إن الثقافة لا تتجسد في مظهرنا وطعامنا ولباسنا فقط، إن للثقافة تأثيرًا كبيرًا في تشكيل دواخلنا وهي دليلنا في تشكيل المعنى والسلوك، ومن ذلك طوّر العلماء نظرياتٍ تؤكد هذا التأثير، وسُمّي اهتمام العلماء به بـ "علم النفس الثقافي".

ما هو علم النفس الثقافي؟
إن الإجابة الأكثر تكرارًا عن هذا السؤال هي أن علم النفس الثقافي يدور حول إيجاد الاختلافات الثقافية، وهو ليس جوابًا خاطئًا؛ على الرغم من أن تحديد الاختلافات بين المجموعات الثقافية ما هو إلا الخطوة الأولى التي تؤدي إلى مزيد من الأسئلة. 
حتى يومنا هذا، تطور علم النفس الثقافي ليصبح مجالًا متطورًا من الأبحاث مع نظريات ومنهجيات راسخة تشمل بعضَ التطورات البارزة، وخصوصًا علم الأعصاب الثقافي، وتحقيقات في أسباب التغير الثقافي، ودراسة التفاعل بين الجينات والثقافة. 
ويظهر تأثير الثقافة جليًّا في هذه الدراسة المثيرة للاهتمام التي تقول إن الهويّة الثقافية للاعبي كرة القدم الأمريكية (الركبي) تغير طريقةَ لعب الفريق. 
ويُظهر البحث أن فريق (Māori All Blacks)؛ وهو فريق من لاعبين من الثقافة الماورية نفسها، أكثر مرحًا وعفوية، ويتحمل مخاطرَ أكثر من الفريق الوطني الياباني الذي يضم مجموعةً من الجنسيات، ويشير الباحثون إلى أن هذا الاختلاف يرجع إلى هوية اللاعبين الثقافية؛ إذ لدى الماوريين مشاعرُ إيجابية تجاه ثقافتهم ورغبة أقوى في الحفاظ على الثقافة أكثر من لاعبي المنتخب الوطني الياباني؛ نتيجةً لذلك أظهر الماوريون شخصيةً أكثر جدية وموجهةً نحو الهدف.
يقول الدكتور (يوسوكي كورودا) من جامعة (ماسي): "يلعب لاعبو الركبي المحترفون من أجل لقمة العيش، لذلك من المهم للغاية فهمُ كيف تؤثر هويتهم الثقافية وشخصيتهم في طريقة لعبهم، لقد تغيرت بيئة لعبة الركبي بسبب الاحتراف وبسبب تزايد شعبية الرياضة، أردنا أن نتحرى عمَّا إذا كان اللاعبون قد تغيروا منذ الثمانينات، عندما كان اللاعبون هواة ".

استطلعوا (57) عضوًا من لاعبي الركبي المحترفين، و(26) من الماوريين، و(31) من المنتخب الوطني الياباني، وطلبوا منهم إلقاءَ نظرة على (30) بيانًا وقول ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة!
على سبيل المثال تساعد عبارات مثل "إذا كان لديّ وقتٌ إضافي، فأفضّل قضاءَه في إنجاز شيء مهم" في قياس المرح.
إضافة إلى ذلك، أجابوا عن الاستبيانات لتقييم هويتهم الثقافية، واستكشاف أشياء مثل التعرف إلى الذات والروحانية، وظهر أن الشخصية التحفيزية للاعبين تنعكس -على نحو جيد- في أسلوب لعب كل فريق. ويقول الباحثون: إن نتائجهم يجب أن تكون غذاءً فكريًّا عند بناء أيّ فريق.
إن البيئة تشكل الثقافاتِ والثقافات تؤثر في تطور الشخصيات، وتتوافق بعض الجوانب الخاصة بالثقافة مع المتلازمات الثقافية مثل التعقيد والشدة والفردية والجماعية، ويجب توخي الحذر في المجادلة وفي عوامل الشخصية لأن معظم الدراسات لم تتضمن السماتِ العاطفية الخاصة بالثقافة ولم تدرس العيناتِ التي تختلف اختلافًا كبيرًا عن العينات الغربية.

المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا