مراحل إريك إريكسون في التطور النفسي والاجتماعي، (المرحلة الخامسة: الهوية مقابل الارتباك)
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
ترتكز نظرية إريك إريكسون على خوض الفرد أزماتٍ نفسية اجتماعية متعاقبة، ومحاولته معالجتها وتجاوزها. تظهر المرحلة الخامسة من مراحل إريكسون في سنِّ المراهقة، وتتعلّق بالبحث عن الهُوية وإيجادها. وفقاً لإريكسون؛ ينهمك المراهق بين السنة الثانية عشرة والثامنة عشرة في البحث عن نفسه وهُويَّته، ويحاول الاهتداء للإجابة عن السؤال المركزي في هذه المرحلة: "من أنا؟ ومن أكون؟". إضافة إلى البحث عن الهوية يحاول المراهق إيجاد سبيلٍ للانتماء إلى المجتمع المحيط به. يُعزى لهذه المرحلة أيضاً التعبيرُ الشائع المتعارف عليه بأزمة الهوية؛ وهو مصطلحٌ بدأ إريكسون استخدامَه التعبير عن ما يُسبِّبه استمرار هذه الأزمة دون حلّ، والتخبُّط بها.
نبدأ إذاً البحث عن أنفسنا وهويتنا في بداية هذه المرحلة، وهذا ما يقرنها بتجربتنا لسماتٍ شخصيةٍ مختلفة؛ إذ تؤدي البيئة المحيطة بنا من عائلةٍ وأصدقاء ومجتمعٍ دوراً كبيراً في تحديد هويتنا. تُحدِّد هذه المرحلة ما إذا كنا انطوائيين أو مُندفعين، موسيقيين أو قارئين أو رياضيين، وتُحدَّد فيها القيمُ والمبادئُ التي تعنينا. قد نُجرِّب أيضاً التسريحات الجديدة، وأساليب اللباس المختلفة، ونتَّخذ بكلِّ بساطةٍ قراراتٍ متعلّقةً بتحديد الهوية.
مما يؤثّر في هذه المرحلة وفي نجاحنا أو فشلنا بمعالجة هذه الأزمة الدعمُ والتشجيعُ الذي نتلقَّاه من العائلة خصوصاً والمجتمع عموماً لاستكشاف أنفسنا؛ فالتشجيع يؤثّر إيجاباً في عملية الاستكشاف ويؤدي إلى تكوين شخصيةٍ مستقلّةٍ تملك القدرة على اتّخاذ القرارات والتحكّم بمجرىً معيّنٍ لحياتها.
نظراً إلى امتداد هذه المرحلة حتى الثامنة عشرة؛ فإن اختيار المهنة إحدى النتائج البديهية لها، ومما يُشير إلى النجاح في معالجة هذه الأزمة قدرتُنا على اختيار هويةٍ معيّنة، وهو ما يتمثّل باختيار المهنة. من علامات النجاح القدرةُ على الالتزام بمهنةٍ معيّنةٍ أو بمجموعةٍ من الأصدقاء على سبيل المثال. ويُعدُّ الإخلاصُ الفضيلةَ التي يكتسبها من تجاوز هذه الأزمة بنجاح، وما نقصده بالإخلاص يعني القدرةَ على تقبُّل الآخر وتكوين علاقةٍ معه والالتزام به على الرغم من وجود بعض الفروقات، وهو ما نستمدُّه من واقع معالجتنا الأزمةَ بنجاحٍ وتمسّكنا أولاً بأنفسنا وبشخصيتنا.
لهذه المرحلة تأثيرٌ كبيرٌ في قدرتنا على تكوين العلاقات الاجتماعية، ما يؤثّر بدوره في المرحلة السادسة من مراحل إريكسون: الحميمية مقابل العزلة.
ماذا يحدث إذاً عند الفشل بتجاوز هذه الأزمة؟ يطرأ هنا ما يُدعى بالتشوّش في فهم الدور؛ فلا يستطيع المراهق الإجابة عن سؤال: "من أنا؟ ومن أكون؟" دون تشويش. ويطرح ذلك إشارات استفهامٍ عديدةً لاحقاً. ونتيجةً لذلك يفشل الشخص باختيار طريقٍ مهنيٍّ واضح، ويعجز عن تحديد ما يعجبه وما يريد فعله في المستقبل، ويصعب عليه إدراك ماهيّة دوره في المجتمع.
نستطيع -وفقاً لإريكسون- تدارك هذه الأزمات في أعمارٍ لاحقة؛ أي إن الأوان لم يفُت بعد لاكتشاف الذات بعد عمر الثامنة عشرة، ولكنّ عدم تجاوز هذه الأزمة ضمن العمر المحدّد قد يجعل من الصعب على المرء تجاوز الأزمات اللاحقة.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا