كبسولة تحوي جهازاً على شكل نجمة لمحاربة الملاريا والأمراض الأخرى!
الكيمياء والصيدلة >>>> علاجات صيدلانية جديدة
قام باحثون أمريكيون بتطوير جهاز إيصال مديد التحرر للدواء على شكل نجمة، حيث يقبع هذا الجهاز في المعدة ويستطيع تحرير جرعات مضبوطة من الدواء لمدةٍ تصل إلى أسبوعين.
لقد تمَّ تصميم الدواء ليؤمن تحرراً مديداً من الدواء القاتل للطفيليات (Ivermectin) في جسم الخنزير لمدة تتراوح بين 10 – 14 يوم. ولم يكن هنالك أي دليل على انسدادٍ مَعِديٍّ أو ضرر في الأغشية المخاطية، وهي العوامل التي لطالما وقفت عائقاً أمام تطوير أنظمة تحرير الدواء المديد المَعِديَّة في الماضي.
يقول أندرو بيلينجر Andrew Bellinger، أحد الباحثين الأساسيين في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology (MIT) في كامبريج، "يوجد أنظمة إيصال دواء قادرة على تحقيق تأثيرات طويلة الأمد، ولكن كل هذه الأنظمة هي إما عن طريق الحقن أو قابلة للزرع تحت الجلد، أو تتضمن إجراءات جائرة أخرى (تتضمن إجراءً جراحياً في بعض الأحيان)".
ويضيف: "وهذه هي المرة الأولى التي استطاع فيها أيّ أحد أن يصنع حبة أو كبسولة فموية، والتي تبدو كالكبسولة التي يأخذها المريض عادةً، ولكنها تستطيع أن تطيل فعالية إيصال الدواء لأسبوعٍ أو أكثر".
حدد فريق الباحثين هدفه بأن يصمم كبسولة صغيرة بما يكفي ليسهل ابتلاعها، ولكنَّها كبيرة بما يكفي لتتجنب الدخول في الأمعاء الدقيقة مدفوعة بالتقلصات العضلية المعدية. ولتحقيق ذلك قاموا بتصميم جهاز نجمي الشكل مبني على أذرع مكونة من بوليميرات محملة بالدواء ومرتبطة ببعضها بروابط حساسة للحمض، حيث تستطيع هذه الروابط أن تذوب ببطء في المعدة. وحين تذوب هذه الروابط بالكامل، تتفكك مكونات البوليمير وتصبح صغيرة بما يكفي لتخرج من المعدة وتتابع طريقها خلال الجهاز الهضمي.
يتم طي النجمة ووضعها ضمن كبسولة جيلاتينية ليسهل ابتلاعها، وتذوب الكبسولة خلال 30 دقيقة في المعدة، مما يسمح للجهاز أن يأخذ شكله النجمي ضمن المعدة. من خلال دراسة الجهاز في الخنازير، توصل العلماء إلى أنَّ كل المحاولات الـ107 كانت ناجحة فقد تمكن الجهاز من أخذ شكله النجمي ضمن المعدة بعد 5 دقائق من البلع. وقد أظهروا أيضاً أنَّ النجمة قد تمكنت من الحركة بحرية ضمن المعدة، وأنَّه لم يكن هناك إشارة لحدوث انسداد؛ عندما استكملت الحيوانات غذاءها بشكل طبيعي.
كما وعَمَد الباحثون أيضاً على دراسة مدى إمكانية استخدام هذه الكبسولة في جهود القضاء على الملاريا. فقد طوروا صيغاً ذات تأثيرٍ مديد للتحرر المضبوط للـIvermectin (إفرميكتين) وقاموا بإدخالها إلى الجهاز. يقوم هذا الدواء باستهداف البعوضة الناقلة للملاريا، وقد أظهر قدرته على ضبط أعداد البعوض عندما تم إعطاؤه للبشر. وقد وجد الباحثون أن الجهاز أطلق جرعات ثابتة من الـIvermectin خلال 10-14 يوم، وحقق بذلك تراكيز مَصْلية فعَّالة لمكافحة البعوض.
يقول الفريق أنَّ الجهاز الذي طوروه يمكن أن يكون قيماً للاستعمال في البلدان النامية، مثلاً في برامج القضاء على الملاريا، حيث يمكن أن يساعد على تجاوز صعوبة جعل الناس تلتزم بأخذ أدويتها بشكل منتظم.
تستطيع هذه التقنية أيضاً أن تحل مشكلة ضعف نسب المطاوعة في الحالات المزمنة في الدول الغربية، وذلك لتحسين نتائج العلاج عند المرضى من خلال تقليل عدد الجرعات والمباعدة بينها.
يقول الباحث المشرف جيو ترافيرسو Gio Traverso من معهد MIT: "إنّ امتلاك القدرة على تغيير الفترات الزمنية الفاصلة بين الجرعات تتيح لنا أن نغير الإطار الذي نستطيع فيه أن نساعد المرضى"، ويقول أيضاً: "إذا حوَّلت دواء من جرعة (مرتين في اليوم) إلى مرة واحدة في الشهر مثلاً، تستطيع وقتها أن تتصل بالمريض مرة في الشهر وتقول، سيد سميث أريد فقط التحقق، هل أخذت دواءك؟".
يقول الباحثون أنهم اختبروا تصميمهم على عدّة أدوية مختلفة، ويخططون للتركيز على حالات يؤمنون أنها ستكون الأكثر استفادة من طرق إيصال الدواء المديدة، مثل أدوية الاضطرابات النفسية العصبية، أو فيروس الإيدز، أو السكري أو الصرع، وكذلك الأمر في أمراض المناطق المدارية. وستتم أول تجربة على البشر في عام 2017.
وقد علّقت جاين لورنسJayne Lawrence ، كبيرة العلماء في المجتمع الصيدلاني الملكي Royal Pharmaceutical Society ، على هذه الدراسة بقولها "على الرغم من أن فكرة استخدام أنظمة إيصال دواء معلَّقة في المعدة للحصول على إيصال مديد ليست فكرة جديدة، إلا أن استخدام جهاز بشكل نجمة وقادر على البقاء في المعدة محرراً الدواء لما يقارب الأسبوعين هو فكرة جديدة بالفعل. وسيكون مثيراً للاهتمام رؤية ما إذا كانت نتائج التجارب على البشر إيجابية مثل تجاربه على الحيوان."
ورغم أنّ هذه الأبحاث ما تزال حديثة العهد وتحتاج مزيداً من الوقت لتثبت جدارتها، إلا أنّ ما حققه العلماء حتى الآن في هذا المجال يعطينا شحنةً من الأمل على طريق القضاء على كثيرٍ من الأمراض التي ما تزال تحصد الأرواح حول العالم.
المصدر:
هنا