التغيُّر المناخي يهدِّد بحيرة بايكال؛ أقدم بحيرات العالم
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
تقع بحيرة بايكال -أعمق وأقدم وأكبر البحيرات- في شبه القارة الروسية والتي يشبه شكلها شكل هلال القمر، ويبلغ عمق البحيرة أكثر من 1615 متراً في أعمق نقطة فيها، ويبلغ متوسط عمق بحيرة بايكال 745 متراً، وقد أُعلن عنها من قبل منظمة اليونسكو عام 1996 كأحد مواقع التراث العالمي.
Image: © Evergreen
هنا
تقع البحيرة في وادٍ متصدِّعٍ واسع حيث يُرصَد ما يصل إلى 2000 هزة أرضية كلَّ عام، وتُعمِّق الزلازل البحيرةَ وتزيد من حجمها؛ إذ تشكَّلت مع الجبال المحيطة بها نتيجة تكسُّر قشرة الأرض وتحرُّكها.
يغذِّي البحيرةَ أكثر من 300 نهر، لكن نهر أنغارا هو المنفذ الوحيدُ خارجَها، وينفذ عن طريقه قرابة 60 كيلومتراً مكعباً من الماء سنوياً إلى نهر ينيسي، وفي نهاية المطاف تشقُّ المياه طريقها إلى المحيط المتجمِّد الشمالي.
واليوم؛ تحتوي بحيرة بايكال 20% من المياه العذبة غير المتجمِّدة على الأرض، ما يجعل هذه العملاقة الروسية قابلة للمقارنة مع حجم حوض الأمازون بأكمله. وبسبب ضخامة هذه البحيرة؛ يُقال أن جزيء ماء واحد يحتاج ما يقارب 330 عاماً ليتدفَّق عبر البحيرة من مدخلها إلى مخرجها، وتُعدُّ بحيرة بايكال واحدة من أنقى البحيرات في العالم؛ إذ من الممكن أحياناًَ رؤية أكثر من 39 متراً للأسفل في فترة الصيف، ويأتي هذا النقاء المذهل نتيجةً لنقاء الجليد الذائب.
Image: https://commons.wikimedia.org/wiki/File:Yeniseirivermap.png
تتوزَّع ضمن بحيرة بايكال 27 جزيرة معظمها غير مأهول، منها جزيرة طولها 45 ميلاً تسمى أولخون، وهي موطن لقرابة 1700 إلى 1800 نوع من النباتات والحيوانات المستوطنة، ومن أهمِّها حيوانات الـ nerpa (فقمات الماء العذب) التي تعيش حصراً حول بحيرة بايكال.
ولكن مع ازدياد الحركة الصناعية في روسيا ومنغوليا؛ تواجه بحيرة بايكال المزيد من التهديدات لبيئتها، وربما كان من أخطر ما حدث في بايكال هو تصريف ملوِّثات مصنع ورق في البحيرة لسنوات قبل إغلاقه عام 2008، وقد أُغلقَ لأسباب ترتبط بالحماية البيئية، وأُعيد افتتاح هذا المصنع مجدَّداً عام 2010؛ إذ يُفترض أنه استخدم ممارسات أنظف وأكثر أماناً من ذي قبل.
وكذلك كان لدى المهتمِّين بالحماية البيئية أسبابٌ أُخرى للقلق، فقد عارضوا على سبيل المثال خططاً لبناء مصنع لليورانيوم في مدينة أنجارسك القريبة من البحيرة، ونجحوا في تغيير مسار خطٍّ لأنابيب النفط كان من المخطط له أن يمرَّ على مسافة 1000 متر تقريباً من بحيرة بايكال، ما جعله تهديداً للمياه النقية في حال التسرب والانسكابات.
ولكن التهديد الأكبر هو على الأرجح مشكلة ظهور زهور الطحالب في قاع البحيرة، إذ تزهر الطحالب في المياه الضحلة والشواطئ باعثةً منها روائح كريهة، وقد تتسبَّب الطحالب السامة في إتلاف القواقع المائية والإسفنج والأسماك والقشريات التي قد تنقل السموم إلى البشر.
وقد أفادت عالمة من برنامج المحيط الهادئ للبيئة في روسيا؛ بأنه من المحتمل أن تكون أزهار الطحالب ناتجة عن التغيرات في درجات الحرارة والتغيرات المناخية والجريان المفرط في البحيرة من مياه المجاري الزراعية والصرف الصحي الصناعي.
إنَّ تركيزَ الطحالب في المياه الضحلة وحقيقةَ أن زهور الطحالب ظهرت تاريخياً في المناطق التي تعاني من مياه الصرف الصحي غير المعالجة؛ تشير إلى أن الصرف الصحي عامل كبير مُساهِم في هذه المشكلة.
إضافة الى ذلك؛ فإن الزيادة الهائلة في السياحة على الشواطئ في جميع أنحاء البحيرة، وعدم وجود فهم حقيقي لتأثير النفايات على البحيرة - إذ لا تمتلك المجتمعات المحلية أنظمة إدارة نفايات كافية بالنسبة لعدد السياح - شكَّلا عاملي خطرٍ إضافيين على التنوع الحيوي في البحيرة.
وأشارت إحدى الدراسات التي أُجريت على البحيرة، وتحديداً على فقمات الـ (nerpa) إلى وجود عدة مواد كيميائية ذات دلالة على تلوث مياه البحيرة بالمواد الكيميائية، إذ قاس العلماء مستويات مجموعة مواد كيميائية تدعى البيروفلورات في كبد وأمصال الفقمات، وقارنوا النتائج مع دراسة أُجريت عام 1992، ووجدوا دلائل على تلوُّث مياه البحيرة بهذه الكيماويات.
وعلى الرغم من المخاوف الواسعة الانتشار حول الحفاظ على بحيرة بايكال، نجح العلماء والناشطون في مواجهة هذه التحديات البيئية في الماضي، أما اليوم ومع استمرار التلوث في هذه البحيرة؛ فنحن في مواجهة جديدة تهدِّد أكبر مخزون للمياه العذبة على الأرض.
المصادر:
هنا
هنا
هنا