كتاب تعرية النرجسي: التعايش والديمومة مع المستغرق بذاته عينٌ على الشخصية النرجسية
كتاب >>>> روايات ومقالات
نُشر كتاب (تعرية النرجسي: التعايش والديمومة مع المستغرق بذاته) لأول مرة في الأول من مارس/آذار عام 2008 بقلم المعالجة النفسية الأمريكية ويندي بيهاري؛ إذ يقدم لك على طبقٍ من ذهب طرائق ناجعة للتواصل مع الشخصية النرجسية. ومن هنا تنبع أهميّة هذا الكتاب الذي سيكون لك البوصلة التي ستُبحر بواسطتها إلى عالم النرجسي حتى يتسنى لك فهم شخصيته والتواصل معه بطريقة تجعله ينصت إليك دون أن تثير حفيظته؛ إذ يقدّم وصفةً سحرية للتعبير عن احتياجاتك - أمام شخص يشعر بأنه مركز الكون وأن كل ما فيه يدور حوله ومن أجله - دون الحاجة إلى شنّ حرب في كل مرة تفعل فيها ذلك.
يشير مصطلح "المستغرق بذاته" إلى ذلك الشخص الذي يولي اهتماماً مفرطاً بذاته دون أن يتكبد حتى عناء الالتفات إلى مشاعر الآخرين واحتياجاتهم؛ إذ إنه لا يستطيع ببساطة أن يضع نفسه في مكانهم ويشعر بشعورهم، وكثير ما نغلّب مصلحتنا الشخصية وتلبية احتياجاتنا الذاتية على مصالح الآخرين واحتياجاتهم، لكن يظل هناك جزءٌ منا قادر على التعاطف مع الآخرين وإدراك احتياجاتهم، بل وإيثارهم على أنفسنا في بعض الأحيان، وهذا ما يعجز عن فعله الشخص النرجسي، فهو مستعدٌ لأن يدوس الآخرين حتى يصل إلى مبتغاه ولن يمانع أن يتّبع أساليبَ ملتوية ويستغلّ الآخرين لتحقيق مآربه الشخصية دون أن يرّف له جفن.
قسّمت بيهاري النرجسية إلى فئاتٍ ثلاث كالآتي:
1. النرجسية الصريحة: وتحدث عندما يكون الشخص مستغرقاً تماماً في ذاته ويصدّق أنه محور الكون، وتجد أنه قد يضع قواعدَ لكل شيء ثم تتفاجأ بأنه يخالفها بنفسه لشعوره بالتميز عن الآخرين، فضلاً عن تنمّره على الآخرين وإحباطهم، وأنه عاجزٌ عن التأقلم مع الظروف المحيطة أو الانخراط في العلاقات الإنسانية.
2. النرجسية الكامنة: لن يكون هذا النوع صريحاً كسابقه؛ فيختبئ وراء قناع كأن يقول مثلاً: "أنا لن أقول إنني تبرعت لدار الأيتام بمبلغٍ مالي كبير لأنني لست من هذا النوع من البشر"، وهذا يخبئ وراءه معانٍ خفيّة في أنه متعطش للثناء والتقدير لشعوره بالحرمان منهما في طفولته.
3. النرجسية السليمة: وهي النوع الذي يمزج بين بذور الثقة واحترام النفس، وذلك عندما يعبّر الطفل في سنواته الأولى عن رغباته الجسدية والنفسية كالبكاء أو طلب الاهتمام للحصول على رغباته، لكن ينبغي للوالدين أن يعملا على تلبيتها ضمن حدودٍ معقولة لضمان تحقيق التوازن بين شعوره برغباته من جهة وإحساسه برغبات الآخرين من جهة أخرى.
وقد أبحرت بيهاري في الأسباب الكامنة وراء حدوث مثل هذا الاضطراب، وكلها أملٌ في مساعدة القرّاء على إيجاد حلول ناجعة للتغلب على العقبات والمشاعر السلبية التي تعتريهم نتيجة تعاملهم مع صديق أو زميل أو مدير أو حبيب أو زوج نرجسي بدلاً من التركيز على تغيير النرجسي نفسه؛ نظرًا لأنه سيكون ضربًا من المستحيل؛ لذا حاولت أن تدفع القارئ إلى إدراك مشكلته حتى يتمكن من إيجاد أفضل الحلول لمجاراة النرجسي والتعامل معه، لكنها اعترفت في الوقت نفسه أن هذا الكتاب لا يقدّم ترياقاً للسموم التي يبثها النرجسي في حياة من حوله، فهو لا يقدم حلولاً في حالة عدم استجابة النرجسي لطرائق التعامل المذكورة في الكتاب، لكنه يظل مع ذلك كتاباً بالغ الأهمية إذ يساعد الكثير على وجه اليقين في تعزيز ثقتهم بأنفسهم بعد خروجهم من تجربة مريرة مع شخصية نرجسية.
باختصار؛ يعلّمك هذا الكتاب كيف ترسم حدوداً للشخص النرجسي وتحدد الخطوط الحمراء التي لا يُسمح له بأي حال من الأحوال أن يتجاوزها، والكيفية التي قد تتعايش وتتأقلم عن طريقها مع شخص يعاني اضطراب الشخصية النرجسية، وأن تتخطى العقبات والفِخاخ التي ينصبها لك النرجسيون حولك. وسواء قررت الرحيل أو البقاء، فإن قراءة هذا الكتاب يعدّ أمراً جوهرياً لأي شخص تربطه حالياً أو ربطته سابقاً علاقة بشخصيةٍ نرجسية.
معلومات الكتاب:
اسم المؤلف: ويندي بيهاري
اسم المترجم : محمد السعدي
دار النشر : دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
سنة النشر: 2008, 2021
عدد صفحات الكتاب: 220 صفحة.
المصادر:
1. بيهاري ويندي. تعرية النرجسي: التعايش والديمومة مع المستغرق بذاته. الطبعة الأولى. 2008. السعدي محمد (المترجم)؛ 2021. العراق: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع. ص 220.