كيف يُتلاعب بالعقول؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
يَتلاعب الأشخاص بالعقول لتغذية شعورهم بالسيطرة على الآخرين (1)، إذ يمكن أن يُسبب التلاعب بالعقول القلق، والاكتئاب، والصدمات النفسية، وخاصةً إذا كان جزءاً من حلقة إساءةٍ نفسيةٍ واسعة (2).
إنَّ لمصطلح التلاعب بالعقول (Gaslighting) جذوراً تعود الى أوائل القرن العشرين، إذ يأتي الاسم من مسرحية (ضوء الغاز) والتي تعود إلى "باتريك هاملتون (Patrick Hamilton)". المسرحية مبنيةٌ على قصة رجلٍ مخادعٍ يحاول إقناع زوجته بأنها سوف تُجن، عن طريق سرقة مقالاتها وكتاباتها ليبيعها، ثم يعود ويخبرها بأنها هي من أضاعتهم بنفسها أو بدّلت أمكنتهم ونسيت أين، إلى أن بدأت بالتشكيك فعلياً في نفسها (1).
كيف يمكن أن تعرِفَ إن كنت تتعرض إلى التلاعب بعقلك (2،3)؟
هناك إشاراتٌ عديدةٌ لنعرف إن كنا نتعرض للتلاعب بالعقول من قبل أحدٍ ما، ومنها:
1. تتساءل في كثيرٍ من الأحيان إن كنت حساساً جداً.
2. تعتذر إلى الأشخاص في أغلب الأوقات.
3. لديك احساسٌ بأنَّ هناك خطبٌ ما، ولكنك لا تستطيع تحديد ما هو.
4. تشعر بصعوبةٍ في اتخاذ القرارات البسيطة.
5. تكذب على العائلة والأصدقاء لتتجنب أن تكون مضطراً الى تقديم الاعتذارات أو التبريرات لهم.
إن المُتلاعِب خبيرٌ في الضغط عليك، ويعرف حساسيتك تجاه بعض الأمور ونقاط الضعف الخاصة بك، والتي يستخدمها ضدك للتشكيك في نفسك وتغيير طريقة حكمك على الأشياء، وحتى التشكيك في ذاكرتك وسلامة عقلك. ومن الأمثلة على العبارات التي يستخدمونها (3):
· التقليل من شأن شعورك: "يجب أن تشعر بالأسف على نفسك الآن".
· يقولون أن الناس تتحدث من وراء ظهرك: "ألا تعرف؟ العائلة بأكملها تتحدث عنك، إنهم يعتقدون أنك تخسر السيطرة".
· إخفاء الأشياء عنك، ثم نفي معرفة أيِّ شيءٍ عن ذلك: "هل أنت جاد؟ لا يمكنك العثور على النظارات الشمسية الخاصة بك مرةً أخرى؟ هذا أمرٌ مقلق".
· الإصرار على أنك كنت، أو لم تكن في مكانٍ معين، على الرغم من أن هذا ليس صحيحاً: "أنت مجنون! إنك لم تذهب إلى ذلك المكان معي"
· والآن لنتكلم عن الأسباب التي تجعل الشخص يرغب بأن يتلاعب بالعقول (2):
يحدث التلاعب بالعقول لأنَّ شخصاً ما يريد السيطرة على شخصٍ آخر، إنه سلوكٌ يتعلمه عن طريق مشاهدته لأشخاصٍ يفعلون ذات السلوك. إذ يَشعر الشخص المُتلاعِب بأنه من حقه التحكّم في الآخرين وأن مشاعره ورأيه أكثر أهمية، إضافةً إلى أنَّ الشخص المُتلاعِب يمكن أن يكون لديه اضطراباً في الشخصية مثل اضطراب الشخصية النرجسية؛ إذ يشعرون بأنهم في حاجةٍ مستمرةٍ للإعجاب والاهتمام، ويعتقدون بأنهم أفضل من أيِّ شخصٍ آخر، ولا يوجد لديهم تعاطفٌ تجاه الآخرين.
· ماهي آثار التلاعب بالعقول (1)؟
غالباً ما يَستخدم المُتلاعِب أشخاصاً أقرباءَ منك ويقلبهم ضدك، كأنه يقول لك "انظر، كُلهم يعتقدون مثلي" لذا لن تستطيع الوثوق بأيٍّ منهم، مما يسبب إجهاداً عاطفيّاً مزمناً، وتوتراً شديداً لأنك ستفقد قيمتك لذاتك والإحساس بالثقة وستكون عُرضةً لمشكلاتٍ أكبر إذا كنت تعاني من اضطراباتٍ نفسيةٍ مثلاً، مما يُعطي المُتلاعِب سيطرةً أكبرَ عليك وعلى محيطك.
· كيف يمكن أن تحمي نفسك من التلاعب عقلياً بك (2)؟
1. الاحتفاظ بمذكرةٍ سرية: هذه التقنية تسمح للشخص بأن يحفظ مواعيد هامةً وتفاصيل الأحداث وذلك لتجنّب نسيانها.
2. التحدث إلى أحد أفراد العائلة الموثوق بهم أو صديق: يمكن هذا أن يساعد الشخص على اكتساب منظورٍ خارجيٍّ عن الوضع، وإنشاء سجلٍ خارجيٍّ إضافي للمعلومات.
3. التقاط الصور: يمكن هذا أن يساعد الشخص أيضاً على التحقق من الحقائق، والتحقق من ذكرياتهم وتذكير أنفسهم بأنهم لا يتخيلون الأشياء.
4. حفظ المذكرات الصوتية: إنَّ استخدام الهاتف الخليوي أو الجهاز لوصف الأحداث هو طريقةٌ سريعةٌ لشخصٍ ما لتسجيل شيءٍ حدث للتو في كلماته الخاصة.
إليك بعض النصائح الختامية التي يمكن أن تفيدك خلال تعرّضك إلى التلاعب بالعقل (1):
- انتبه لما يفعله الشخص، وليس لما يقوله. يقول المتلاعبون بالعقول شيئاً لكنَّ أفعالهم تقول شيئاً آخر.
- لا تستمع إلى شخصٍ يقول لك باستمرارٍ "أنت مجنون" أو يدلي بتعليقاتٍ مماثلةٍ تجعلك تشكك على نحوٍ روتيني في نفسك.
- لا تصدق أيَّ شخصٍ يقول لك أن عائلتك و/أو أصدقائك يتفقون معهم وليس معك انت.
- تذكر أنه ليس أنت، بل المُتلاعِب بالعقول هو المسؤول 100٪ عن سلوكهم.
المصادر: