التأمل؛ أملٌ جديد في علاج الإدمان!
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
يعد اضطراب استخدام المواد الأفيونية (Opioid Use Disorder) من بين الاضطرابات التي تناولها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) ضمن الاضطرابات المتعلقة بالأفيون، وهذا الاضطراب بات يعانيه ملايين الأشخاص في أنحاء العالم؛ ففي أمريكا وحدها -وبحسب المسح الوطني الذي أجري عام 2016 عن الصحة وتعاطي المخدرات- كان اضطراب تعاطي الأفيونات من بين أكثر الاضطرابات شيوعًا (2،1 مليون)، ووجود هذه الأعداد الضخمة بدأ من سوء استخدام هذه المواد الأفيونية وخروجها عن المسار الطبي المحدد لها لأنه من المعروف أن المواد الأفيونية قد تستخدم لأغراض العلاج الطبي.
إن ارتفاع معدل انتشار هذا الاضطراب في الولايات المتحدة وفقدان العلاجات الطبية التقليدية قيمتها في مواجهة فعالة لهذا الاضطراب قد دفع الباحثون إلى إجراء دراسات مستمرة لإيجاد أنواع علاجية بديلة قد تثمر في علاج هذا الاضطراب. وبالفعل؛ قد أشار بحث جديد إلى دور التأمل(1)(Mindfulness) في تقليل الرغبة الشديدة للأفيونات.
العلاج الطبي التقليدي لاضطراب سوء استخدام الأفيونية عادة يتضمن الميثادون، وفي هذا النوع من العلاج يقدم الأطباء للناس جرعات ميثادون(2) (وهو أيضًا مادة أفيونية طبية تخضع للرقابة الدوائية وفعالة بجرعاتٍ خفيفة) للمساعدة في تقليل الرغبة الشديدة في تناول المواد الأفيونية غير الشرعية والتي لا تخضع للرقابة. ولكن هذا النوع من العلاج بدأ يفقد قيمته وفعاليته العلاجية والطبية؛ فبحسب عالمة النفس الإكلينيكي في قسم الطب النفسي الأمريكي نينا كوبرمان: "إن ما يقارب من نصف الأفراد الذين تلقوا علاج ميثادون واصلوا استخدام المواد الأفيونية في أثناء العلاج وبعده".
ولهذا السبب رغبت كوبرمان وزملاؤها في معرفة ما إذا كانت بعض الممارسات البديلة قد تُسهم في تعزيز فعالية العلاج بالميثادون للأشخاص الذين يعانون سوء استخدام المواد الأفيونية.
وفي دراسة ظهرت نتائجها في مجلة "إدمان المخدرات والكحول"؛ اختبرت كوبرمان وزملاؤها أسلوبًا علاجيًّا جديدًا لعلاج سوء استخدام المواد الأفيونية أُطلق عليه "التعزيز الموجه بالتأمل" والمعروف اختصارًا بـ (MORE)، ويعلم هذا النوع من العلاج الأفرادَ التركيزَ على الحاضر ليصبحوا أكثر وعيًا للأفكار والأحاسيس.
وفي دراسة تجريبية على مجموعتين لأفراد يعانون سوء استخدام المواد الأفيونية: قُدِّم للمجموعة الأولى علاجُ ميثادون فقط، وللأخرى تعزيزٌ علاجيٌّ للميثادون بالتأمل (MORE)، وبعد 8 أسابيع من الدراسة؛ وُجِدَ أن المجموعة التي قُدِّم لها تعزيز علاجي بالتأمل (MORE) بدا لديها سيطرة أفضل في الرغبة الشديدة لاستخدام المواد الأفيونية بمعدل 13 مرة من المجموعة التي عولجت بالميثادون فقط. وأيضًاا أبلغ المشاركون في مجموعة علاج (MORE) أنهم بدؤوا يشعرون بانخفاض شديد بالألم والإجهاد إضافة إلى مشاعر أكثر إيجابية مقارنة بالآخرين في مجموعة العلاج التقليدي.
وفي خلال الدراسة التجريبية المنظمة؛ استخدم الباحثون برنامجًا علاجيًّا منظمًا يتكون من 6 ساعات العلاج الجماعي والفردي في خلال الأسبوع لتوعية مجموعة (MORE) بأهمية التأمل والأساليب المعرفية التي تتضمنها النظريات التي قدَّمها الباحثون في برنامجهم العلاجي.
وعلى الرغم من أن الدراسة كانت محدودة في إطارها الزمني، ولكنها أثبتت فعالية تعزيز علاج استخدام سوء استخدام المواد الأفيونية بالتأمل (MORE) في تحسين المكونات الحسية؛ وبذلك تخفيف أعراض سوء استخدام المواد الأفيونية لدى أولئك الذين يعانون هذا الاضطراب.
كذلك تُوصي دراسة جديدة تناولت هذا النوع العلاجي الجديد (التأمل)، ولكن في علاج اضطراب تعاطي المخدرات على تقييمات تتبعية (تلوية) طويلة الأمد لنتائج هذا العلاج الجديد.
---------------------------------------------------------
(1)التأمل: أن تركز على اللحظة التي تعيشها بكل تفاصيلها، وأن تفهم أحساسيك وتنسى الماضي والحاضر وألا تعيش في أفكارك وتهمل كيف تؤثر هذه الأفكار في جسدك ومشاعرك.
(2)الميثادون مادة مخدرة طبيية تستخدم لتسكين الآلام المزمنة، ويتوفر في شكلين: الحبوب والسائل؛ وبذلك فهو يغني المدمن عن استخدام الحقن التي قد تسبب إصابته بالإيدز. وإنّه يغنيه عن الانشغال في البحث عن الأفيون غير الشرعي الذي قد يورطه في ارتكاب الجرائم نظرًا إلى غلاء سعره أو الموت بسبب الجرعات الزائدة.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا