7. واشنطن:

زرت واشنطن العاصمة في (آذار/ مارس 2004)، وأذكر شعورًا غامرًا من البهجة لرؤية صورةٍ مألوفةٍ جدًّا للمدينة التي شاهدتها كثيرًا على شاشة التلفاز؛ المباني الضخمة والأيقونية كمبنى الكونغرس الأمريكي ونصب واشنطن التذكاري التي من الممكن رؤيتها من أماكن متعددة من المدينة، لتخلق صورًا ومشاهد تجعل المدينة مألوفةً جدًّا حتى للزائر للمرة الأولى.

تتميَّز المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم بخط أفق مشهور يمكن تعرُّفه ويميزه بناءٌ أيقوني مثل برج إيفيل في باريس أو برج خليفة في دبي، ويُعَدُّ خط أفق واشنطن المنخفض والمستوي جزءًا من طابعها الفريد، ويوفِّر خلفيًّةً تبرز المباني العامة ذات الأهمية الوطنية مثل مبنى الكونغرس ونصب واشنطن التذكاري، إذ يعزِّز عدم وجود المباني العالية  أهمية المباني الحكومية الأيقونية الأساسية.

شوارع واشنطن واسعة ومشمسة إذ تخلق المباني المنخفضة بيئةً مهواة مليئة بالضوء تجعلها من أهم مميزات واشنطن العاصمة.

ينص الاعتقاد السائد حول سبب انخفاض المباني في واشنطن أنَّ هناك قانون لا يسمح لأي مبنى أن يتجاوز ارتفاعه مبنى الكونغرس، ولكنَّ هذا الاعتقاد إشاعة أو أسطورة حضرية، إذ يتعلَّق حد الارتفاع بقانون ارتفاع المباني (عام 1910) الذي لا يزال ساري المفعول حتى الآن، ويحدُّ القانون من ارتفاع المبنى في العاصمة حسب عرض الشارع الذي يقع فيه، فلا يُسمح أن يزيد ارتفاع المباني عن (6 أمتارٍ) عن عرض الشارع الواقع فيه؛ فمثلًا لا يُسمح أن يكون المبنى على شارعٍ بعرض (24 مترًا) أطول من (30 مترًا) أو ما يعادل (10 طوابق)، وهذا ما حافظ على الطابع "المنار والمهوى" لواشنطن الذي تصوَّره الرئيس الثالث للولايات المتحدة توماس جيفرسون آملًا أن تشابه العاصمة الجديدة المقياس البشري لباريس التي يهواها الرئيس.

وشكَّل التطبيق الثابت والمتواصل لقانون ارتفاع المباني مدة (100 عام) العامل الرئيسي في تشكيل أفق المدينة وظهورها بصورتها الحالية اليوم، كما تصوَّر بيير لانفات أول مخطط عمراني لواشنطن (عام 1791)، والذي ركزت خطته على إنشاء مدينةٍ ذات آفاق واسعة تهدف إلى إبراز المباني الوطنية، ومساحات عامة واسعة توفِّر فضاءً يدعو المواطنين إلى التفاعل في مجتمعٍ ديمقراطي.

فما هو خط الأفق الذي يميز مدينتكم؟ وهل طُبِّقت فيها قوانين تحدد ارتفاع المباني على نحوٍ يتناسب مع المقياس الإنساني؟

#واشنطن #Washington #ارتفاع_المباني #اكتوبر_الحضري #ثلاثون_مدينة_ومدينة  #31_يوم_حضري

 بطاقة تعريف:

راما النمري: مهندسة عمارة وتخطيط مدن، تحمل درجة الماجيستير في التخطيط الحضري وتصميم التشريعات، وتعمل مع منظّمات الأمم المتّحدة منذ عام 2014 في مجال الاستجابة الإنسانية الحضرية،والسياسات الحضرية الوطنية، والتخطيط الإقليمي والتنمية المستدامة، وحاليًا تعمل مع مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في مخيّمات اللاجئين والعمليات الحدودية، إذ تقدّم دعمًا متخصصًا في تصميم مستوطنات اللاجئين وتطويرها.
فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا

عيسى بدور: مهندس معماري ومصمم بصري، يحمل درجة الماجيستير في التصميم المعماري، ويعمل في ميلانو مخرجًا فنيًّا لأعمال التواصل الرقمي والترويج المجتمعي.
فيسبوك:

هنا

انستغرام:

هنا