مناعة القطيع؛ هل هي الحل فعلًا؟
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
تحدث مناعة القطيع عندما يتعرض عدد كبير من الأشخاص في جمهرة ما لعامل ممرِض معين؛ إما بالتلقيح الصناعي وإما نتيجة العدوى المباشرة، وتتولد لديهم مناعة تجاهه. أما الأشخاص غير المتعرضين لهذا العامل في ذات الجمهرة فيصبح لديهم مناعة غير مباشرة من العدوى نتيجة منع وصول العامل الممرض إليهم أو تقليل تأثيره أو سرعة انتقاله بين السكان (1,2,3).
وغالبًا ما يُنظَر إلى هذا التأثير على مستوى السكان في سياق برامج التلقيح التي تهدف إلى تشكيل مناعة القطيع (2)، ولهذا المفهوم أهمية كبيرة في تربية الحيوانات أيضًا، فعلى سبيل المثال؛ تُلقَّح الخنازير ضد الفيروسات، ومن ثم تنتج أجسامًا مضادة، وعند تعرُّض الخنازير مرة أخرى لهذه الفيروسات فإنّ الأخيرة لا تتمكن من التضاعف أو الانتشار، وبذلك تنخفض وفيات الخنازير (1).
ويتطلب فهم مناعة القطيع النظرَ إلى العوامل التي تؤثر في العدوى وانتقال العامل الممرض والمناعة، وكذلك فهم السلوكيات البشرية (3). ولتشكيل مناعة القطيع يجب أن تمنع المناعة الناجمة عن اللقاح أو العدوى الطبيعية انتقالَ العامل الممرض وليس حدوث المرض السريري فقط.
وأما فيما يخص (COVID-19)، فتعد المظاهر السريرية مؤشرًا ضعيفًا على قابلية الانتقال؛ إذ يمكن للمصابين غير العرضيين المساهمة في نشر العدوى (2).
وتتوقف القدرة على تشكيل مناعة القطيع ضد (SARS-COV-2) على افتراض أنّ العدوى بالفيروس تولّد مناعة كاملة ودائمة، ولكن؛ في الوقت الحالي من غير الواضح معرفة قدرة البشر على توليد مناعة ضد (SARS-COV-2) (2). وقد كشفت دراسة شملت 175 مريضًا متعافيًا من الإصابة بـ (COVID-19) وجودَ أضداد نوعية تجاه هذا الفيروس، وعلى الرغم من أنّ هذه النتائج واعدة؛ فهي تطرح التساؤل ما إذا كان عيار هذه الأضداد سيتلاشى مع مرور الوقت، وبالنظر أيضًا إلى دراسات سابقة على فيروس (SARS-COV)؛ وُجِد أنّ الأضداد استمرت من أشهر إلى سنتين، وأنّ الحماية تجاه هذا الفيروس تميل إلى النقصان، وإذا ثبت هذا فيما يخص (SARS-COV-2) أيضًا فقد لا تتحقق مناعة مستمرة ضده بدون التلقيح المتكرر (2).
كذلك يُعدّ من المهم عند اللجوء إلى مناعة القطيع تقديرَ التكلفة المجتمعية لتحقيق ذلك، فاتباع هذه السياسة والسماح لعدد كبير من السكان بالعدوى من دون رادع سيؤدي إلى انتشار سريع لـ SARS-COV-2 يرهق أنظمة الرعاية الصحية؛ مما سيؤدي إلى زيادة الوفيات؛ إذ إنه من المتوقع أن يصل عدد الوفيات في أنحاء العالم إلى 30 مليون شخص، وقد يكون هذا التأثير مدمّرًا لدى البلدان التي تملك الحد الأدنى من الرعاية الصحية (1,2).
وهكذا، في ظل غياب برامج التلقيح أو لقاحٍ فعال ضد (SARS-COV-2) فلا يمكن أن يكون الهدف الأساسي هو تحقيق مناعة القطيع بالاعتماد على العدوى المباشرة، وبدلًا عن ذلك؛ يجب التركيز على السياسات التي تحمي أكثر الفئات ضعفًا. ولكن في نهاية المطاف من المحتمل تحقيق مناعة القطيع على المستوى العالمي بمرور الزمن بوصفها نتيجةً ثانوية لهذه التدابير (2).
المصادر:
2- Randolph HE, Barreiro LB. Herd Immunity: Understanding COVID-19. Immunity. 2020 19;52(5):737–41. هنا
3- Herd Immunity - PubMed [Internet]. [cited 2020 May 29]. Available from: هنا