صعقة كهربائية بمجرد لمسة!! ألم العصب مثلث التوائم
الطب >>>> مقالات طبية
عادة ما يكون المحرض للألم العصبي هو التلامس بينه وبين شريان أو وريد مغذي في قاعدة الدماغ مما يؤدي لهذا الخلل، أو قد يسببه ورم ضاغط، وأيضاً تُحدثه الآفات المزيلة للميالين من أحد فروعه الثلاثة (2,3)، وعند حدوث الإصابة في سن صغيرة يُشك بالتصلب العديد لدى المريض (3).
يصيب ألم العصب مثلث التوائم النساء أكثر من الرجال، ويشير المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والنشبات( The National Institute of Neurological Disorders and Stroke NINDS) إلى أنه يحدث عند الأشخاص ممن تجاوزوا الخمسين عاماً (1-3).
قد يتظاهر المرض في البداية على نحو هجمات قصيرة وخفيفة ولكن يمكن أن يتطور ويسبّب نوبات ألمية طويلة المدة ومتكررة (3)، وهو من الحالات الأكثر إيلاماً وتعطيلاً (4) وقد يؤدي أي تحفيز خفيف في الوجه من تنظيف الأسنان أو وضع مساحيق التجميل إلى إثارة ألم شديد يشبه الصدمة الكهربائية (3).
تتظاهر الأعراض مثلما ذُكر سابقاً بألم على هيئة صدمة كهربائية أو حرارة في المناطق التي يعصبها مثلث التوائم بما في ذلك الخد والفك واللثة والأسنان، وقد يؤثر أيضاً في الجبهة والعين، وغالباً ما يتظاهر الألم في جانب واحد من الوجه؛ إذ يندر أن يصيب الجانبين معاً ويكون تالياً لأي تحفيز على الوجه، وتزداد الهجمات توتراً وشدةً مع مرور الوقت؛ إذ يستمر المرض أشهراً أو سنوات ولكنه يهجع لفترات لا يحدث فيها أي ألم (3).
قد يُراجع المريض الطبيب في بداية حدوث المرض أو في مراحل متأخرة؛ إذ يختلف التاريخ بين المرضى، ولكن على نحو عام يجب تقييم حالة المريض على نحو دقيق كي يفرق بين الألم الناتج عن العصب مثلث التوائم واستبعاد أي سبب آخر؛ واعتماداً على التقييم يختار نمط المعالجة (4)؛ إذ يُمكن أن يُعالج المرض دوائياً ببعض الأدوية المضادة للاختلاجات والتي أثبتت فعاليتها في علاج آلام الأعصاب، ومنها الكاربامازيبين (carbamazepine) وأيضاً يمكن إشراك العلاج مع المرخيات العضلية ومنها (Lioresal)، وتتراوح الآثار الجانبية لهذه الأدوية بين الغثيان والدوار والنعاس وتتزايد مع زيادة الجرعة المطلوبة من الدواء فقدقد تصل إلى آثار جانبية خطيرة تستدعي إيقاف الدواء (5).
في حال فشل العلاج الدوائي يُلجأ إلى الخيار الجراحي في المعالجة، عن طريق الجراحة الوعائية المجهرية لإزالة الضغط MVD والمعروفة باسم "إجراء جانيتا Jannetta procedure" إذ يشقّ الجراح جرحاً صغيراً خلف الأذن، ثم يثقب الجمجمة ثقباً صغيراً باستخدام التصوير المجهري ثم يحرك الوعاء الدموي بدقّة بعيداً عن العصب ويدخل حشوة مصنوعة من التفلون (Teflon) بينهما ويزول الألم في الحال، ونسبة نجاح هذه العملية قد تصل إلى 80%، وتتطلب إقامة في المستشفى بعد الجراحة. تشمل مخاطر العملية العدوى أو النزف وقد تُحدث أذيات في السمع ونادراً نشبات دماغية وغيرها (5).
من الخيارات العلاجية الجراحية الأخرى، الجراحة الشّعاعية بأشعة غاما (gamma Knife Radiosurgery)؛ إذ توجّه أشعة دقيقة لتصيب العصب مثلث التوائم إذ يدخل في جذع الدماغ، فتسبب أذية في العصب تمنع إشارات الألم من المرور عبره، وهي لا تحتاج إلى تخدير، ويمكن أن تُجرى في عيادة خارجية مهيئة، وعادة يبدأ المرضى في الاستجابة للعلاج في غضون أربعة أسابيع إلى 12 أسبوعاً بعد العلاج، لكنّ بعض المرضى يحتاجون إلى ما يصل إلى ستة أسابيع إلى 12 شهراً للاستجابة الكاملة. وتشمل التأثيرات الجانبية لهذا الإجراء حدوث حس وخز وخَدَر (تشوش حس) في الوجه ويتراوح بين خفيف إلى شديد وقد يشمل كامل الوجه (5).
ويمكن العلاج بالموجات الراديوية المخربة (Radiofrequency (Lesioning والتي تعدّ خياراً علاجياً جيداً للمرضى الذين يعانون التصلب العديد (multiple sclerosis) أو المرضى الذين يملكون سبباً يجعل الجراحة المفتوحة خطرة عليهم، وذلك باستخدام قطب كهربائي يدخل ويطبّق حرارة على العصب تؤدي إلى تخريبه وإيقاف إشارات الألم. ويوفر الإجراء تخفيفاً فورياً للألم بنسبة 90% من المرضى ولكنه مع ذلك قد ينكس لدى 50% منهم مما يتطلب تكرار الإجراء (5).
ختاماً، تجدر الإشارة إلى المنظور المستقبلي فيما يتعلق بهذا المرض إذ تُركِّز الدراسات على تأثيرات الوراثة فيه والعوامل المسببة والتأثيرات الحسيّة الناتجة عنه، فضلاً عن دراسة وسائل علاجية أكثر تطوراً من ناحية تحضير أدوية ذات تحمّل أكبر لدى المرضى ودراسة النتائج والمضاعفات الناجمة عن الآليات الجراحية الحاليّة في معالجته (2).
المصادر: