كيف يمكن للطعام السليم أن يسبب رد فعل مناعي؟
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المناعة
دفع ذلك الباحثين إلى إجراء دراساتٍ بهدف تقديم تفسيرٍ واضحٍ لأسباب هذه الآلام وطريقة حدوثها، ولاحظوا أن التعرض للبكتيريا في القناة الهضمية يؤدي إلى إنتاج أجسامٍ مضادةٍ ضدَّ بعض أنواع الطعام الموجودة داخل الأمعاء خلال العدوى البكتيرية، مما يسبب حصول آلام في البطن (1).
في حالة الجسم الطبيعية، يتعرف الجهاز المناعي في الأمعاء على المستضدات الغريبة على أسطح البكتيريا والفيروسات ويُنتج أضداداً للتصدي لها، لكنه يستثني المواد الغذائية ولا يُعدها ضارةً بالجسم، وهذا ما يسمى بالتحمّل الفموي (1,2). تؤثر البكتيريا في هذه العملية وفي قدرة الجهاز المناعي على تمييز المستضدات الغذائية من المستضدات الضارة، فبدلًا من أن يرى الطعام عنصراً غير ضار، فإنه يتعامل معه بكونه ضارًا، ويكوِّن أجساماً مضادة تهاجم المستضادت على سطح الطعام، وإذا تعرض الجسم لهذا النوع من الطعام مرة أخرى بعد انتهاء العدوى فإن جهاز المناعة ينتج أجساماً مضادة ليهاجم هذه المستضدات الغذائية مرةً أخرى مما يسبب آلاماً في البطن.
لتحديد كيفية حدوث هذا الخلل في التحمل الفموي، أجرى الباحثون دراستهم على الفئران؛ إذ عُرّضت لنوعٍ من البكتيريا، وفي الوقت نفسه عُرّضت لأحد مستضدات الطعام الموجودة في بياض البيض Ovalbumin.
لم يؤدِّ التناول المتكرر للـ Ovalbumin وحده إلى ظهور آلامٍ في البطن، إلّا أنه بعد انتهاء العدوى البكتيريّة، عُرّضت الفئران مرةً أخرى للمستضد الغذائي نفسه، ولاحظ الباحثون حدوث آلام في البطن عندها.
تبيّن أن التعرض إلى البكتيريا يزيد من نفاذية الحاجز المعوي لدى الفئران إذ يَفقد وظيفته، مما يؤدي إلى نفاذ جزيئاتٍ من مكونات الطعام والبكتيريا من التجويف المعوي إلى الأنسجة. فيتعرّف الجهاز المناعي على المستضدات على سطح البكتيريا وجزيئات الأطعمة الموجودة، ويحدث رد فعل مناعي وتُنتِج أجسامًا مضادة لبعض أنواع الطعام الموجودة في الأمعاء. بعد الشفاء، تبدأ عملية إصلاح الحاجز المعوي، وتصبح الخلايا المناعية في الأمعاء -ومنها الخلايا البدينة- مهيأة للاستجابة المناعية عن طريق التعبير عن مستقبلات قادرة على التعرف على المستضدات التي تعرض الجسم لها سابقاً (1).
وللتذكير، فإنَّ الخلايا البدينة هي نوعٌ من الخلايا المناعية الفطرية، تحتوي على حبيباتٍ مليئة بجزيئات مناعية مثل الهيستامين، تُطلق عند تعرض الجسم للعدوى (3). وعند تعرض الجسم للمستضدات الموجودة في الطعام مرةً أخرى، تتعرف الخلايا البدينة عليها وتطلق الهيستامين الذي يرتبط بمستقبلٍ في الخلايا العصبية الحسية ويُنشطها، مسبباً الألم البطني.
اقتُرحت العديد من الخيارات العلاجية المحتملة والتي قد تحقق إمكانياتٍ جديدةٍ لعلاج الآلام البطنية، ونذكر منها: استهداف الأجسام المضادة التي تتعرف على المستضدات الغذائية، والحد من تحلل الخلايا البدينة، واستهداف الجزيئات التي تطلقها أو المستقبلات التي تعمل عليها (1).
المصادر:
2- Mowat A. Anatomical basis of tolerance and immunity to intestinal antigens. Nature Reviews Immunology. 2003;3(4):331-341. هنا
3- Abraham S, St. John A. Mast cell-orchestrated immunity to pathogens. Nature Reviews Immunology. 2010;10(6):440-452. هنا