تعد القوائم المالية للشركات اعتماداً على مبدأ الاستمرارية، أي على افتراض أن الشركة مستمرة في عملياتها في المستقبل المنظور، يُفترض ذلك ما لم يكن لدى الإدارة نية لتصفية المنشأة أو إيقاف العمليات فيها وعندما يكون مبدأ الاستمراية مناسباً فتسجل الشركات أصولها والتزاماتها على أساس أن المنشأة ستحصل أصولها وتسدد التزاماتها عن طريق الأنشطة الطبيعية لأعمالها.
ما هي مسؤوليات الإدارة فيما يخص قياس قدرة المنشأة على الاستمرار وفقاً لمبدأ الاستمرارية؟
عند إعداد القوائم المالية، ينبغي على الإدارة أن تقيس قدرة المنشأة على الاستمرار، وفي أثناء القياس إذا أدركت الإدارة وجود شكوك مهمة تتعلق بأحداث أو ظروف قد تثير الريبة فيما يخصّ مقدرة المنشأة على الاستمرار، يجب على المنشأة أن تفصح عن هذه الشكوك.
عندما لا تعد المنشأة قوائمها على أساس الاستمرارية، ينبغي أن تفصح عن تلك الحقيقة، مع توضيح الأساس الذي أُعِدَّت القوائم وفقاً له ولماذا لا تعد المنشأة مستمرة.
عند قياس فيما إذا كان فرض الاستمرارية مناسباً تأخذ الإدارة في الحسبان جميع المعلومات المتاحة عن المستقبل، التي تكون على الأقل، ولكنها ليست محدودة بتلك الفترة، اثني عشر شهراً من نهاية الفترة المالية المقرر عنها.
تعتمد درجة التدقيق والتفحص على الحقائق المرتبطة بكل حالة على حدة. فعندما يكون للمنشأة تاريخ من العمليات الرابحة والقدرة على الوصول إلى مصادر تمويل، قد تتوصل المنشأة إلى نتيجة أن مبدأ الاستمرارية بوصفه أساساً للمحاسبة مازال مناسباً من دون مزيد من التحليلات التفصيلية. أما في حالات أخرى قد تأخذ الإدارة بعين الاعتبار نطاقاً واسعاً من العوامل المتعلقة بقدرة المنشأة الحالية والمستقبلية على الربحية، وجداول دفعات الديون والمصادر المحتملة للتمويل البديل قبل أن تعد أن أساس الاستمرار مناسب لها (1).
ما هي مسؤوليات مدقق الحسابات الخارجي فيما يتعلق بقدرة المنشأة على الاستمرارية؟
تكمن مسؤوليات مدقق الحسابات الخارجي بأن يحصل على دليل تدقيق مناسب ويستنتج منه، فيما إذا كان استخدام الإدارة لأساس الاستمرارية مناسباً في إعداد القوائم المالية، وليستنتج اعتماداً على دليل التدقيق المحصل فيما إذا كان هناك أية شكوك مهمة نسبياً فيما يخص قدرة المنشأة على الاستمرار (2).
لكن الآثار المحتملة للقيود التي تحد قدرة المدقق على تحديد الأخطاء الجوهرية تكون أكبر عندما يتعلق بالأحداث أو الظروف المستقبلية التي من الممكن أن تسبب توقف المنشأة من الاستمرار على مبدأ الاستمرارية، لا يمكن للمدقق توقع أحداث أو ظروف مستقبلية. ووفقاً لذلك غياب أي مرجع لشكوك مهمة فيما يخص قدرة المنشأة على الاستمرار طبقاً لمبدأ الاستمرارية في تقرير مدقق الحسابات الخارجي لا يمكن أن ينظر له على أنه ضمانة لقدرة المنشأة على الاستمرار (3) .
ما هي متطلبات معايير التدقيق من المدقق فيما يتعلق بقدرة المنشأة على الاستمرار؟
إجراءات قياس المخاطر والأنشطة المتعلقة بها: عند أداء إجراءات قياس المخاطر ينبغي على المدقق أن يأخذ في عين الاعتبار الأحداث أو الظروف الموجودة التي من الممكن أن تسبب شكوكاً فيما يخص قدرة المنشأة على الاستمرار، في أثناء عملية التدقيق يجب أن يبقى المدقق متنبهاً لأي دليل تدقيق يتعلق بظروف أو أحداث ربما تلقي الشك في قدرة المنشأة على الاستمرار على أساس الاستمرارية.
تقييم قياس الإدارة لقدرة المنشأة على الاستمرار: ينبغي على المدقق أن يقيم قياس الإدارة لقدرة المنشأة على الاستمرار، وأن يأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كان قياس الإدارة يتضمن كل المعلومات الملائمة التي يكون المدقق على دراية بها عن طريق عملية التدقيق.
الفترة التي تلي فترة قياس الإدارة: ينبغي على المدقق أن يستفسر من الإدارة عن معرفتها بأية معلومات تتعلق بأية ظروف أو أحداث بعد فترة قياس الإدارة قد تثير الشكوك فيما يخص مقدرة المنشأة على الاستمرار.
القيام بإجراءات تدقيق إضافية: إذا ما حُدّدت ظروف أو أحداث قد تثير الشك في القدرة على استمرار المنشأة ينبغي على المدقق أن يحصّل دليل تدقيق مناسب لتحديد فيما إذا كان هناك شكوك جوهرية تتعلق بوجود أحداث أو ظروف قد تثير الشكوك بخصوص قدرة المنشأة على الاستمرار على مبدأ الاستمرارية عن طريق أداء إجراءات تدقيق إضافية (2).
الآثار المترتبة على تقرير المدقق الخارجي: 1. إذا ما أُعدّت القوائم المالية على أساس الاستمرارية ولكن حكم المدقق أن استخدام الإدارة لهذا الأساس غير مناسب في إعداد القوائم المالية؛ ينبغي أن يصدر المدقق تقريراً سلبياً. 2. إذا كان من المناسب استخدام أساس الاستمرارية للتقرير عن أعمال المنشأة ولكن هناك شكوك جوهرية موجودة:
كان هناك إفصاح عن تلك الشكوك الجوهرية في القوائم المالية فينبغي أن يصدر المدقق تقريراً غير متحفظ وينبغي أن يحتوي تقرير المدقق على قسم خاص تحت عنوان "شكوك جوهرية تتعلق بمبدأ الاستمرارية".
اذا لم يكن هناك إفصاح في القوائم المالية فيما يخصّ تلك الشكوك الجوهرية فينبغي على المدقق أن يصدر إما تقريراً سلبياً أو تقريراً متحفظاً.
عند إصدار رأي متحفظ أو سلبي، يبين المدقق أن هناك شكوكاً جوهرية بخصوص قدرة المنشأة على الاستمرار وأن القوائم المالية لم تفصح عن ذلك إفصاحاً كافياً (2).
وأخيراً، هل هناك علاقة أو ارتباط بين الإفصاح عن مبدأ الاستمرارية في تقرير الإدارة و في تقرير المراجع الخارجي وبين احتمالية إفلاس الشركات؟ أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريَت على مجموعة من الشركات السويدية في بيئة تتصف بانخفاض مخاطر الدعاوى فيها، أن هناك ارتباطاً واضحاً بين احتمالية إفلاس الشركة وبين إفصاح الإدارة عن الظروف غير المرغوبة للشركة والأحداث السلبية، وأن الارتباط بين رأي المدقق فيما يتعلق بمبدأ الاستمرارية وإفلاس الشركة لاحقاً هو ارتباط مهم وإيجابي، في النهاية نجد أن كلا التقريرين، تقرير الإدارة وتقرير المدقق يحملان قيمة إبلاغية مهمة فيما يتعلق بالتنبؤ بإفلاس الشركات (4).
المصادر:
1. IAS 1: Presentation of Financial Statements. International Accounting Standards Board [internet] The International Financial Reporting Standards Foundation. 2023. [cited 2023 June 4]. Available from: هنا 2. International Standard on Auditing (ISA) 570 (revised) Going Concern. [internet] International Auditing and Assurance Standards Board (IAASB). 2015. [cited 2023 June 4]. Available from: هنا 3. Basis for Conclusions: isa 200. [internet] The International Federation of Accountants (IFAC). 2008. [cited 2023 June 4]. Available from: هنا 4. Alexeyeva I, Sundgren S. Do going concern disclosures in the Management Report and Audit Report Signal Bankruptcy Risk? evidence from privately held firms. International Journal of Auditing. 2021;26(2):171-192. Available from: هنا