باربي وأزياؤها الجندرية!
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> علم الاجتماع
تطرح علينا دُمية باربي أسئلة عدة عن هويتنا وما نطمح الوصول إليه وما نخشاه في إطار الثقافة المؤلفة من القيم والعادات والأفكار الموجودة عند كل من تأثر بباربي من أطفال وأهالٍ ومستهلكين ومعلمين.
وتشكل باربي بذلك أيقونةً ثقافيةً تجمع أنماطًا مختلفة من الأفراد مع اختلاف ثقافاتهم، وليست نسخة باربي ذات الزي الإسلامي ببعيدة عن ذلك؛ إذ تسمح باربي للناس باختبار مفهوم معين عن العرق والميل الجنسي والأفكار النسوية، ما يسمح لهم بالخروج من إطار ثقافاتهم وتعزيز صفات شخصية تصب في سياق ما تدعو إليه إعلانات باربي عن الرومانسية والسحر والأحلام والخيال (1)، وهنا نتذكر عبارة باربي المشهورة: "يمكنكم أن تكونوا أي شيء"، ولكن ضمن إطار محدد!
التنميط الجندري والنسوية المعززة
يُفرض علينا منذ نشأتنا الخضوع لقواعد معينة وتبرير تطلعات المجتمع، إذ يعلمنا أساتذتنا متطلبات أن نكون صبية أو فتيات من ألوان ملابسنا إلى الألعاب التي نلعب بها، كما أن بعض الأهالي والأساتذة يؤنبون الصبي حين يبكي أو يلعب بباربي، والفتاة حين تهوى الرياضة وتلعب بسوبرمان، ولكن هذا التنميط الجندري يحد من تطور الشخصية الإنسانية ويؤدي إلى انعدام المساواة الاجتماعية (2).
بديعة وفاتنة وساحرة وأنيقة وجذابة وناعمة ودرامية وفريدة ومشعة ورومانسية ومتلألئة ومدهشة، تلك هي الصفات التي استخدمتها شركة ماتيل (Mattel) المُصنعة لدمى باربي في الترويج لها، ولا داعي للقول إنها صفات الأنوثة العصرية الشابة البيضاء ومغايرة الجنس (1).
وكما أن التنميط الجندري موجود بكثرة في الإعلام، فمثلًا يعزز البرنامج الشهير "The Simpsons" التنميط الجندري من خلال إظهار الفتاة ليزا على أنها ذكية وخلوقة والفتى بارت مشاغبًا (2)، فإننا نرى ذلك أيضًا في فيلم باربي التي وصفت نفسها: "إنها كل شيء وهو كين فقط".
وأدت باربي دورًا كبيرًا في تعزيز نمط جندري معين في حياة الشابات والفتيات اللواتي يتمنين أن يصبحن مثلها، ويشترينها ليضعنها على الرف كونهن معجبات بمظهرها، وفي الوقت ذاته تحول بعض الفتيات دمى باربي خاصتهن إلى كين حين تتغير ملامحها لأنها لم تعد تناسب صورة الفتاة التي يتطلعن إليها (1).
ويفرض التنميط الجندري قوالب معينة تتعلق بالمظهر فقط دون النظر إلى الشخص، فمثلًا يُطلق مصطلح "أرض الخصر" على الأرض التي تدخلها المرأة بشرط أن يكون خصرها رفيعًا ونحيلًا، وألا تكون مكتنزة؛ إذ تكون عند ذلك منبوذة (3).
الأنوثة المعززة
يمكن إطلاق مصطلح الأنوثة المعززة على نمط باربي؛ إذ لا يوجد فيها شيء ينم عن الذكورية حتى في زي الشرطة، تأتي لعبة باربي في زي الشرطة مع عصا وجهاز لاسلكي دون مسدس أو أصفاد، ويأتي معها فستان براق لتحضر حفل جوائز تُكرم فيه بلقب أفضل شرطية لمبادراتها في المجتمع، ومن ثم عملت باربي على تأنيث قطاع الأمن، وأنوثة باربي لا تعني مظهرًا لائقًا وحسب، بل تطال سلوكها الذي يتمحور حول صفة اللطافة والأدب والتعاون والرقة، أي إنها دون روح تنافسية وليست عنيدة أو صاخبة أو ناقدة بل مهذبة ومحترمة فقط (1).
وفي النهاية يقص علينا فيلم باربي قصة ملونة عن دور الخيال في المجتمع المعاصر، ولكنه في الوقت ذاته يروج لفكرة نمطية تتمثل في الفتاة الجميلة والسطحية التي تعيش في عالم زهري بعيد المنال.
هل عالم الفتيات برأيكم أصدقاءنا يجب أن يكون ورديًّا؟
المصادر:
2. Aksu B. Barbie Against Superman: Gender Stereotypes and Gender Equity in the Classroom. Journal of Language and Linguistic Studies [Internet]. 2005 April 1;1(1) [cited 2023 Jul 26]. Available from: هنا
3. Cunningham K. Barbie Doll Culture and the American Waistland. Symbolic Interaction. 1993 Feb;16(1):79–83. Available from: هنا