كاميرا في العالم توقف الوقت بالتقاط 10 تريليونات صورة في الثانية
الهندسة والآليات >>>> المركبات والآليات
دائمًا ما تُبهرنا التكنولوجيا الحديثة بأمور لم نكن نتخيلها قطُّ، وهي تصبح يومًا بعد يوم خارج نطاق تصوّرنا، وتصل إلى مستويات بعيدة عن قدرات التوصيف الخاصة بنا. وتُعدُّ الكاميرا التي سوف نعرضها لكم اليوم أكبر مثال على التكنولوجيا المتطوّرة التي لا نستطيع تخيّل قدراتها ببساطة. صورة: مبدأ عمل T-CUP 1- هنا 2- هنا 3- هنا
صُنعت هذه الكاميرا في معهد البحث العلمي الوطني بكندا (INRS)، ويُمكنها التقاط عشرة تريليونات إطار في الثانية؛ ومن ثمَّ فهي قادرة على التقاط صور فائقة الدقة لأشعة الليزر بالنبضات الفائقة القصر ذاتها، التي قد تصل إلى مستوى الفمتو ثانية، وهي نبضات أقصر بكثير من أن تُلتقط بأيّة وسيلة أُخرى.
قاد الأستاذ جينيانج ليانج Jinyang Liang فريقَ البحث المسؤول عن هذه الكاميرا، وهو باحث متخصص في التصوير الفائق السرعة؛ إذ أطلق فريق البحث على هذه الكاميرا اسم T-CUP، وحجزت حتَّى اللحظة مركزها بوصفها أسرع كاميرا في العالم.
إذًا؛ تلتقط T-CUP ما يصل إلى عشرة تريليونات إطار في الثانية، ولكن ماذا يعني هذا الرقم بالتحديد؟ يكفي أن تعرفَ أنَّ الكاميرا الموجودة في أحدث الهواتف الذكيَّة قادرة فقط على التقاط بضع عشرات من الإطارات في الثانية، فما بالكم بعشرة تريليونات؟! وهو رقم مؤلَّف من "1" وعلى يمينه 13 صفرًا، وهو رقم كبير جدًّا إذ يسمح للكاميرا T-CUP أن توقف الوقت نفسَه، وأن ترى الضوء وهو يتحرك بحركة بطيئة للغاية.
ما فوائد T-CUP في المجالات العلميَّة؟
كشف التعاون الطويل بين تكنولوجيا البصريات والتصوير غير الخطي في السنوات الأخيرة عن العديد من الطرائق الجديدة والفعالة للغاية التي تُستخدم في التحليل المجهري لبعض الظواهر الديناميكية في علمي الأحياء والفيزياء، ولكنْ لكي نتمكن من استخدام إمكانات هذه الطرائق بأفضل صورة، فإنَّه يجب أن نكون قادرين على تسجيل الصور في الوقت الفعلي في وقت قصير للغاية.
وهذا ما يُعدُّ عمليةً صعبةً جدًّا باستخدام تقنيات التصوير الحالية؛ إذ يجب أن تُكرَّر القياسات التي تأخذها بواسطة نبضات ليزر فائقة القصر عدة مرات، وهو ما يُمكن تحقيقه في عدد من العينات، ولكنه أمر في غاية الصعوبة في عينات أُخرى.
من هنا يُمكن لنا أن نفهم مدى أهمية T-CUP؛ إذ طُوِّر نظامها الجديد اعتمادًا على كاميرا تصوير بمستوى الفمتوثانية وقدرة على مسح الصور على نحو متواصل؛ فقد يتضمن هذا النظام نوعًا من الحصول على البيانات المستخدمة في تطبيقات مثل التصوير المقطعي أيضًا.
أمَّا أهمية T-CUP الكُبرى فهي تنبع من كونها حجر الأساس لجيل جديد من المجاهر التي يُمكن أن تطوّر علوم الطب الحيوي والمواد، ويُمكن لها أن تُعبّد الطريق لتحليل التفاعلات بين الضوء والمادة في دقة زمنية لا تُضاهى.
نذكر أخيرًا أنَّ هذه الكاميرا الفائقة السرعة استطاعت في أول استخدام لها أن تبدأ عصرًا جديدًا بالتقاط التركيز الزمني لنبضة ليزر واحدة في مستوى الفيمتوثانية في الوقت الحقيقي، وسُجّلت هذه العملية في 25 إطارًا التُقِطت في فترة زمنية قدرها 400 فمتوثانية.
وسيقود هذا الإنجاز بدوره إلى إنجازات أُخرى لن تكون أقلّ أهمية، وستنعكس بدورها على علوم برمتها، وسوف تؤدي دورًا محوريًّا في تطور تلك العلوم وتقدمها؛ فما رأيكم؟
المصادر :