مراحل إريك إريكسون في التطور النفسي والاجتماعي (المرحلة الثالثة: المبادرة مقابل الشعور بالذنب)
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
هذه ليست المرّة الأولى. واجهنا -مراراً وتكراراً- هذا الصراع الداخلي بين المبادرة والخضوع لشعورنا بالذنب والانكفاء. وقد بلغ هذا الصراع ذروته في مرحلةٍ عمريةٍ معينة، نتيجةً طبيعيةً لنموّنا النفسي والاجتماعي. ويكمن السؤال هنا في كيفية تصرّفنا تجاه هذا الصراع في تلك المرحلة؟
هذا ما تحدّث عنه إريك أريكسون في نظريته عن النمو النفسي-الاجتماعي الذي حدّده في ثماني مراحل تمتدُّ من الطفولة حتى البلوغ. يمرُّ الإنسان -في كل مرحلة- بأزمةٍ نفسية اجتماعية، قد يكون لها أثرٌ إيجابي أو سلبي في نموّ شخصيته.
ووفقًا للنظرية، يُنتِجُ الإتمامُ الناجح لكلِّ مرحلةٍ شخصيةً صحيةً تملك مهاراتٍ أساسيةٍ تمكّنها من مواجهة الأزمات المقبلة بصورةٍ أفضل. وقد يؤدي الفشل في إكمال مرحلةٍ ما إلى ضعف القدرة على إكمال المراحل اللاحقة، وخللاً في الشخصية، وانتقاصاً من تقدير الذات. ومع ذلك، يمكن معالجة مشكلات المراحل السابقة لاحقاً وتخطّيها بنجاح.
تحدّثنا في مقالين سابقين عن مرحلتي:
وسنتحدّث في مقالنا اليوم عن المرحلة الثالثة من مراحل النمو النفسي- الاجتماعي، وهي:
غالباً ما تمتدُّ هذه المرحلة من السنة الثالثة من العمر وحتى الخامسةعندما تبرز حاجة الطفل إلى المبادرة؛ إذ يبدأ الطفل بالذهاب إلى المدرسة والتفاعل مع أقرانه واللعب معهم، ويشرع في طرح فيضٍ من الأسئلة البريئة، وهنا يكون للألعاب الدور المحوري في هذه المرحلة؛ فهي توفّر للأطفال فرصة استكشاف مهاراتهم الشخصية بواسطة الأنشطة، والتخطيط لها، وتكوين الألعاب مع الآخرين. وإذا استطاع الطفل الاستمتاع بهذه الفرصة فإنه سيطوّر تلقائياً إحساساً بالمبادرة، ويثق بقدرته على قيادة الآخرين واتّخاذ القرارات.
وعلى العكس من ذلك، إذا حُدَّ من هذه الفرصة -إما بانتقاد الطفل وإما بالتحكم بتصرفاته- فإن شعوراً بالذنب سيسيطر على الطفل لظنّه بأنه قد يكون مصدر إزعاجٍ للآخرين، وبالنتيجة فإن الطفل سيفتقر إلى حسّ المبادرة الذاتية وسيلعب دور التابع على الدوام.
وهنا نلاحظ أثر الآباء الرئيس في سلوك أبنائهم في هذه المرحلة:
يميل الآباء إلى الوقوف في وجه مبادرات أبنائهم والحدّ منها ومعاقبتهم أحياناً خوفاً عليهم؛ الأمر الذي يفقدهم روح المبادرة. إضافة إلى أن التعامل مع أسئلة الأطفال الفضولية في هذا السن على أنها تافهة ومزعجة ومحرجة يؤدي إلى تعميق شعور الطفل بالذنب. وهذا الشعور بالذنب يمكن أن يقيّد مستوى إبداع الطفل وتفاعله مع الآخرين.
يمكن حلّ هذه الأزمة بتشجيع الوالدين الطفل وسلوكه المتّسم بالمبادرة، والترحيب بأسئلته الكثيرة.
معظم الظنِّ أنك ستعمد -عزيزي القارئ- إلى بثِّ روح المبادرة في أطفالك ونبذ الشعور بالذنب تماماً، إلا أننا نود التنبيه إلى أن التوازن السليم بين المبادرة والشعور بالذنب هو النهاية المُثلى لهذه الأزمة. فالقليل من الشعور بالذنب ضروريٌّ أيضاً للطفل؛ لأنه يشكّل أساساً لضبط النفس والمساءلة والضمير.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا