الاكتئاب والصرع
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
وترتفع الإصابة بالأمراض النفسية عند مرضى الصرع ارتفاعًا ملحوظًا، وتُقدر نسبة الاكتئاب بنحو٢٠ -٥٥٪ لدى مرضى الصرع المُعند على الأدوية.
ويقدم صرع الفص الصدغي نقطةَ انطلاق جيدة لفهم الأساس البيولوجي المشترك بين الصرع والاكتئاب (1). يشترك صرع الفص الصدغي والاكتئاب في دارات عصبية تشمل الفص الصدغي والحُصين واللوزة والباحات العصبية في القشرة الشمية الداخلية والقشرة الجديدة، والفص الجبهي والتلفيف الحزامي، ويشتركان أيضًا في بنى تحت قشرية؛ وهي النوى القاعدية والمهاد والسبل الموصلة.
نستنتج مما سبق الدليل على احتمال نشوء الصرع بوصفه ظاهرةً ثانويةً مصاحبةً للاكتئاب، والعكس صحيح، وذلك بسبب اشتراكهما في الشبكات العصبية في بنى الدماغ المرتبطة بالمرضَين (1).
وترتفع الإصابة باضطرابات طبية نفسية عند مرضى الصرع بالمقارنة مع الأشخاص الأصحاء والمرضى المصابين بأمراض مزمنة أخرى، ويتفوق الاكتئاب على غيره من الاضطرابات عند مرضى الصرع وخاصة في الصرع المُعند؛ إذ ينتشر الاكتئاب عند مرضى الصرع لكنه يبقى دون تشخيص ودون علاج في نسبة كبيرة من الحالات، ويعاني المرضى عواقبَه الشخصية والاجتماعية الوخيمة (1).
ويُعدُّ الاكتئاب من المسببات الرئيسة للموت عند مرضى الصرع؛ إذ يشكل الانتحار بسبب الاكتئاب ٣٢.٥٪ من الوفيات بين مرضى الصرع،
و١٣,٥٪ من حالات الانتحار عمومًا. ويبقى الهدف الرئيس في علاج الصرع إيقاف الهجمات الصرعية، لكن يجب معالجة اضطرابات المزاج المرافقة له (1).
وأظهرت بعض الدراسات أن الاكتئاب ومحاولات الانتحار عوامل خطر مستقلة لبدء النوبة الصرعية والإصابة بالصرع؛ إذ يكون احتمال وجود الاكتئاب قبل أول نوبة صرعية ٣،٧ أضعاف عند مرضى الصرع بالمقارنة مع غيرهم. تقترح هذه العلاقة الزمنية وجود علاقة ثنائية الاتجاه بين المرضَين، وتوجد حاليًّا بيانات تشير إلى إمكانية اشتراك المرضين بآليات مرضية إضافةً إلى اشتراكهما بالبنى العصبية (1).
وبحثت دراسات أخرى في العلاقة بين سمات الشخصية واضطرابات المزاج وغيرها من الاضطرابات النفسية من جهة، والصرع من جهة ثانية. وتبينُ أن الاضطرابات النفسية عمومًا أكثر انتشارًا بين المصابين بالصرع (2).
إنَّ الصرع من الأمراض المزمنة ويعاني المصابون به عبئًا نفسيًّا فضلًا على تأثير النوبات الصرعية والأدوية. جميعها عوامل تسهم في زيادة الإصابة بالاضطرابات النفسية (2). وعلى الرغم من ذلك، فتشير البيانات إلى وجود دور كبير للعوامل البنيوية العصبية والهرمونية في تطور هذه المشكلات (2,3).
ووُجدت لدى مرضى تنكس الفصين الجبهي والصدغي تغيراتٌ في سمات الشخصية الخمس الكبرى؛ إذ وُجد انخفاض في الانبساطية والتقبل ويقظة الضمير والانفتاح على التجربة، وارتفاع في العصابية (2).
وقد وضحت الدراسات دورَ عوز هرمون النمو في الاكتئاب وانخفاض جودة الحياة، فنستخدم في حالة أمراض النخامى فحصَ التحريض بوصفه أدقَّ طريقة لتشخيص عوز هرمون النمو.
وفي الصرع، تؤثر الهجمات الصرعية في المحور الوطائي -النخامي- الكظري، ويُحتمَل أن يصاب مرضى الصرع بالعوز الخفي لهرمون النمو، مؤديًا إلى تطور الاكتئاب (3).
يُشخص العوز بالفحص السابق ويوجد فحص خاص بمرضى الصرع؛ هو قياس مستويات هرمون النمو في الدم مباشرة بعد هجمة الصرع العفوية.
في الحالة الطبيعية، يحدث ارتفاع في مستوياته بعد الهجمة، لكن عند وجود العوز نلاحظ عدم ارتفاعه أو انخفاضه، وتترافق الحالة الأخيرة مع الاكتئاب.
ويعالج العوز بمكملات هرمون النمو؛ إذ أُثبتَت فعاليتها في تحسين المزاج والرفع من جودة الحياة (3).
المصادر:
2. Sair A, Şair YB, Saracoğlu İ, Sevincok L, Akyol A. The relation of major depression, OCD, personality disorders and affective temperaments with Temporal lobe epilepsy. Epilepsy Research [Internet]. 2021 [cited 2022 Mar 24];171:106565. Available from: هنا
3. Butler T, Harvey P, Cardozo L, Zhu Y-S, Mosa A, Tanzi E, et al. Epilepsy, depression, and growth hormone. Epilepsy & Behavior [Internet]. 2019 [cited 2022 Mar 24];94:297–300. Available from: هنا