العنوان سيرة حياة النحَّات دوناتيلو
الفنون البصرية >>>> فنانون عالميّون
ونظرًا إلى فنه الجميل يعدُّ من أعظم النحاتين في أوائل عصر النهضة في إيطاليا.
كان والد "دوناتيلو نيكولو دي بيتو باردي" يعمل في تجارة الصوف وكانت أسرة باردي ناجحة تجاريًّا، بداية مسيرته المهنية لم تكن معروفة كيف بدأت لكن من المرجح أنه تعلم نحتَ الحجرِ من أحد الناحتين العاملين في كاتدرائية فلورنسا "دمو Duomo" من عام 1400، وأصبح في عامين 1404 و1407 عضوًا في ورشة عمل "Lorenzo Ghiberti" لورنزو غيبرتي.
كان غيبرتي (Ghiberti) معروفًا بأسلوبه القوطي العالمي من النحت البرونزي، تميّز عملُه بابتكار خطوط رقيقة، يعدُّ تمثال "ديفيد" من أوائل أعماله المعروفة وأقدمها، كانت أعماله متأثرة بأسلوب "غيرتي"، وأولى أعماله كانت تمثال القديس "جون" المنحوت على واجهة كاتدرائية "Duomo" الذي نُحِت من الخشب الصلب ليوضع في كنيسة "سانتا كروتش" القريبة .
عندما صقل "دوناتيلو" مهاراته بصفته نحاتًا، اكتسبَ اشتهر بأنه متقلب المزاج يمتلك حسًّا حساساً من الفكاهة، ولم يُعرَف سوى القليل عن حياته الشخصية، كان يمتلك نظرة فريدة في إنشاء أعماله وخاصة الأيقونات الدينية.
خلق "دوناتيلو" نمطًا جديدًا على ألواح الرخام المنحونة وسُميت "schiacciato"، وتُرجمت إلى الإنكليزية بمعنى "السطح الخارجي" وهذه التقنية سمحت بإعطاء النحت السطحي إحساسًا أعمق، استخدمَ هذه التقنية في العديد من أعماله التي لاقت نجاحًا كبيرًا؛ أهمُّها "القديس جورج قاتل التنين" أسينشن مع السيد المسيح يعطي مفاتيح لقديس بطرس.
ظهرت قوة "دوناتيلو" في نحته تماثلي رخام؛ أولهما "القديس جورج" ثم "القديس مارك" (أنهاهما عام 1415) الموجودَين في الجوانب الخارجية لكنيسة "Orsanmichele" في فلورنسا واستبدل تمثال جورج بنسخته الأصلية الموجودة الآن في متحف Nazionale del Bargello.
نرى النقلة النوعية الأولى منذ العصور القديمة الكلاسيكية وبتناقض واضح مع الفن في العصور الوسطى كيف ظهر جسد الإنسان كأنه حقيقيٌّ تجسد ذلك من سلسلة التماثيل النبوية الخمسة التي عمل عليها "دوناتيلو" عام 1416 لمنافذ "كامبانيل"، برج الأجراس في الكاتدرائية.
تمثلت تماثيل إبراهيم وإسحاق (1416-21) بتجسيدهم بلحية خفيفة وهي موجودة في المنافذ الشرقية ويطلق عليهم Zuccone وهي تعني "القُرْع " وذلك بسبب غياب الشعر على رأسهم تشتهر Zuccone أنها أفضل تماثيل "campanile" أحد روائع الفنان.
يظهر في كلا Zuccone – Jeremiah 1427-35 السّمات الفردية المستوحاة من تماثيل بورترية رومانية قديمة، يشيرُ الخطباء إلى أن المجهود الفردي قد يغير من نمط التماثيل التقليدية لأنبياء العهد القديم ويدفعهم للخطأ بعدّهم تماثيل بورتريه في نهاية القرن الخامس عشر.
يرجح أن عمل "St. Louise of Toulouse" هو وراء التعاون مع النحات (Michelozzo) نفذ دوناتيلو لجانًا مستقلّةً بالنحت، ضمت عددًا من الأعمال البرونزية من الخط المعمودية "San Giovanni" في "سيينا Siena" ويعدّ Michelozzo نحاتًا فلورنسيًّا ومهندسًا معماريًّا، درس تحت عهد Ghiberti، في السّنوات السابقة جمعهم عملٌ مشتركٌ في مركز "دوناتيلو" للنحت كان العمل عن نحت تمثال جون الثاني والعشرين، وساهم في عمل عيد انتقال العذراء في قبر " Brancacci " في مدينة نابولي، عمل الدرابزين المحيط للمنبر الخارجي لكاتدرائية.
تبدو الأعمال المنفردة لدى دوناتيلو مستوحى كثيرًا من الفنون القديمة فإن تعاونه مع "Michelozzo" يشبه إلى حد كبير أعمال "فيليبو برونيليتشي Filippo Brunelleschi"، أكمل "دوناتيلو" مسيرته الفردية ومزج وفق أسلوبه الفنون الكلاسيكية من العصور الوسطى، فوضع لنفسه أسلوبًا بعيدًا عن المعايير القديمة التي حددها Filippo Brunelleschi ذلك أدّى إلى خلقِ خلافٍ بينهما واستمرَّ حتى وفاتهما.
أظهرَ في فترة تعاونه مع "Michelozzo" أفضل أعماله، أحد أعماله المميزة "عيد هيرودس Feast of Herod" الذي استخدم تقنية النقوش الخاصة به مع منظور خطي، تأثر "دوناتيلو" بسلسلة الملائكة العاريات الصغيرات التي تجسد الفن الأتروري وساعدته إلى خلق منحوتة ديفيد ورأس جالوت التي تعدُّ عملًا مذهلًا يتمثل بشكل برونزية؛ وهي تعني شخصية رمزية تمثل الكبرياء ودور الحماية الإلهية ضد قوى البشر، عمل هذه المنحوتة بناءً على أمر من عائلة "ميديشي Medici" وضع في وسط قصر ميديشي في فلورنسا.
دُعي دوناتيلو إلى مدينة "Padua" في عام 1440 وذلك للعمل على سلسلة من الأعمال البرونزية، أنهى أول أعماله صليب "لبادوا سانتو Padua santo" ثم أنجز تمثال الفروسية المعروف شعبيًا باسم "غاتيلاتا Gattamelata" يصوّر هذا العمل غاتيلاتا في درع كلاسيكي يخرق الجبال وفي يده اليمنى عصا القيادة المرتفعة، والرأس المرفوع الذي يمثل القوة الفكرية للنبلاء الرومان، كان هذا التمثال رمز الفروسية في ذلك الحين، انتشرت شهرته قبل عرضه على الملأ، أراد ملك نابولي أن يعمل دوناتيلو ثمثالًا مشابهًا له.
تولى في بداية عام 1450 أهم الأعمال في "بادوا Padua" أهمها كنيسة "سان أنتوني" تمثال من الصليب البرونزي الرائع، ومذبح عال جديد، وهو يعدُّ الأكثر جمالًا ليس له مثيل في القرن الخامس عشر، يحتوي الإطار المعماري الغني بالرخام والحجر الجيري على سبعة تماثيل برونزية بالحجم الطبيعي، وإحدى وعشرين نقشً برونزيًّا من مختلف الأحجام ونقشًا كبيرًا من الحجر الجيري عند مداخل السيد المسيح.
ويعدُّ القديس "أنتوني والمعجزات الأربعة" من أرقى النقوش التي تشكل مؤلفات إيقاعية متناغمة، إن اتقان "دوناتيلو" في العديد من الشخصيات التي تحوي أكثر من مئة نقشة يتوقع أن تصبح من المبادئ التركيبة لعصر النهضة.
بدى على دوناتيلو في السنوات الثلاث الماضية في "بادوا" تقصيرٌ في العمل، لم ينهِ عمله في مذبح "سان أنطونيو"، ولم يُوضع نصب "غاتيلاتا" حتى عام 1453، ثم استبعده كبار النحاتين والبنائين الحجريين في هذه المشاريع، وصلت إليه العديد من العروض من "مانتوا" و"مودينا" و"فيرارا" حتى "نابولي"، لكن "دوناتيلو" رفض جميعها، من الواضح أن "دوناتيلو" كان يمر بأزمة منعته عن العمل .
نقل عنه إنه توفي في"Padua " في عام 1456، أنهى قبل وفاته عملين بين عامين 1450 – 1455؛ وهو تمثال خشبي "القديس يوحنا المعمدان في سانتا ماريا غلوريوسا فيراري"، والعمل الثاني تمثال "القديسة ماري مادلين لمعمودية فلورنسا"، وهي موجودة الآن في متحف "ديل أوبرا ديل دومو dell’Opera del Duomo".
يعدُّ هذان العملان رؤية جديدة للواقع النفسي .
تغير عمل "دوناتيلو" عند عودته إلى فلورنسا ظهر عليه التعب، ظهر ذلك واضحًا في تمثاله لمريم المجدلية الذي أظهرها ببشرة ذائبة وملامح شيخوخة بدا أنه يصور نفسه .
في السنوات الأخيرة من حياة "دوناتيلو" صمم عددًا من المنابر البرونزية لكنيسة "San Lorenzo" امتازت بنقوش بارزة لإظهار شغفه بالسيد المسيح، تعد المنابر أعمال ذات عمقٍ وتعقيدٍ روحيٍّ هائلٍ على الرغم أن "دوناتيلو" لم يكمل عملها بسبب وفاته، لا يزال هناك العديد من أعمال الفنان معروضة في فلورنسا في متحف "dell'Opera del Duomo " وفي الكاتدرائيات والأماكن العامة في جميع أنحاء إيطاليا.
أثر دوناتيلو في النحاتين الإيطاليين ولا سيما "مايكل أنجلو" في القرن السادس عشر، فمعظم أعماله في إيطاليا، ولديه عملٌ واحد في الولايات المتحدة وهو تمثال واحد "Madonna in rilievo schiacciato" موجود في متحف الفنون الجميلة في بوسطن، لا يملك متحف متروبوليتان " Metropolitan " سوى أعمال تعكس أسلوبه وأبرزها تمثال على شكل نافورة للرضيع ذو الأجنحة في منتصف القرن الخامس عشر (1983.356).
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا