مذكرة الشباب والتنمية
المكتب الإعلامي >>>> أنشطة وفعاليات
على الصعيد المحلي، ليس من الجديد القول إنَّ الحرب الطويلة التي عاشتها سورية فرضت تغييراتها على الاحتياجات والأولويات، دون أن يعني ذلك بالضرورة أنَّ الاحتياجات والأولويات كانت قد حُدِّدت منهجيَّاً قبلها؛ إذ يمكن الحديث عن مقارنتها بأي احتياجات أو أولويات قد يجري تحديدها في الوقت الحالي. من جانبٍ آخر، لا يمكن الحديث عن التنمية دون التطرق لدور الشباب فيها؛ وبذلك يأتي نشر الفكر التنموي وأسس ومفاهيم التنمية المستدامة حاجة ملحة في هذا السياق لوضع سياسات تتجنَّب أي "أزمة ثقة" لديهم في البرامج التنموية القائمة وتدمج أولوياتهم في إطار الاستراتيجيات العامة، ولا سيما وأنهم المستفيد الأكبرعلى نحوٍ عام من التكنولوجيا.
في هذا السياق، عملت مؤسسة "الباحثون السوريون" في سورية على مدى الأشهر القليلة الماضية على مشروع لتمكين الشباب شمل حتى الآن مناطق دمشق وحلب والسلمية وطرطوس واللاذقية، واختتم بمجموعة من الحلقات الحوارية حول رؤية الشباب للمجتمع المدني والتطوع في سورية. عرَّف المشاركون في هذا المشروع العمل التنموي بأنه "عمل يسعى إلى تحسين الواقع وعلاج مشكلة معينة على نحوٍ مستدام، معتمداً على الابتكار والإبداع والشمولية"، وميزوا بينه وبين العمل الإغاثي الذي "يشمل تقديم الاحتياجات العاجلة مثل الطعام والشراب واللباس والمسكن"، بحسب المشاركين.
Image: SYR-RES
مناقشة العمل التنموي والإغاثي وبعض مجالات التنمية التي تناولها الشباب في دمشق
أما حول مشاركة الشباب في الجانبين فتجلَّت بنظرهم في تمكين الشباب بمختلف المجالات ذات الصلة وتوفير المنصات اللازمة لهم للإضاءة على الاحتياجات واقتراح الحلول مع ضرورة توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في هذا المجال.
كما ناقش الشباب في الحلقات الحوارية أهداف التنمية المستدامة، متبوعة بأولويات عملية التنمية في سورية من وجهة نظرهم، والتي شملت التعليم والبحث العلمي ومشاركة الشباب في العملية التنموية وريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية والصحة وتمكين المرأة والطفل.
Image: SYR-RES
مجموعة من مجالات التدخل كما ناقشها المشاركون في المنطقة الوسطى في مدينة سلمية
حول الأولوية الأولى يبرز البحث العلمي من كونه أولوية للتنمية وعاملاً مساعداً فيها على حدٍّ سواء في أثناء تقديم الحلول والابتكارات التي تساعد في تلبية الاحتياجات؛ إذ يكون البحث العلمي الموجه نحو هذه الاحتياجات أساساً من أسس التنمية المستدامة. كما يساعد هذا التوجيه في تعزيز دور الجامعات في التنمية وتحقيق التوازن في الاختصاصات، بدلاً من مساهمتها في إنتاج البطالة. يتطلَّب كل ذلك إعطاء الأولوية لقضايا مثل الطاقة والمياه والأمن الغذائي، فضلاً عن توسيع مساهمة القطاع الخاص في دعم البحوث العلمية والاستفادة من نتائجها.
أما فيما يتعلَّق بمشاركة الشباب في العملية التنموية، فقد ناقش المشاركون العمل التطوعي وإسهامه في المجال التنموي والإغاثي على حدٍّ سواء، مركِّزين على الجانب المتعلق بتنمية المهارات والاستفادة من التكنولوجيا ونشر الفكر التنموي وتوفير الحوافز اللازمة.
في مجال ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية، بات لزاماّ على رائد الأعمال التفكير إن هو سعى إلى إنماء عمله على نحوٍ دائم أن يفكر أيضاً بالتنمية المستدامة للمجتمع الذي يعمل فيه؛ إذ يبرز في هذا المجال مصطلح "ريادة الأعمال المجتمعية" التي تُركِّز على احتياجات المجتمع. كما برز دور التنمية الاقتصادية في سياق الأوضاع الاقتصادية الراهنة من ناحية الحاجة إلى توفير سبل العيش الكافية.
يأتي أخيراً موضوع الصحة وتمكين المرأة والطفل، ولا سيما في سياق الجائحة المستمرة التي يشهدها العالم والتي سلَّطت الضوء على التحديات التي يواجهها القطاع الصحي. في هذا السياق، يردُ أيضاً توفير الخدمات الصحية الوقائية والمتعلقة بإعادة التأهيل للتعامل مع آثار الحرب من ناحية ارتفاع نسبة السكان من ذوي الاحتياجات الجسدية الخاصة. يضاف إلى ذلك الاهتمام بصحة المرأة والطفل.
كما التفت المشاركون إلى معوِّقات عملية التنمية في سورية والتي تجلَّت تجلياً خاصاً باستمرار النزاع والصراع في بعض المناطق وغياب التنسيق بين الجهات العاملة في الميدان التنموي وما ينطوي عليه ذلك من سوء توزيع الموارد وعدم كفاءتها.
وبنتيجة المشروع والحوارات المختلفة، تبقى مساهمةُ الشباب في صناعة القرار والتنمية محلياً وعالمياً محدودةً بعض الشيء، وينبغي دعم وتمكين هذه الفئة لتؤدي دورها الفاعل.
نفَّذت مؤسسة "الباحثون السوريون" هذا المشروع بالتعاون مع الشركاء المحليين وهم جمعية "صنَّاع السلام" التنموية في اللاذقية، وجمعية فضا للتنمية المجتمعية في طرطوس، وفريق جوى التطوُّعي في سلمية، وفريق سند التنموي في دمشق وحلب.