توقُّع الجرائم بواسطة تحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي!
المعلوماتية >>>> علم البيانات
في دراسة نُشرت في صحيفة علوم البيانات (EP J) استخدم باحثو معهد ملبورن الملكي للتقنية (Royal Melbourne Institute of Technology - RMIT) موقعَ وبيانات النشاطات المأخوذة من مستخدمي تطبيق (Foursquare) -وهو منصَّة البيانات الأكثر وثوقيةً واستقلالية لفهم كيف يتحرَّك الناس في العالم الحقيقي- في مدينتَي نيويورك (New York) وبريسبان (Brisbane) للتنبُّؤ بأنماط محَّددة من الجرائم.
يشارك مستخدمو تطبيق (Foursquare) كلًّا من موقعهم ونشاطاتهم في أثناء تنفيذهم عملية "تحديد المكان check-in" في بعض الأماكن؛ لذا استطاعت هذه الدراسة استخدام بيانات أكثر من 20 ألف عملية لمستخدمين في مدينة بريسبان، وما يقارب 230 ألف عملية لمستخدمين في مدينة نيويورك.
تقول الدكتورة فلورا سليم (Flora Salim) -عالمة الحاسوب في معهد (RMIT)- بأنَّ هذه البيانات الديناميكية المأخوذة في الزمن الحقيقي لتحرُّكات الأشخاص حول المدينة ذات قيمة كبيرة لفهم احتمالات المواقف المختلفة في منطقة ما.
ومن أجل ملء العديد من الفجوات داخل البيانات المعتمدة على الموقع؛ طوَّرالباحثون خوارزميةَ توصية مشابهة لتلك المُستخدمَة في اقتراح الأغاني في تطبيق (Spotify).
تقول الدكتورة سليم: "لُوحظ أنَّ الغالبية العظمى من الناس في المدينة لم تكن تستخدم التطبيق دائمًا، ومن المرجَّح أنَّ أولئك الذين يرتكبون الجرائم لا يعمدون إلى نشر أيِّ شيء على التطبيق عن هذا الموضوع، لذا استخدمنا نظامَ الاقتراح لملء الفجوات والتنبُّؤ بالنشاطات الأخرى في أيِّ سيناريو مطروح."
في الاختبارات لكلتا المدينتين؛ تنبَّأ النظام بأنواع محدَّدة من الجرائم في مناطق محدَّدة من المدينة على نحو أفضل من نماذج التنبُّؤ بالجرائم الحالية والقائمة على الميول الإجرامية.
في مدينة بريسبان؛ وُجد أنَّ النظام أكثر دقة من الأنظمة الحالية بنسبة 16% في التنبُّؤ بالاعتداءات، وبنسبة 6% في التنبُّؤ بالاقتحام غير المشروع، وبنسبة 4% في التنبُّؤ بجرائم المخدِّرات والسرقة، في حين بلغت نسبة التنبُّؤ بجرائم الاحتيال 2%.
في مدينة نيويورك؛ تحسَّنت دقة التنبُّؤ بنسبة 4% في جرائم المخدِّرات والسرقة والاحتيال والاقتحام غير المشروع، في حين تحسَّن التنبؤ بالاعتداء بنسبة 2%.
وتضيف الدكتورة سليم: "بالنظر إلى تفاوت مجموعة البيانات المستخدمة في الدراسة؛ فإنَّ النتائج التي تُوصِّل إليها مهمَّة جدًّا".
وقالت أيضًا: "بالاستناد إلى هذه النتائج الإيجابية؛ فإنَّه من الممكن لهذه التقنية أن تتيح تصميمَ استراتيجيات أكثر فعالية لاستخدام الموارد المحدودة؛ عبر إرسال ضباط الشرطة إلى الأماكن التي يُحتمَل وقوع الجرائم فيها."
ويمكن توسيع نطاق النظام بسهولة، وذلك بمعالجة عيِّنات أكبر مأخوذة من أيَّة منصَّة تواصل اجتماعي، أو تطبيق أو شبكة إنترنت الهاتف المحمول والتي تجمع بيانات عن الموقع.
تقول الدكتورة سليم: "الاستخدام الواسع النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي مثل (Twitter) و(Foursquare) -والتي تجمع كمِّيات هائلة من البيانات عن الموقع والنشاطات وأمور المستخدم المفضَّلة- توفِّر فرصًا لا مثيل لها لالتقاط تحرُّكات الأشخاص ونشاطاتهم في أنحاء المدينة".
وتُعَدُّ هذه الدراسة إحدى الأمثلة عن إمكانية استخدام بياناتنا في التنبُّؤ بأفعالنا في المجالات والاستخدامات المختلفة.
في مشروع آخر تشارك فيه د. سليم عن الخوارزميات الخاصة بالتنبُّؤ وفق مستويات عالية من الدقة، والذي يعمل على تنبُّؤ الأفعال في النصف الثاني من يومنا بناءً على الأنماط القديمة والبيانات المهمَّة التي قد جُمعَت في النصف الأول منه؛ تقول د. سليم: "غالبًا ما يُظهِر البحث في نمط التحرُّكات البشرية -والتي تعتمد على البيانات المأخوذة من تطبيقات هواتفنا المحمولة- إمكانيةَ التنبُّؤ بالكثير من أنشطتنا".
تقول الكاتبة وطالبة الدكتوراه شاكيلا خان رومي (Shakila Khan Rumi) -والتي يُشرف عليها كلًّا من د. سليم والدكتور كي دينج (Ke Deng)- أنَّ الدراسة تمثِّل خطوةً مهمَّة إلى الأمام في نماذج التنبُّؤ بالجريمة.
تضيف رومي: "تعتمد النماذج الحالية للتنبُّؤ بالجريمة غالبًا على سمات ثاتبة نسبيًّا، تشتمل على معلومات مهمَّة وقديمة وطويلة الأجل، ومعلومات جغرافية، وأخرى ديموغرافية. هذه المعلومات تتغيَّر تغيُّرًا بطيئًا مع مرور الوقت؛ بمعنى أنَّه لا يمكن لهذه النماذج التقليدية التقاط الاختلافات قصيرة الأجل في أثناء مصادفة حدوث جريمة. وأظهرت نتائج اختباراتنا مدى تحسُّن أداء عملية التنبُّؤ بعد إضافة ميِّزات ديناميكية مهمَّة وذات دلالة إحصائية، وقد حقَّق ذلك ثورةً في هذا المجال!".
هذا ويشير الباحثون في هذا المشروع إلى سعيهم إلى توسيع نطاق العمل عن طريق تدريب الخوارزميات باستخدام بيانات مدينة ما، ومن ثمَّ زيادة قدرتها على تطبيق هذه المعلومات في مدينة أخرى عبر أنماط مختلفة.
المصدر: هنا;