تجارب سولومون آش Solomon Asch للامتثال
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
أعدَّ "آش" هذه التجارِب بصورةٍ تدفع الفرد للإدلاء برأيٍ أو جوابٍ مخالفٍ لما أدلت به الجماعة، وذلك عن طريق طرح أسئلةٍ دعاها "سولومون" بـ "اختباراتٍ للنظر" يستحيل الإجابة عنها خطأً كونها سهلةً ولا تتطلّب أية معرفةٍ مسبقة، بل مجرّد مقارنةٍ بصرية.
عند طرح هذه الأسئلة تعمَّد "سولومون" توجيهَ جميع المشاركين باستثناء واحدٍ للإدلاء بإجاباتٍ خاطئةٍ لمعظم الإجابات، وهندسَ التجربة بأن يُدلي الشخص المُستَثنى بإجابته أخيراً، بعدَ سماعه -وربما تأثُّره- بأجوبة الآخرين، وجَّهَ "سولومون" ممثلّيه للإدلاء ببعض الأجوبة الصحيحة وسط الأجوبة الخاطئة كون الأسئلة سهلة والإجابة الخاطئة تستدعي شكَّ الفرد المُستَثنى عمداً.
كان اختبار "سولومون" يمثَّل بعرض صورةٍ عليها ثلاثة خطوط ذات أطوالٍ مختلفة (ا، ب، ت) وعرض صورةً أخرى تحمل أحد هذه الخطوط نفسها، وعلى المشاركين مقارنة الصورتين والإجابة على سؤالِ أيٍّ من الخطوط (ا، ب، ت) موجودٌ على اللوحة الثانية. يُجيب المشاركون على الملأ الواحد تلو الآخر حتى وصولهم إلى المشارك الأخير، غير العالِم بهدف الاختبار.
Image: https://www.google.com/search?rlz=1C1EKKP_enSE805SE805&tbm=isch&q=asch+conformity+experiment&chips=q:asch+conformity+experiment,g_1:solomon:U45GbT7oMPg%3D&usg=AI4_-kTcsMRPv29SPPCHRv7XFTDfMH6b9w&sa=X&ved=0ahUKEwiL0P63t9LjAhXMeisKHXUcARAQ4lYILCgC&biw=1280&b
أجرى "سولومون" التجربة مع ما يُسمَّى بمجموعة المراقبة أو التحقّق؛ وهي وسيلةٌ تُستخدم في جميع التجارب لمقارنة أداء مجموعتين في ظروفٍ متشابهةٍ مع اختلافٍ بسيطٍ في شروط التجربة؛ وذلك لتحديد أهمية العوامل المختلفة في التجربة وعزو نتائج التجربة إلى الأسباب الصحيحة، فالتعديل الذي أجراه "سولومون" على شروط التجربة كان بأن ترك المشاركين يُدلون بآرائهم كلاً على حدة، بحضور المُختبِر فقط وبالانعزال عن بقية المشاركين. كان هدف "سولومون" من هذا اختبار أهمية عامل ضغط الامتثال، فما غيّره "سولومون" بين التجربتين كان فقط الظروف المحيطة بالإجابة ما بين بالإجابة علناً (ومخالفة رأي المجموعة) أو الإجابة كلاً على حدة.
ذكرنا سابقاً أن الاختبار أُجريَ على مجموعتين مع اختلافٍ واحدٍ في شروط الاختبار، وبيَّنت النتائج ارتفاعاً في نسبة الامتثال مع المجموعة (٧٥% من المشاركين امتثلوا بالإجابة الخاطئة مرةً واحدةً على الأقل و25% لم يمتثلوا أبداً) عند الإجابة علناً مقارنةً بإجابة المشاركين كلّ على حدة بعيداً عن المجموعة.
أظهرت النتائج أن 32% من الأشخاص -وسطياً- يمتثلون لرأي المجموعة (على الرغم من وضوح خطئها) عند إجابتهم علناً، في حين تنخفض النسبة إلى أقل من 1% عند إجابتهم كل على حدة؛ مما يُشير إلى أثر ضغط المجموعة والرغبة في الامتثال لها.
ما هو إذاً سبب امتثال الأفراد لرأي الجماعة؟ عند طرح هذا السؤال على المشاركين عبَّر معظمهم عن علمهم بخطأ الإجابة وخوفهم من سخرية المشاركين الآخرين في حال الإدلاء بالإجابة الصحيحة. في حين قال البعض إنهم امتثلوا مع الجماعة بسبب اعتقادهم أن رأي الجماعة هو الأصحّ، ما يدلُّ على أن أسباب الامتثال قد تكون إما الرغبة بالانسجام مع الجماعة وإما الاعتقاد بأن الآخرين محقّين.
ما العوامل المؤثرة قي الامتثال؟
مع زيادة عدد أفراد المجموعة يزداد الضغط للامتثال لإجاباتهم، ولكن هذا يتوقف عن الحدوث عند حد معيّن، فَالزيادة بسيطةٌ عندما يفوق عدد المجموعة 5 أشخاص.
مع زيادة صعوبة الاختبار أو السؤال يزداد ضغط الامتثال، وذلك بسبب ميلنا للاعتماد على الآخرين عندَ الإجابة عن الأسئلة الصعبة.
يزداد ضغط الامتثال عندما تكون أعضاء المجموعة ذات مكانةٍ اجتماعيةٍ مرتفعة.
ينخفض ضغط الامتثال عند قدرة المشاركين على الإدلاء بآرائهم بمنأىً عن المجموعة (سرّاً).
وأظهرت الأبحاث انخفاضاً في نسبة الامتثال عند وجود شخصٍ واحدٍ آخر على الأقل يوافق رأي الفرد.
النقد المحيط بتجارب آش سولومون Solomon Asch ومحدودية نتائجها:
زعم البعض أن نتائج سولومون مبنيّةٌ على عينةٍ منحازةٍ؛ إذ كان المشاركون في الاختبار جميعهم من الرجال في عمر الدراسة الجامعية، وهذا يحدُّ من قدرتنا على تعميم النتائج للنساء والمجموعات العمرية الأخرى.
واحتجَّ البعض على نوع الاختبار كونه سهلاً جداً وليس من الواقعي أن نواجه مهمّةً ذات جوابٍ واضحٍ كهذا في الحياة العملية.
ناقش الآخرون كون هذه التجربة المبسّطة مجرد مثالٍ قد يفوقه الواقع في الشكوك والضغط للامتثال.
قال البعض أن النتائج التي حصل عليها "سولومون" انعكاسٌ للمجتمع الأمريكي في خمسينيات القرن الماضي، إذ كانت الولايات المتحدة بلداً محافظاً لم يشغل به الطلاب دور المشكِّكين أو المفكّرين الناقدين. لذلك أجرى الباحثان "بيريز" و"سبينسر" عام 1980 تجربةً مماثلةً لتجربة سولومون مع طلاب الهندسة، والرياضيات، والكيمياء. وكانت النتيجة امتثال المشارك لرأي الجماعة في تجربةٍ واحدةٍ من أصل ٣٩٦ تجربة. هذا يعزّز نقد البعض، ولكن علينا هنا ملاحظة الفرق بين مشتركي تجربة "سولومون" ومشتركي تجربة "بيريز" و"سبينسر"؛ إذ كانوا ذوي خلفيةٍ علميةٍ تشجِّع الاستقلالية في تقييم الأسئلة والإجابات.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا