Scott Joplin
الموسيقا >>>> تعرف إلى موسيقيي العالم
الراغتيام: سلف الجاز، فهو شكل مبكر من موسيقا الجاز لم يكن مشهورًا بوصفه نمطًا موسيقيًّا بين فئات المجتمع في وقته.
أما سكوت جوبلين فوُلِد في تيكساركانا، تكساس (Texarkana, Texas)، وكان والده جايلز جوبلين؛ الذي عاش جزءًا من حياته في ظل العبودية.
وقد وُلِد سكوت ضمن أجواء موسيقية، فكان والده عازف كمان، ووالدته فلورنس جيفنز جوبلين موسيقية أيضًا، فكانت تغني وتعزف على البانجو.
وكان له شقيقتان وثلاثة أشقاء، وجميعهم كبروا في هذا المنزل الموسيقي، وكان ينُظر إلى سكوت على أنَّه الطفل المعجزة في العزف على آلة البيانو!
وقد مرَّ سكوت بمجموعة من الظروف الصعبة، فوالده تركهم؛ ممَّا دفع والدته إلى العمل بالتنظيفات، وكانت تأخذ سكوت معها دومًا.
واستطاعت فلورنس أن تساعد ابنها في مسيرة تعلمه للموسيقا؛ إذ كان يتدرب على البيانو في المنازل التي كانت تعمل بها.
وأُعجِب الأرستقرطيون في تيكساركانا بسكوت؛ ممَّا فتح له بابًا جديدًا، فُيذكَر أنَّ مدرس بيانو ألماني تطوع ليعلم سكوت أسلوب العزف الأوروبي وطريقته، ولكنَّ هذه الرواية غير مؤكدة، غير أنَّ أسلوب سكوت في التأليف كان يظهر فيه الهارموني والنظريات الموسيقية الكلاسيكية الأوربية بوضوح شديد (1,2).
وقد تنقَّل بين عدة أماكن في فترة مراهقته وعزف في مناطق عدّة في أمريكا من سانت لويس إلى نيويورك، ثمَّ استقر في النهاية في سيداليا بولاية ميسوري (Sedalia, Missouri) ليعزف في نادي مابل ليف (Maple Leaf Club) وليدرِّس الموسيقا في كلية جورج سميث (George R.Smith).
وكان يعزف في قاعات الرقص والصالونات؛ ولكن، كان مُرحبًا به بشدة في أماكن العزف التقليدية، وانتقل بعدها إلى العزف في الفودفيل (vaudeville)، وهو نوع من الترفيه يضم عروضًا متنوعة من غناء ورقص وموسيقا وكوميديا..إلخ.
ثمَّ بدأ بالتأليف الموسيقي، وقد أدى تحسن شعبيته الموسيقية ومنها أحواله المادية عام 1900 إلى اتخاذه قرار الزواج، فتزوج من بيل هايدن (Belle Hayden).
وفي فترة زواجه عام 1903 نشر جوبلين الأوبرا الأولى التي كانت بعنوان ضيف الشرف (A (guest of honor، ولكنَّ المقطوعة اختفت نهائيًّا! ولعل السبب أنَّ جوبلين لم يشعر أنَّها جيدة بما يكفي، فدمر النسخ جميعها.
وانتهى زواجه ببيل عام 1905، وفي ذلك الوقت لم يكن أحدٌ يعلم مكان وجوده؛ ولكن، يُعتقد بأنَّه كان يعمل على أوبرا تريمونيشا.
وقد تُوفيت بيل هايدن عام 1908، وكتب سكوت في العام ذاته كتابًا تعليميًّا صغيرًا عن عزف موسيقا الراغتايم (1-3).
مسيرته في تأليف الموسيقا:
كانت مؤلفاته الأولى تتمثل في الأغاني العاطفية، ثمَّ انتقل إلى تأليف موسيقا الراغتايم، ونشر عام 1899 قطعته الشهيرة (maple leaf rag)، والتي تُعدُّ واحدةً من أكبر نجاحته.
ويمكن الاستماع إلى (Maple Leaf Rag) على الرابط الآتي:
وقد كتب فيها بعض الإيماءات التي تميزت بتناغمات كلاسيكية، وبيع منها أكثر من مليون نسخة من نوطات العمل، وعُدَّت أنَّها القطعة التي بدأت جنون الراغتايم الذي حظي بشعبية كبيرة، وكانت خطوة أولى ومهمة لتحقيق النجاح والشهرة؛ ممَّا دفع سكوت إلى التوقف عن العمل في الصالونات والتركيز على التلحين.
وتميز جوبلين بكتابة عديدٍ من القطع الجميلة المتقنة التي حصدت جمهورًا كبيرًا؛ ممَّا ساعد في تطوير هذا الشكل الموسيقي الأمريكي الفريد ونشره، فلم يُشهَد هذا التطور والتعقيد في مؤلفات الراغتايم من قبل (1,3)!
وكتب سكوت أيضًا موسيقا الفالس، المارش العسكري (March)، وقد ذكرنا سابقا أوبرا الراغتايم ومن أشهر هذه الأعمال هي تريمونيشا (Treemonisha)؛ الذي كان يُعدُّ عملًا فاشلًا في عصره؛ لأنَّ الجمهور لم يكن مستعدًا لقبول أوبرا كبيرة كتبها ملحن من أصول أفريقية، بالإضافة إلى أنَّه لم يكن من الممكن العثور على موسيقيين كلاسيكيين يؤدون هذه الموسيقا في ذلك الوقت ربما للسبب السابق نفسه، ومع ذلك لاقت هذه الأوبرا نجاحًا كبيرًا فيما بعد، فقد استهلك موسيقاه عددٌ كبير من الناس؛ إذ سُمعَت في عديدٍ من الأماكن الاجتماعية المختلفة (1,3).
وحاول جوبلين الحصول على فرصة نشر مقبولة لمؤلفة تريمونيشا كثيرًا؛ ولكن، حتى شعبيته في ذلك الوقت لم تكن كافيةً للنجاح في عالم الأوبرا، فحاول عام 1911 نشرها بنفسه ولكنَّه فشل، وكان مُحبطًا للغاية، واستمر بمواجهة فشل تلو الآخر، حتى عندما تزوج مرة أخرى عام 1909 من لوتي ستوكس وبعد دعمها له في نشر تريمونيشا فشلا معًا أيضًا.
وعانى جوبلين بالتزامن مع ذلك من مشكلات صحية، فقدراته العقلية بدأت تضعف بسبب مرض الزهري، وكان مرضه عام 1916 متقدمًا جدًّا، فألزمته زوجته بالبقاء في مستشفى ولاية منهاتن (1,2).
وتُوفي جوبلين في 11 نيسان (أبريل) عام 1917، وكانت جنازته أسطورية عندما مرت الجنازة عبر هارلم، وحملت كل عربة من العربات التسع والأربعين اسم مؤلَّفة من مؤلفاته، وبالطبع أولها كان Maple Leaf Rag.
وفي النهاية، ذُكِر جوبلين وكُرِّم لكونه ملحنًا عظيمًا، فحصل عام 1967 على جائزة بوليتزر (Pulitzer Prize) بعد وفاته، وكُرِّم عام 1983 بطابع تذكاري (1,2).
المصادر: