لغز التطور أصبح قابلًا للحل
البيولوجيا والتطوّر >>>> التطور
وشرحًا لأهمية الاكتشاف، يقول البروفيسور Enrico Cappellini (إنريكو كابيليني)؛ المُتخصص في (Palaeoproteomics) أو المستحاثات البروتيومية (مجموعة من البروتينات) في معهد غلوب بجامعة كوبنهاغن، والمؤلِّف الأول للبحث: "استُخدِم الحمض النووي القديم مدة 20 عامٍ لمعالجة أسئلة عن تطور الأنواع المنقرضة، والتكيف والهجرة البشرية، ولكن؛ هناك قيودٌ منعتنا من المضي قدمًا في اكتشافاتنا، والآن، ولأول مرة استرجعنا المعلومات الوراثية القديمة التي تسمح لنا بإعادة بناء التطور الجزيئي بما يتجاوز الحدَّ الزمني المعتاد لحفظ الحمض النووي."
إنَّ بيانات الحمض النووي التي تتبع التطور الوراثي البشري تُغطِّي الأربعمئة ألف سنة الماضية، في حين أنَّ الأنساب التي أدَّت إلى الإنسان الحديث والشمبانزي -الأنواع الحية الأقرب وراثيًّا للبشر- تشعَّبت قبل قرابة (ستة إلى سبعة) ملايين سنة؛ ممَّا يعني أنَّ العلماء تعوزهم -حاليًّا- معلومات وراثية عن أكثر من (90) في المئة من المسار التطوُّري الذي أدى إلى الإنسان الحديث.
ولا يعرف العلماء ما هي الروابط الوراثية بيننا وبين الأنواع المنقرضة أيضًا؛ مثل الإنسان المنتصب -أقدم الأنواع البشرية المعروفة- والذي له أبعاد جسمية شبيهة بأبعاد جسم الإنسان؛ لأنَّ كل ما هو معروف حاليًًا يعتمد على المعلومات التشريحية حصريًّا وليس المعلومات الوراثية.
والآن يستخدم الباحثون تسلسل البروتين القديم -استنادًا إلى تقنية رائدة تُسمَّى مطياف الكتلة (Mass spectrometry)- لاستعادة المعلومات الوراثية من سن (Stephanorhinus) البالغ من العمر (1.77) مليون سنة، وهو وحيد قرن مُنقرض عاش في أوراسيا في أثناء العصر الجليدي، فأخذ الباحثون عيِّنات من مينا الأسنان من الحفرية القديمة التي اكتُشِفت في دمانيسي (جورجيا)، واستخدموا مقياس الطيف الكتلي لمعرفة تسلسل البروتين القديم، واسترجاع المعلومات الوراثية التي ماكان بالإمكان الحصول عليها سابقًا باستخدام اختبار الحمض النووي.
ومن المعروف أنَّ مينا الأسنان أقسى المواد الموجودة في الثدييات، إضافة إلى أنَّها متوفرة في السجلات الأحفورية بكثرة ـ وقد اكتشف الباحثون في هذه الدراسة أنَّ مجموعة البروتينات المحتواة فيها تدوم فترةً أطول من الـ(DNA)، وتعطي معلوماتٍ وراثية أكثر من الكولاجين، وهو البروتين الوحيد الذي استُخرِج -حتى الآن- من الحفريات التي يزيد عمرها عن مليون عام.
وقد أفاد الباحثون أنَّ سلسلة البروتين باستخدام مطياف الكتلة سيمكِّنهم من استرداد كثير من المعلومات الوراثية الموثوقة، من مستحاثات الثدييات التي عمرها ملايين السنين بدلًا من آلاف السنين فحسب.
وهكذا، فإنَّ مثل هذا الاكتشاف قد يُحدِث ثورةً في طرق دراسة التطور المعتمدة على الواسمات الجزيئية.
والعلماء في مجال التطور يستخدمون هذه النتائج في أبحاثهم الحالية؛ ممَّا قد يسمح للعلماء بجمع البيانات الوراثية للحفريات القديمة وبناء صورة أكبر وأكثر دقةً لتطور مئات الأنواع بما فيها جنسنا البشري.
المصادر:
1- هنا
2- هنا