الفيروسات Vs الأورام.. ترى من سيكون الفائز؟!
البيولوجيا والتطوّر >>>> أبحاث السرطان
عندما نسمع كلمة "فيروس" تقفز إلى مخيلتنا أنواع مختلفة من الأمراض، وخصوصًا في فترة انتشار فيروس كورونا في وقتنا الراهن، ولكن؛ هل تخيلنا إمكانية تطويع هذا العدو ليكون مساعدًا لنا في القضاء على مرض خطير قضَّ مضجع البشرية منذ زمن طويل؟
تُعدُّ دراسة الفيروسات الورمية oncolytic viruses اتجاهًا من الاتجاهات العلمية الجديدة المُوجهة نحو إيجاد علاج أكثر فاعلية للأورام الخبيثة.
ويمكن عدُّ التطبيقات العلاجية لهذا النوع من الفيروسات معجزة علمية حقيقة؛ إذ إنَّها تُفضل إصابة الخلايا السرطانية وتدميرها مع الحد الأدنى من التأثير في الأنسجة السليمة.
وهنا يكمن اختلافها عن الأساليب العلاجية التقليدية والتي تُسبب عديدًا من الآثار السلبية. (3)
وقد طُبِّقت فكرة العلاج بالفيروسات الورمية لأول مرة في التسعينيات. (1)
وفي عام 2015 -قبل خمس سنوات فحسب- وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية U.S. Food and Drug Administration على استخدام العلاج الفيروسي في أنواع معينة من السرطانات، ومع ذلك، فإنَّ تطوير هذه الطريقة الواعدة وغير المكلفة في العلاج السرطاني يسير ببطء شديد بسبب الفهم غير المكتمل لها. (2)
ولاحظ علماء الأحياء والأطباء -مؤخرًا- أنَّ الفيروسات الورمية لا تعطي نتائج فعالة لدى المرضى جميعًا، وحتى وقتٍ قريب لم يتمكنوا من فهم سبب هذه الفعالية الانتقائية، فلم يتمكنوا -بناءً على ذلك- من تقييم فعالية العلاج الفيروسي عمومًا.
ونتيجة لذلك، درس باحثون في معهد فرانسيس كريك Francis Crick Institute الآليةَ التي تستخدمها الخلايا السرطانية لتحمي نفسها من الفيروسات الورمية؛ بهدف تحسين الاستجابة العلاجية.
وقد فحص الفريقُ البحثي البيئةَ الدقيقة المحيطة بالورم tumor microenvironment ولاحظوا كيفيةَ تفاعل الخلايا السرطانية مع جاراتها، ومع الأرومات الليفية المرتبطة بالورم cancer-associated fibroblasts (CAFs) على وجه الخصوص، والتي يُعرف بأنَّها تؤدي دورًا مهمًّا في حماية الورم ونموه وانتشاره، ووجدوا أنَّه عندما تكون الخلايا السرطانية على اتصال مباشر مع الأرومات الليفية، فإنَّ هذا يؤدي إلى تطور حالة التهابية يمكن أن تنبه الأنسجة المحيطة؛ ممَّا يولِّد عائقًا أمام الفيروسات الورمية يمنعها من أن تغزو الخلية السرطانية وتتكاثر داخلها.
وتحدث هذه الاستجابة الالتهابية الوقائية عندما تمرر الخلايا السرطانية كميات صغيرة من السيتوبلازم cytoplasm الخاص بها إلى الأرومات الليفية الورمية؛ ممَّا يحثُّ الأرومات الليفية على إرسال إشارة إلى الخلايا المجاورة وتنبيهها لإطلاق السيتوكينات*.
ولا يُلاحظ هذا النوع من التفاعل الالتهابي في الأنسجة السليمة إلا عند وجود إصابة بها؛ لأنَّ الغشاء يمنع هذا الاتصال المباشر عادةً.
واستنادًا إلى ما سبق، يمكن عدُّ هذا مثالًا جيدًا على كيفية إعاقة السرطان لنظام الحماية في اجسامنا وتوظيفه إياه لمصلحته الخاصة".
ومن الجدير بالذكر أنَّه عندما حجب الباحثون مسار هذه الإشارات التنبيهية في مزارع الخلايا والأورام التي تنمو في المختبر، وجدوا أنَّ الخلايا السرطانية أصبحت أكثر حساسية للفيروسات الورمية.
ويأمل الباحثون أن تساعد هذه النتائج في تطوير علاج مستقبلي قادر على تعديل تطور العملية الالتهابية، ومنه مساعدة الفيروسات الورمية في استهداف الخلايا السرطانية على نحوٍ أكثر فعالية. (3)
* السيتوكينات: بروتينات صغيرة الحجم (∼5–20 kDa) تطلقها أنواع مختلفة من الخلايا المناعية والبطانية والسدوية والأرومات الليفية، ولها دور مهم في تنشيط الاستجابة المناعية ضد الالتهاب. (4)
المصادر: