المبادل الحراري الاسترجاعي
الهندسة والآليات >>>> كيف تعمل الأشياء
المبادل الحراري هو جهاز يسمح بانتقال الحرارة من مائع ساخن إلى مائع أبرد منه دون الاختلاط بين هذين المائعين.
افترض وجود آلية تسخين المياه في عدة غرف في منزلك، وهذه الآلية تعتمد على وجود فرن تسخين يعمل على الغاز؛ إذ يحرق هذا الفرن(المرجل) الغاز الطبيعي ثم يُسخِّن مشعات الماء الموجودة في الغرف لتسخين المياه، وهذا يعني بالتأكيد خروج نواتج الغاز المحترق من خلال نفاثات إلى العادم الخارجي وتكون هذه النواتج بدرجة حرارة مرتفعة؛ فإذا قمنا بتمرير المياه غير المسخن بأنابيب مجاورة لغازات العادم؛ فسيحدث انتقال في الحرارة من الغازات الحارة (المائع الساخن حسب التعريف السابق) إلى المياه الباردة (المائع البارد حسب التعريف السابق)، هذه الترتيبة السابقة تُعدُّ شكلاً من أشكال المبادلات الحرارية الاسترجاعية التي تقلل من صرف الطاقة؛ فقد كسب الماءُ الحرارةَ من غازات العادم، الأمر الذي يجعلنا بحاجة إلى طاقة أقل لِرفع درجة حرارة الماء إلى الدرجة المطلوبة وبذلك صرف كمية أقل من الغاز الطبيعي.
يمكنك رؤية المبادلات الحرارية في كثير من الأماكن في حياتنا اليومية، وعادة ما تعمل على تسخين أو تبريد المباني أو مساعدة المحركات والآلات على العمل بكفاءة أكثر.
تستخدم الثلاجات ومكيفات الهواء، على سبيل المثال، مبادلات حرارية بطريقة معاكسة للمثال السابق( أنظمة التدفئة المركزية)، فهي تزيل الحرارة من مقصورة أو الحجرة المطلوب تبريدها وتضخ هذه الحرارة في مائع ما إلى مكان آخر؛ إذ يمكن الاستفادة منها.[1]
وبالانتقال إلى الشق الصناعي نجد أنَّ المبادلات الحرارية تؤدي دورًا رئيسًا في المنشأت الصناعية والمحركات ومحطات توليد الطاقة؛ إذ يوجد كثير من الطاقة الضائعة التي تخرج مع غازات العادم التي يستطيع المبادل الحراري الاسترجاعي الاستفادة منها؛ فَتوضع هذه المبادلات أنابيب العادم التي تجرف الغازات الساخنة إلى الهواء الطلق فيصطاد المبادل الحراري هذه الطاقة الضائعة؛ إذ تمر الغازات الساخنة من خلال زعانف الماء الأنبوبية المكونة من النحاس(يستخدم النحاس لأنه ناقل جيد للحرارة)، وبذلك تسخن هذه المياه وتعاد ضمن شبكة الأنابيب إلى المصنع من جديد، ويعاد تدويرها مباشرة فقد تستخدم بطرائق عدة مثل تسخين الغازات الباردة التي تسخن عادة من المحركات أو الأفران الحرارية التي تَستخدم الوقود الأحفوري للتسخين، وبذلك تحتاج هذه المحركات إلى طاقة أقل، وهنا نكون قد أحرزنا تقدمًا على سلم أهداف ترشيد استهلاك الطاقة الأحفورية الثمينة.[1]
وهكذا نلاحظ أنَّ هذه المبادلات مفيدة للغاية ويمكن أن تستخدم في كثير من المجالات، فعلى سبيل المثال إذا كنت تمتلك دش استحمام حديث ومُوفر للطاقة فإنَّه على الأغلب يحتوي على مبادل حراري استرجاعي مثبت ضمن مخرج المياه الموجود في الحوض؛ فَينزل الماء الساخن من الدش على جسدك ثم إلى مخرج المياه؛ فَيمُرُّ في المبادل الحراري المتكون من أنابيب نحاسية تحتوي مياه باردة فيكتسب هذا الماء البارد بعض الحرارة من الماء الساخن المتسخ دون أن يختلط به، ثم يذهب إلى خزان التسخين الذي يملك درجة حرارة مرتفعة نسبيًا وبذلك يوفر على جهاز التسخين جزءًا من الطاقة التي من المفترض أن تصرف لولا وجود هذا المبادل.[1]
وهنا لدينا صورة توضح العملية السابقة:
Image: https://cdn4.explainthatstuff.com/shower-wastewater-heat-exchanger.png
ترجمة الصورة الثانية :
cold water warmed on way to shower
مياه باردة تسخن في طريقها إلى دش الاستحمام
hot waste water draining from shower
مياه ساخنة متسخة آتية من دش الاستحمام
cold waste water to drain
مياه التصريف الباردة
cold water from tank
مياه باردة من الخزان
أصناف المبادلات الحرارية:
تعمل المبادلات الحرارية جميعها تحت المبدأ العلمي نفسه الذي يعتمد على انتقال الحرارة بين مائعين لكن يوجد لها كثير من الأشكال، وأحد أهم أشكال المبادلات الحرارية هي: المبادل الحراري من نوع الغلاف والأنبوب.
في المبادل الحراري من نوع الغلاف والأنبوب يجري أحد المائعين من خلال أنبوب، والمائع الآخر يجري ضمن غطاء محكم ليحيط بالأنبوب بحيث لا يختلط المائعين ويحدث تبادل حراري بينهما، ويمكن أن يتحرك المائعين بخطوط متوازية وباتجاهين متماثلين أو متعاكسين ويمكن أن يكون المساران متقاطعين.
أما بالحديث عن المواد المستخدمة في صناعة المبادلات الحرارية فتُعدُّ المعادن ذات الموصولية العالية للحرارة من المواد الأكثر انتشارًا في هذا المجال، وخاصة أنها تتحمل ظروف عمل قاسية نوعًا ما، وتنقل الحرارة جيدًا، لكن في حالة استخدام المبادل الحراري في ظروف عمل ذات درجات حرارة عالية(أكثر من 1000درجة مئوية مثلًا) فغالبًا ما يُستخدم السيرميك بصفتهِ مادة أساسية لِصنع المبادلات الحرارية؛ إذ لا تستطيع معظم المعادن مقاومة الانصهار عند هذه الدرجة من الحرارة، ونلاحظ أيضًا وجود البلاستيك في بعض الأحيان بصفتهِ مادة أولية لصناعة المبادلات وذلك في الأمثلة التطبيقية المنزلية؛ كمثال دش الاستحمام الذي ذكرناها؛ إذ لا يتعرض البلاستيك إلى ظروف عمل قاسية ويكون مصمم ومعالج لِيكون قادرًا على نقل الحرارة جيدًا. [1]
المصدر:
1- هنا