البارافيليا
التوعية الجنسية >>>> الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
البارافيليا
البارافيليا أو الخطل الجنسي هي مجموعة من الاهتمامات والدوافع والتخيلات أو السلوكيات الجنسية المتكررة وملحوظة الشدة، تتضمن أشياء ونشاطات وحتى مواقف شاذة وغير طبيعية (1).
بتعريف آخر هي مجموعة من التخيلات والسلوكيات غير العادية وغير الطبيعية الضرورية للحصول على النشوة الجنسية والتي يمكن أن تأخذ أشكالًا عدة:
وفقًا للتوصيات المعتمدة حاليًا، لا تُعد البارافيليا بذاتها اضطرابًا مَرَضيًا, ولكنها تصبح اضطرابًا مرضيًا (وتسمى عند ذلك اضطراب الخطل الجنسي أو الشذوذ الجنسي) عندما تتضمن حدوث أذى أو شِدّةً أو ضررًا وظيفيًا أو خطرًا على حياة الفرد و/أو الآخرين (1).
يوجد جدل كبير حول تعريف البارافيليا وأنواعها، إذ لا توجد حدود واضحة تفرّق السلوكيات التي تعد طبيعية عن السلوكيات المنحرفة. فمن جهة، قد يكون سلوكٌ معينٌ طبيعيًا في مجتمعٍ ما، بينما يكون مرفوضًا في مجتمعٍ آخر، أو زمن آخر. من ناحية أخرى، بعض السلوكيات التي تُضمّن في الاضطرابات البارافيلية يُعاقب عليها القانون، وكثيرًا ما يحتاج المتخصصون القانونيون إلى الرأي الطبي والتصنيفات المعتمدة لحسم القرار (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية مثالًا). توجد أصوات متنوعة تدعو إلى تعديلات في مثل هذه التصنيفات، فمثلًا، هل تسبب البارافيليا بذاتها اضطرابًا نفسيًا، أم أن نبذ المجتمع لها ورفضها هو مصدر المشكلات لدى المصاب؟ كل تلك الجوانب تستحق التمعن (3).
أنواع اضطرابات البارافيليا:
يوجد 8 أنواع من اضطرابات البارافيليا بحسب الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM-5) مصنفة تبعًا للشيء أو الموقف الذي يحتاجه المصاب للحصول على إثارة جنسية:
عرض الأعضاء الجنسية عرضًا غير متوقعٍ على فرد ما أو القيام بأفعال جنسية بحيث يشاهدها الآخرون.
تدليك أو فرك أو لمس شخصٍ غير موافق أو غير واعٍ للأمر.
الرغبة بالتلصص واستراق النظر على شخص عاري أو المشاركة في نشاطاتٍ تُعدُّ خصوصية.
استخدام الجوامد والأشياء غير الجنسية للحصول على الإثارة الجنسية.
التفضيل الجنسي للأطفال غير البالغين.
رغبة الفرد في تلقي الإذلال والضرب أو التعرض للتقييد أو الرغبة بأي شكلٍ من أشكالِ المعاناة من أجل الحصول على الإثارة الجنسية.
فيه يشعر الفرد بأن التسبب بألمٍ وإذلالٍ للشخص الآخر مثيرًا جنسيًا.
حدوث الإثارة والهياج الجنسي عند لبس ألبسةِ أفرادِ الجنس الآخر.
تتضمن عددًا من السلوكيات البارافيلية الشاذة مثل الشبق الاجتزائي (الولع بجزء معين غير جنسي من جسم الشريك) – الولع بالحيوانات – اشتهاء الجثث – هوس الحقن الشرجية – حب البراز – حب البول – حب التصرف بطفولية – الإثارة عن طريق المكالمات الهاتفية البذيئة (3).
الآلية المرضية للبارافيليا:
يعدُّ منشأ البارافيليا والاضطرابات البارافيلية غير واضحٍ بعد، وحاولت دراساتٌ مختلفةٌ التوصل إلى أسبابٍ محتملة. إذ أُشير إلى وجود عوامل جينية قد تسهم في نشوء البارافيليا، وتبين أن مجموعةً من العمليات البيولوجية والعصبية والشخصية والمعرفية تمثّل دورًا في حدوثها.
وُجدت أدلةٌ، في دراسة حديثة ركزت على سمات النقل العصبي لدى المصابين بالاضطرابات البارافيلية، تقترح أن تركيز الدوبامين في الجهاز العصبي يمثّل دورًا رئيسيًا في إمراضية الاضطرابات البارافيلية وفي الاضطراب في تنظيم السلوك الواعي عمومًا.
بينت هذه الدراسة أيضًا زيادةً في مستويات السيروتونين والنورابنفرين مع انخفاض مستويات مركب DOPAC (3-4. دي هيدروكسي فينيل أسيتيك أسيد) في عينات البول عند مجموعة من الأفراد الذين شُخِّصَت إصابتهم باضطرابات بارافيلية.
توصل الباحثون إلى وجود علاقةٍ بين السيروتونين والنورابنفرين والاضطرابات القهرية، وعلاقةٍ بين مركب DOPAC والاضطرابات الوجدانية والتفارقية (1).
الانتشار:
لا توجد أرقامٌ واضحة تكشف مدى انتشار البارافيليا والاضطرابات البارافيلية بين الناس، خصوصًا لأن الدراسات تركز عادة على البارافيليا بأنواعها عوضًا عن التركيز على كل نوع على حدة. من المعروف حاليًا أنها أكثر انتشارًا لدى الذكور دون معرفة أسبابٍ واضحة لذلك.
في دراسةٍ أُجريت على عينةٍ من 1040 فردًا تمثل ديمغرافيا المجتمع جيدًا، ركَّزَ الباحثون على مدى انتشار الرغبات البارافيلية وقيام الأفراد بممارسة السلوكيات البارافيلية فعليًا، وصُنِّف الأفراد تبعًا للجنس والعمر ومستوى التعليم والعرق والدين ومكان الإقامة. وَجدت هذه الدراسة أنَّ نصفَ أفراد المجموعة المدروسة تقريبًا عبَّروا عن اهتمامٍ بواحدٍ أو أكثر من أصناف البارافيليا وأن ثلثَ المجموعة قاموا بأفعال تتعلق بهذا الاهتمام على الأقل مرة واحدة.
يبلغ انتشار الفتشية والتحرش والتلصص والمازوخية معًا نحو 15.9% وهذه الاهتمامات موجودة عند الذكور والاناث. وتبين أنه لا يوجد فرق إحصائي جوهري بين مستويات الاهتمام بالفتيشة والمازوخية بين الذكور والإناث. وكان الاهتمامان البارافيليان الأكثر انتشارًا عند الذكور التلصص والفتشية (1).
تشخيص البارافيليا:
لتشخيص إصابة الفرد بالبارافيليا وفقًا للطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5 يجب أن يحدث لدى الفرد تحفيز جنسيٌّ شديد ومتكرر بسبب التخيلات المنحرفة على مدى ستة أشهر على الأقل مع إقدامه على أفعالٍ بسبب هذا التحفيز. قد تختلف معايير التشخيص في حال وجود أفعالٍ إجرامية.
تصبح البارافيليا مرضًا (اضطراب شذوذ جنسي) في حالتين فقط ،عندما تسبب توترًا ملحوظًا وخللًا وظيفيًا عند الفرد، أو عندما تسبب أذى للفرد والآخرين (1,3).
المعالجة:
التحدي الأكبر الذي تواجهه معالجة البارافيليا والاضطرابات البارافيلية هي اعتياد عدم طلب المصابين للمعالجة. يشعر الكثير من هؤلاء الأفراد بالإهانة واللوم وعدم الراحة، بينما يبلغ آخرون عن صعوبةِ وقلةِ الرغبة لإيقافِ الأفعال التي تحقق لهم الإثارة الجنسية الشديدة أو النشوة المطلقة. ويخاف البعض من الانعكاسات القانونية التي قد تترافق مع طلب المعالجة (1).
لذلك فإن الأشخاص الذين يخضعون للعلاج هم أشخاص إما أوقِفوا قانونياً أو أُقنِعوا من قبل العائلة أو الأصدقاء أو الشركاء الجنسيين بضرورة العلاج (1).
ولأن هذه الاضطرابات تمثل مشكلةً نفسية ذات أهبة بيولوجية، فإن التدبير ينطوي على الناحيتين النفسية والدوائية. وقد جُرِّبت أساليب مختلفة كانت لها نتائج متباينة (3).
تبرز أهمية المعالجة الدوائية لدى الأشخاص الذين يُحتَمل قيامهم بأعمال إجرامية، إذ تُولى الأهمية لمنع الضرر عن الآخرين، وقد تستخدم في هذا السبيل معالجاتٌ أكثر شدة كالمعالجة بالهرمون المطلق لحاثات الأقناد والذي سيؤدي في النهاية إلى إيقاف إنتاج التستوستيرون ما يجعله نمطًا من الإخصاء الدوائي. يجب دومًا أخذ الموافقة المستنيرة من الفرد قبل البدء بهذا العلاج أو غيره (3).
المصادر:
2. APA Dictionary of Psychology - Paraphilia [Internet]. American Psychological Association [cited 2023 Aug 1] Available from: هنا
3. McManus MA, Hargreaves P, Rainbow L, Alison LJ. Paraphilias: definition, diagnosis and treatment. F1000Prime Rep [Internet]. 2013 Sep [cited 2023 Aug 1] 5(36). Available from: هنا