قطاع البناء.. يهدِّد البيئة ويسرِّع التغيُّر المناخي
العمارة والتشييد >>>> العمارة المستدامة
يتطلَّب تنفيذ المعاهدات الدوليَّة المختصَّة بخفض انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي إجراءاتٍ مشدَّدةً من قبل الحكومات وفقًا لتقريرٍ صدر نهاية عام 2018 عن هيئة اتحاد التعمير والأبنية العالمي.
يوضِّح التقرير المذكور أنَّ الانبعاثات الصادرة عن هذا المجال قد بلغت ذروتها في الأعوام السابقة، وبدأت تتضاءل نتيجة استخدام وسائل معيشيَّةٍ نظيفة، كالطَّاقة الشمسية والتدفئة الشمسية وغيرها، وذلك وفقًا لوكالة الطَّاقة الدوليَّة ومنظَّمة الأمم المتَّحدة للبيئة.
وترجع أسباب تضاؤل هذه الانبعاثات إلى تقنيَّات توفير الطاقة الحديثة، كوسائل التدفئة والاستخدام المناسب لأساليب العزل الحراري للأبنية، إضافةً إلى أساليب البناء.
ولا بدَّ من ذكر أنَّ 39% من إجماليِّ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الكوكب يرجع إلى قطَّاع الأبنية الذي يستهلك ٣٦% من إجمالي الطاقة في العالم.
Image: https://ec.europa.eu/energy/sites/ener/files/documents/020_fatih_birol_seif_paris_11-12-17.pdf?fbclid=IwAR0HiIcgZEi2Tav6kUrXLYuxR-PCh8glq-MToIZs9E5YbFvPjkBZ6tdKZZw
انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من قطاع البناء والتشييد للعام 2015 (الجهة اليمنى)، الاستهلاك العالمي لقطاع البناء والتشييد للعام 2015 (الجهة اليسرى)
ويُرَجَّح في الأعوام القادمة أن يزداد عدد الأبنية السكنية في آسيا وأفريقيا خاصَّةً، ممَّا سيصعِّب تحقيق هدف الوصول إلى نسبة انبعاثاتٍ لا تزيد عن 30% بحلول عام 2030 التي اتُفق عليها في اتِّفاقيَّة باريس للتغيُّر المناخي، خاصّةً في ظل الانخفاض الكبير للاستثمارات الخاصَّة في مجال كفاءة استهلاك الطاقة مقارنةً مع استثمارات مجال التشييد.
ويشير التقرير إلى الخطر الكبير الذي تشكِّله أجهزة التكييف ووحدات التبريد على مَهمَّة خفض هذه الانبعاثات؛ إذ ازداد عدد هذه الأجهزة في السنوات الماضية نتيجة موجات الحرِّ التي أثَّرت في الكوكب مؤخَّرًا بسبب التَّغيُّر المناخيِّ والاحتباس الحراريِّ
وارتفعت نسبة الطاقة المصروفة من أجل التبريد بنسبة 25% منذ عام 2010، ووصل عدد أجهزة التكييف إلى 1.6 مليار مكيِّف حول العالم.
يمثِّل رفع سويَّة الخطط المناخيّة حول العالم فرصةً لمناقشة مجالٍ واسعٍ من المشكلات الخاصَّة بالمناخ ورفع معايير سبل خفض انبعاثات المباني ومعايير صناعة موادِّ البناء من حديدٍ وإسمنت.
ويجب أن تتطوَّر القوانين النَّاظمة لقطَّاع البناء ليتمكّن من الوقوف بوجه التغيُّرات المناخيَّة من عواصف وفيضاناتٍ ورياحٍ قويَّةٍ وحرارةٍ مرتفعة.
بدَّلت بلدانٌ جديدةٌ خططها لنظم القوانين المختصَّة بهذا المجال مؤخَّرًا، كالبرازيل وبوركينافاسو وسريلانكا وكينيا.
وقد انضمت قرابة 500 شركةٍ ومؤسَّسةٍ صناعيَّة في مجال البناء والإعمار وصناعة موادِّ البناء -بإيراداتٍ تُقدَّر بمليارات الدُّولارات- إلى مبادراتٍ تهدف إلى تحقيق أهداف اتِّفاقيَّة باريس للتغيُّر المناخي.
Image: https://ec.europa.eu/energy/sites/ener/files/documents/020_fatih_birol_seif_paris_11-12-17.pdf?fbclid=IwAR0HiIcgZEi2Tav6kUrXLYuxR-PCh8glq-MToIZs9E5YbFvPjkBZ6tdKZZw
قد تسهم أمورٌ بسيطةٌ على نحوٍ كبير في تحقيق أهداف هذه الاتِّفاقيَّة المتمثلة في ترشيد استهلاك الطَّاقة، والاستخدام الرَّشيد لأجهزة التَّكييف، والاعتماد على الطاقة الشمسيَّة للحصول على المياه الساخنة إن أمكن؛ أمورٌ تقع على عاتق الفرد ليقدِّم مساهمته وأمورٌ تقع على عاتق الحكومات في سنِّ التشريعات ووضع المعايير المناسبة للحفاظ على حياتنا كما نعرفها.
المصادر:
هنا