الاستحواذ والاندماج - الجزء الثاني
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> الأسواق المالية
يستكملُ الحديث بإيجازٍ في الجزء الثاني عن أهمَّ دوافع إجراء تلك العمليات، بالإضافة إلى الحديث عن آليات تمويلها، والبيئة القانونية التي تؤطِّرها خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي النهاية يتحدَّثُ المقال عن أبرز تلك العمليات من ناحية القيمة على مدى التاريخ.
على الرغم من تعدد أشكال عمليات تجميع الأعمال؛ لكنها تتشارك غالبًا في مجموعةٍ من الدوافع. وفيما يلي؛ سيجري الحديث عن أبرزها في سياق الحديث عن عمليات الاستحواذ والاندماج خصوصًا:
1- التوسُّع والنمو - Expansion & Growth
إنَّ الشركات التي تسعى إلى توسيع أعمالها ضمن نفس الصناعة أو السوق، أو في صناعاتٍ وأسواقَ أُخرى، قد تعمل على ذلك إمَا بتنمية نفسها داخليًا، وهو أمر قد يكون بطيءً ومحفوفًا بالمخاطر وعدم اليقينـ وقد يُضيع على الشركة العديد من الفرص، أو أن تتوسَّعَ عن طريق الاستحواذ والاندماج مع شركاتٍ قائمة مما يحقق لها العديد من المزايا: كالنمو السريع وخصوصًا في حال كانت الشركة تعمل ضمن إطارٍ زمنيٍّ مُحدَّد، فضلًا عن تخفيف حالة عدم اليقين والصعوبات التي تواجه قرار التوسع بسبب الخبرة الموجودة في الشركات القائمة؛ خصوصًا إن أرادت شركةٌ ما التوسُّعَ خارج البلد مثلًا. وكذلك اغتنام الفرص عند الاستحواذ على شركاتٍ ناشئةٍ ذات مُستقبلٍ واعد، أو التي تطوَِرُ مُنتجاتٍ جديدة ومتفوقة على المنافسين كما الحال في قطاع التكنولوجيا مثلًا (1 pp 111-112).
2- المفعول التآزري - Synergistic Effect
يعني أنّ أداء الشركتين الناتجتين عن تجميع الأعمال يمكن أن يكون أعلى من مجموع أداء كلٍّ من الشركتين في حال العمل على نحوٍ مُستقلٍّ عن بعضهما البعض، كالقول بأن 2+2=5 (1 pp 113). ويتجلى هذا التأثير على نحوٍ أساسي في الشكلين التاليين:
3- تنويع الأعمال – Diversification
في الجزء الأول تحدثنا عن أنواعٍ من الاندماجات تُسمى بالتّكتُّليّة؛ التي يجري فيها اندماج شركاتٍ قد لا يكون هناك أي رابط مُشترك بينها. والدافع وراء هذا التنويع قد يكون بقصد التخفيف من تقلبات الأرباح وتقليل الآثار السلبية لدورات الأعمال في بعض الصناعات - أي فترة الانتعاش التي يعقبها فترة من الركود. فقد تستحوذ أو تندمج شركة ما مع شركة أُخرى من غير صناعة بحيث يكون هناك ارتباط عكسي في العلاقة بين أرباح الشركتين، أو قد تكونا متعاكستي الاستجابة لدورة الأعمال أو واحدة منهما لا تتأثر بدورات الأعمال، فعندما تنخفض أرباح أحداهما ترتفع الثانية أو تبقى ثابتة، وعليه تحيَّدُ أو تُخفَّضُ الآثار السلبية لدورات الأعمال وتحقيق الأرباح وتوزيعها على المساهمين بانتظام.
لا يكون التنويع دائمًا بالاستحواذ والاندماج مع شركات من خارج الصناعة، بل قد يكون ضمن نفس الصناعة لكن على سبيل المثال؛ قد تكون شركةٌ مُصنعة للأدوية وأُخرى موزعة لها، ويضمن هذا التنويع أن إدارة الشركة الراغبة بالتنويع على خبرة ودراية كافية بالصناعة التي تعمل بها، وهو ما قد لا يكون دائمًا موجود عند التنويع خارج الصناعة. وقد تسعى الشركة لتنويع أعمالها بدخول صناعات أُخرى بهدف تعظيم أرباحها، وذلك بالدخول بصناعات أو بالاستحواذ والاندماج مع شركات ذات منتجات في طور النمو وذات مستقبل واعد (1 pp 123-128).
4- التكامل الأفقي والعمودي – Horizontal & Vertical Integration
في سياق مشابه لدافع دعم الإيرادات وخفض النفقات؛ قد تسعى الشركات إلى الاستحواذ والاندماج مع شركاتٍ من الصناعة نفسها بدافع تحقيق ما يُسمى بالتكامل الأُفقي، وذلك لغاية توسيع حصتها ونفوذها في سوق منتجاتها وتقليل حدة المنافسة، إضافةً إلى تحقيق اقتصادات الحجم.
قد تسعى الشركة أيضًا إلى الاستحواذ والاندماج مع شركاتٍ ضمن نفس سلسلة القيمة لمنتجاتها – أي علاقة مورد وزبون بين الشركتين كما ذكرنا– لتحقيق ما يُسمى بالتكامل العامودي، وفيه تقترب الشركة من مصادر الموارد (يُعرف أحيانًا بالتكامل الخلفي) أو من الزبون النهائي (التكامل الأمامي) لمنتجات معينة. وقد تتحقق للشركة العديد من المنافع التي تدفعها نحو تحقيق التكامل العمودي ونذكر منها ما يأتي:
ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك؛ شركة “British Petroleum” التي تتسم بكونها شركة متكاملة أُفقيًا في مجال الطاقة؛ إذ تشتمل على وحدات تعمل على الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز وصولًا إلى بيع الوقود بالتجزئة وتوليد الطاقة (1 pp 136-146,4 pp 206).
المصادر:
2- Corporate Finance Institute. Financial Synergy - M&A Breakdown and Examples. [cited 2020 Oct 17]. Available from: هنا
3- M&C Partners. Operating Synergy. 2020 [cited 2020 Oct 19]. Available from: هنا
4- Gillespie A. Foundations of Economics. illustrate. Oxford University Press; 2007. 206 p. Available from: هنا