نبوءة آينشتاين تتحقق مرة أخرى
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
على الرغم من عدم إمكانية رؤية الأمواج الثقالية أو الشعور بها؛ فإنها توجد حولنا وتتخلل أجسامنا، مسببة تقلص نسيج زمكان الكون وتمدده ببطء خلال انتقالها عبر الفضاء وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في دورية (The Astrophysical Journal Letter) (1).
وأجرى فريق بحثي من مرصد "نانو هيرتز" في أمريكا الشمالية للأمواج الثقالية (NANOGRAV) تحليلًا لنبض النجوم النابضة (Pulsars) الناشئة عن انفجار النجوم العملاقة في المجرات، التي تدور حول نفسها بمعدل مئات المرات في الثانية الواحدة (1,2)؛ ويمكن أن تقارب كتلتها كتلة الشمس في حين لا يتعدى حجمها مساحة مدينة، ما يجعلها جهازًا دقيقًا لقياس الوقت وأداة حساسة لقياس الاضطرابات الناتجة عن تموجات النسيج الزمكاني بفعل اندماج الثقوب السوداء الضخمة (2).
وبمقارنة البيانات المرصودة لأكثر من 60 نجمًا نابضًا على مدى 15 عامًا؛ لوحظَ أن معدل التغير في تواتر دوران هذه النجوم (عدد الدورات خلال وحدة الزمن) يوفر دليلًا على أن هذه التغيرات تنتج عن موجات ثقالية منخفضة التواتر تشوه الواقع الفيزيائي المعروف بنسيج الزمكان، بينما الحقيقة الكامنة وراء هذه الظاهرة تكمن في أن تمدد النسيج الزمكاني الموجود بين كوكب الأرض والنجوم النابضة وتقلصه بفعل الأمواج الثقالية هو المسؤول عن وصول الإشارات الراديوية بفاصل زمني متأخر أو متقدم من رتبة النانو ثانية (جزء من مليار من الثانية) (1).
وتنبأ الفيزيائي النظري (1955-1879 Albert Einstein) بالموجات الثقالية لأول مرة في عام 1916، ولم تُثبت تجريبيًّا حتى عام 2015، وذلك عندما اكتشف مرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري (LIGO) تموجات الزمكان التي تمر عبر الأرض، على الرغم من أن مصدر هذه التموجات الثقالية كان تصادمًا بين ثقبين أسودين بعيدين عن مكان الرصد، علمًا أن التشوه المكاني الناتج الذي اكتشفه مرصد (LIGO) كان أصغر من نواة الذرة (1,3).
إن الأمواج الثقالية المرصودة من قبل مرصد (NANOGRAV) تختلف عن تلك المرصودة سابقًا من قبل مرصد (LIGO) لسببين، أولهما أن الأمواج المرصودة بواسطة مرصد (LIGO) لا يمكنها أن تعطينا معلومات كافية عن أحداث فردية لاندماج ثقوب سوداء أو نجم نابض وحيد، وإنما تعطينا معلومات عن جميع الاندماجات التراكمية التي جرت في جميع أرجاء الكون، في حين أن التموجات المرصودة من قبل مرصد (NANOGRAV) تعطينا معلومات عن أحداث فردية بسبب الفاصل الزمني المرافق للإشارات الراديوية الصادرة عن النجوم النابضة بفعل التمدد المكاني بين النجوم النابضة وكوكب الأرض المذكور آنفًا (2).
إضافةً إلى ذلك؛ لكون الأمواج المقيسة من قبل مرصد (LIGO) تعبر عن جميع الاندماجات والأحداث الكونية الحادثة ضمن أرجاء الكون؛ فإن عملية الرصد ستكون صعبة للغاية لكبر الأمواج المنتقلة ضمن النسيج الزمكاني التي تكون مساوية في امتدادها لمساحة نظامنا الشمسي (2).
إن نتائج هذا العمل هامة لكونها تشكل الدليل الأول على الخلفية الكونية للأمواج الثقالية، لكونها مزيجًا من التشوهات ضمن نسيج الزمكان المنتشرة ضمن الكون، التي تنبأ بها العلماء فترة طويلة (1).
المصادر: