علاج واعد للتوحد
الكيمياء والصيدلة >>>> علاجات صيدلانية جديدة
ويواجه الأشخاص الذين يعانون اضطراب التوحد مشكلة في التواصل، وصعوبة في فهم ما يفكر الآخرون ويشعرون به، الأمر الذي يجعل التعبير عن أنفسهم بالكلمات أو الإيماءات أو تعبيرات الوجه أو اللمس أمراً صعباً. وقد يعاني المصابون بالتوحد مشكلات في التعلم، وقد تتطور مهاراتهم تطوراً غير متساوٍ، فعلى سبيل المثال؛ قد يواجه مريض التوحد صعوبة في التواصل ولكنه قد يملك مهارة في الفن ويتقنها، أو في الموسيقى، أو الرياضيات أو الذاكرة، ولهذا السبب؛ قد يكون أداء المرضى جيداً في اختبارات التحليل أو حل المشكلات خاصة (1).
ولا يوجد -في الوقت الحالي- علاج لمرض التوحد، ولكن يمكن للتدخل المبكر أن يحدث فرقاً كبيراً في نمو الطفل المصاب به.
وتكون هذه التدخلات في إطارَين رئيسيَّين هما (1)(2):
- العلاج السلوكي والتواصل: يعد تحليل السلوك التطبيقي (ABA) أحد هذه العلاجات؛ وهو يساعد على تعلم السلوكيات الإيجابية ويقلل من السلوكيات السلبية. ويمكن أن يساعد العلاج المهني في المهارات الحياتية مثل ارتداء الملابس وتناول الطعام والتواصل مع الناس، إضافة إلى أن علاج التكامل الحسي قد يساعد شخصاً يعاني مشكلات في اللمس أو مع الأصوات، ويعمل علاج النطق على تحسين مهارات التواصل.
- العلاج الدوائي: تستخدم الأدوية للتخفيف من الأعراض المترافقة مع الإصابة بهذا الاضطراب، مثل مشكلات الانتباه أو فرط النشاط أو القلق.
ويُعد الريسبيريدون Risperidone الدواء الوحيد المعتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA للأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد؛ فيمكن وصفه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 16 سنة للمساعدة في معالجة حدة الطبع. وقد يصف بعض الأطباء أدوية أخرى في حالات معينة؛ كمثبطات عود التقاط السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أو الأدوية المضادة للقلق أو المنشطات؛ مع العلم أنها غير معتمدة من قِبل الـ FDA لاضطراب طيف التوحد.
وفي دراسة جديدة وُجد أن دواء بوميتانيد bumetanide-وهو مدر للبول من مدرات العروة- يُحسِّن بعض الأعراض السلوكية الأساسية لمرض التوحد عن طريق خفض مستويات الناقل العصبي "حمض جاما أمينو بوتيريك GABA"؛ ما يؤدي إلى تغير النسبة بين GABA والغلوتامات glutamate في الدماغ؛ إذ تُشير الأدلة إلى أن الاختلال في التوازن بين الغلوتامات (الناقل العصبي المثير) وبين GABA (الناقل المثبط) قد يشكل الفزيولوجيا المرضية الأكثر شيوعاً، وبالنتيجة يكون تصحيح ذلك هدفاً في علاج التوحد(3)(4).
وقد شملت الدراسة 83 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و 6 سنوات يعانون التوحد المعتدل والشديد، وقُسِّم المشاركون إلى مجموعتين حصلت كلتاهما على درجات متماثلة وفق مقياس تصنيف التوحد في الطفولة CARS الذي يعد مقياساً للسلوك، ويقيس الاستجابة العاطفية والتواصل اللفظي وغير اللفظي.
وقد عولِجَت المجموعة الأولى المكونة من 42 طفل بـ 0.5 mg من البوميتانيد مرتين في اليوم لمدة 3 أشهر، بينما لم يتلقَ 41 طفل في المجموعة الضابطة أي علاج.
وقد أظهرت مجموعة البوميتانيد انخفاضاً كبيراً في شدة الأعراض بالمقارنة مع المجموعة الضابطة؛ وذلك بناءً على مجموع درجات مقياس CARS، وأُكِّد التحسن في الأعراض السريرية من الانطباع العام لطبيب مُعمَّى لمجموعة الدراسة (3).
وأظهرت دراسات التصوير العصبي أن 3 أشهر من العلاج باستخدام بوميتانيد ارتبط بانخفاض نسبة GABA إلى الغلوتامات في منطقتين رئيسيتين في الدماغ: القشرة المعزولة؛ التي تمتلك دور التعاطف والوعي الذاتي، والقشرة البصرية؛ المسؤولة عن دمج المعلومات المرئية ومعالجتها، وارتبط هذا الانخفاض في نسبة GABA / الغلوتامات بانخفاض شدة الأعراض(3).
ختاماً؛ نشير إلى أننا مازلنا بحاجة إلى مزيد من الدراسات على نطاق أوسع، ولكن هذه الدراسة تعد خطوة رئيسية في فهم آلية تحسين وظائف الدماغ والتقليل من الأعراض عن طريق تقليل GABA في الدماغ، ما يُبشِّر بإمكانية تطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية.
المصادر:
2- What Are the Treatments for Autism? [Internet]. WebMD.2018. Available from: هنا
3- Diuretic a Promising Treatment for Autism - Medscape - Jan 30, 2020
هنا
4- Horder J, Petrinovic M, Mendez M, Bruns A, Takumi T, Spooren W et al. Glutamate and GABA in autism spectrum disorder—a translational magnetic resonance spectroscopy study in man and rodent models. Translational Psychiatry. 2018;8(1).
هنا