مشاركة دوائية تستطيع القضاء على سرطان الدماغ الشديد
الطب >>>> السرطان
يعدّ الورم الأرومي الدِّبْقي Glioblastoma أخطرَ أنواع الأورام الدماغية وأكثرها انتشاراً، حيث يتم سنوياً تشخيص 12.000 حالة في الولايات المتحدة، ويعيش معظم المرضى لمدة 14 شهراً على الأكثر بعد التشخيص.
وهو من الأورام صعبة العلاج لأنّه ما إن يتم اكتشافه وتشخيصه حتى تكون الخلايا الورمية قد انتشرت إلى أجزاء أخرى من الجسم. من الممكن إجراء استئصال جراحي لجزء من الورم، يتبعه علاج إشعاعي (لاستئصال ما تبقى منه)، ولكن رغم ذلك تبقى بعض الخلايا الورمية التي ستؤدي في النهاية إلى قتل المريض.
قد تؤخّر هذه الإجراءات (الجراحة والعلاج الإشعاعي) من تطور المرض لمدة من الزمن، إلا أنها لا تستطيع أن تحمي المريض بشكل تام، وعادةً تحدث الوفاة خلال أشهر.
يعتمد العلاج الحالي للورم الأرومي الدِّبقي GB على زيادة بُقيا المريض (أي الفترة المتوقع أن يعيشها المريض، survival)، مما يعني أنّ الورم غير قابل للعلاج فعلياً. وحتى عند علاج هذا النوع من الأورام فلن يكون العلاج شافياً ولن يُستأصل الورم بشكل تام، لأنّ الورم قادر على صدّ هجوم الخلايا التائية المناعية المختصّة بمقاومة السرطان. إلا أنه باستخدام مشاركة دوائية تتكون من دوائين أصبح الباحثون قادرين على استئصال أورام الدماغ عند الفئران.
يكمن سبب صعوبة علاج هذا الورم في تجمّع وتكدّس الخلايا التائية المنظِّمة Regulatory T cells ضمن الورم الأرومي الدبقي؛ الأمر الذي يؤدي إلى كبح وإضعاف المناعة المضادة للورم. حيث يوجد على سطح هذه الخلايا المستقبِل CTLA-4، الذي يقوم بكبح استجابة الخلايا التائية تجاه الورم، وقد وجد الباحثون أن تثبيط عمل هذا المستقبِل يؤدي إلى زيادة في الفعالية المضادة للورم في سرطان الجلد الذي يدعى الورم الميلانيني (الميلانوما).
باستخدام فئران مصابة بالورم الدماغي GB، أراد الباحثون التأكد فيما إذا كان إطلاق السيتوكينات بشكل موضعي (أي بحقنها ضمن الورم) يمكن أن يؤدي إلى إنقاص التثبيط المناعي الذي تمارسه بنية هذا الورم، وبالتالي الوصول إلى استجابة مناعية مضادة للورم. يستطيع الإنترلوكين 12 (وهو من السيتوكينات) أن يعكس التثبيط المناعي المُحرَّض بالورم الأرومي الدبقي، مما يؤدي إلى زوال الورم.
قام الباحثون بحقن الفئران ببروتين يقوم بتحفيز الخلايا التائية ويدعى الإنترلوكين 12، إضافة إلى دواء آخر يقوم بتعطيل الوظيفة التثبيطية داخل الخلايا التائية.
إن التطبيق الموضعي للإنترلوكين 12 (IL-12) ضمن الورم مع إعطاء دواء يقوم بتعطيل أو إيقاف عمل المستقبلات المثبّطة CTLA-4 الموجودة على الخلايا التائية أدى إلى استئصال الورم حتى في مراحله المتقدمة.
وكما هو معلوم، يكون لإعطاء IL-12 بشكل جهازي* تأثيراتٌ خطيرة، حيث يسبب نقصاً في الكريات البيض والصفيحات وقد يؤدي إلى الوفاة.
عندما استُخدم الإنترلوكين 12 لوحده لعلاج الفئران كانت نسبة البُقيا حوالي 25%، ولكن عندما أُضيف الدواء الآخر ارتفعت نسبة البقيا إلى 80% في حيوانات التجربة.
وعلى ضوء هذه البيانات، فإنّ هذه المشاركة الدوائية واعدة في علاج الورم الأرومي الدبقي.
يأمل الباحثون بأن يستطيعوا البدء بالتجارب السريرية على المرضى بأسرع ما يمكن ليتأكدوا من فعالية الدواء عند البشر.
الهوامش:
*(أي أنه يؤثر في هذه الحالة على كامل الجسم وليس فقط على منطقة محددة، كما عند إعطاء الدواء فموياً أو وريدياً).
في الصورة نلاحظ ورماً في دماغ فأر (المنطقة الداكنة على اليسار) تم استئصاله باستخدام مزيج من أدوية لم تستخدم بهذا الشكل من قبل. تقوم الفكرة على تحفيز الاستجابة المناعية ضد الورم المتنامي في الدماغ .