تأثير الغطاء النباتي في صحة النساء
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> ورقو الأخضر شهر أيلول
للتعرف إلى هذا الموضوع أكثر؛ استغلت مجموعةٌ من العلماء انتشارَ حشرة سوس أشجار المران (التي تسبب فتكًا بأشجار المران (Ash Trees) المنتشر بكثرة في أمريكا) لدراسة العلاقة بين الموت الجماعي لهذه الأشجار (وبهذا غياب جزء من الغطاء النباتي) وصحة الجهاز الوعائي القلبي للنساء القاطنات في المناطق التي انتشرت فيها هذه الحشرة؛ فوجدوا أنهن كنَّ أكثر عرضة بنسبة 25% للإصابة بأمراض الجهاز القلبي الوعائي من غيرهن من النساء القاطنات في المناطق الخالية من هذه الحشرة.
وهنا وجدوا أنفسهم أمام تساؤل: ما العلاقة بين الأشجار وصحة الجهاز الوعائي؟
بعد طرح العديد من النظريات والعوامل؛ خلصوا إلى أنه تتحسن صحة الأشخاص القاطنين بالقرب من مساحة خضراء عمومًا نظرًا إلى تنقيتها للجو من الملوثات، ودورها في تخفيف الضغط النفسي نتيجة بثِّها للهدوء والسكينة.
عامل آخر يمكن أن يُفسِّر هذه العلاقة هو ازدياد نشاطهنَّ البدني؛ ففي دراسة أخرى تبين أن النساء القاطنات في مناطق أكثر غنىً بالغطاء النباتي كنَّ أقل عرضة للإصابة بالسمنة وما يُرافقها من أمراض متعلقة بها؛ وذلك نتيجة ازدياد مَيلهنَّ لممارسة الرياضة في أحضان الطبيعة.
هل يقف الأمر عند هذا الحد؟
لا للأسف؛ فغياب الغطاء النباتي وما يرافقه من ازدياد الملوثات الهوائية يُمكن أن يحمل أثرًا سلبيًّا في صحة الجهاز التناسلي للأنثى؛ فقد وُجد أن ازدياد كميات الملوثات الهوائية بأنواعها (CO, NO2, SO2,..) ترافقت مع انخفاض معدلات الخصوبة عند النساء، وازدياد حالات الإجهاض العفوي، ثم إن التعرض الطويل لهذه الملوثات في حياة الأنثى يمكن أن ينعكس سلبًا على المدى البعيد رافعًا من احتمالية وفاة أبنائها وهم في مرحلة الرضاعة.
وأيضًا لم يسلم الجنين في رحم والدته من هذه الملوّثات هو الآخر؛ فقد أشارت بعضُ الدراسات إلى أن التعرض الجائر للملوثات الهوائية في فترة الحمل ترافق مع انخفاض وزن الجنين عند الولادة، قصر نمو عظم الفخذ، نقص قطر بطن الجنين، خلل في الدنا المتقدري Mitochondrial DNA للجنين (مادة وراثية خلقية توجد في ميتوكوندريا الخلايا)؛ إذ يصل الهواء الملوث إلى الجنين عبر أسناخ الأم (الأسناخ هي الأكياس الهوائية الموجودة في الرئتين والمسؤولة عن التبادل الغازي بين دم الجسم والجو) ومنها إلى دمها ومن ثم إلى دمه عبر المشيمة (صلة الوصل بين الجنين والأم).
ختامًا؛ إن الأثر الضار لغياب الغطاء النباتي قد تعدَّى حدودَ توقعاتنا حتى طال شقائق روحنا من نساء وفتيات، وهنا يبرز سؤال مهمّ: هل نتعظ من هذه الحقائق وننتبه أكثر على غطائنا النباتي خصوصًا في ظل الأحداث الأخيرة من حرائق غابات الأمازون أم أننا -وكما جرت العادة- سنرفع أصوات ماكيناتنا محاولين تجاهل صوت الطبيعة المستنجد؟
*للاطلاع أكثر على موضوع التعرّض للملوّثات البيئية في فترة الحمل ومدى خطورتها على صحة الجنين المولود؛ يمكنكم مراجعة مقالنا السابق: هنا
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا