مع ارتفاع درجات الحرارة بسبب الاحترار المناخيِّ ينتقل الكربون الموجود في التربة إلى الغلاف الجوِّي بمعدَّل متزايد، وسنتعرَّف في مقالنا الآتي إلى آليَّة تنفُّس التربة وأسباب ارتفاع معدَّل هذه العملية، إضافة إلى الآثار السلبية الناجمة.

تُعدُّ أوراق الأشجار الجافَّة والنباتات الميتة مصدرَ الكربون الرئيس في التربة، والذي يتحوَّل بفعل الميكروبات والفطريَّات الموجودة في التربة إلى ثاني أكسيد الكربون؛ منطلقاً بعد ذلك إلى الجوِّ المحيط وهو ما يسمَّى بتنفُّس التربة.

تتناول الدراسة الدور الذي يؤدِّيه احترارُ مناخ الأرض في زيادة طرح ثاني أكسيد الكربون من التربة بما يفوقُ قدرة النباتات على امتصاصه بعملية التركيب الضوئي؛ إذ أكَّدت الدراسة أن معدَّل تحويل الكربون إلى CO2 من قبل ميكروبات التربة قد ازداد بنسبة 1.2% في الفترة ما بين عامي 1990 و2014 أي على مدى 25 سنة. قد تبدو هذه النسبة صغيرةً للبعض، لكنَّها تُشكِّل تغيُّراً كبيراً في مدَّة قصيرة جدَّاً من عمر الأرض.

تحتوي التربة على مخزون من الكربون يعادلُ ضعف ما يحتويه الغلاف الجوي، إضافة إلى الكربون المُخزَّن في الأشجار ضمن الغابات والذي سينتقل بدوره إلى التربة لاحقاً.
وهذه التربة بمحتواها من الكربون تتأثَّر عالمياً بالاحترار المناخي، والذي يزيد من معدَّل تحويل هذا الكربون إلى ثاني أكسيد الكربون ما يؤدِّي إلى ارتفاع درجات الحرارة أيضاً، وهذا ما سُمِّي بالحلقة الراجعة.  

أُجريَت هذه الدراسة ضمن نطاق عالمي وفي مواقع متعدِّدة، وذلك بخلاف الدراسات الأخرى التي تتناول البيانات ضمن نطاق معيَّن أو موقع واحد، وهذا ما شكَّل صعوبة في معرفة مدى تأثير الميكروبات ضمن نطاق واسع، إضافة إلى الكميات الهائلة من الكربون؛ لذا استعان فريق البحث أثناء إنجاز هذه الدراسة بشبكتي علوم عالميتين إحداهما شبكة (Flux net) التي تُسجِّل المعلومات الخاصَّة بدرجات الحرارة والهطولات المطرية الواردة من أكثر من 500 برج رصد من مناطق مختلفة حول العالم، إضافة إلى عمليَّات الرصد بواسطة الأقمار الصناعية وقاعدة البيانات الخاصَّة بتنفُّس التربة، والتي تضمُّ بياناتِ تنفُّس التربة لأكثرَ من 1500 دراسةً حول العالم.

وتُعرِّف الدراسةُ تنفُّسَ التربة بأنه عملية استهلاك الكربون من قبل أحياء التربة كغذاء وتحويله إلى غازات تنطلق ضمن الجو المحيط، وكذلك تُقارن الدراسةُ بين دور الميكروبات في هذه العملية والأثر الناجم عن ازدياد نموِّ النباتات.

إنَّ الدور المتزايد الذي تؤدِّيه الميكروبات يتجاوز قدرة النباتات على امتصاص الكربون من الجوّ؛ ما ينتج عنه ارتفاع درجات الحرارة بمعدَّلٍ أكبر أي زيادة نشاط الميكروبات، وهذا ما يخفِّض من القدرة الاستيعابية لخزَّان الكربون الأرضيّ.

المصادر:
هنا
هنا
هنا