الخريطة المغناطيسية الأولى في مجرتنا
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
إن ما نراه في هذه الصورة هو أن هناك مجالات مغناطيسية قوية ومنظمة وملتوية بالقرب من الثقب الأسود لمجرة درب التبانة، ممّا سمحَ للعلماء بهذه الرؤية في منطقة الثقب الأسود وتصوير هذه الخريطة لخطوط مجالها المغناطيسي هو البلازما حول الثقب الأسود، إذ تُضفي الجسيمات التي تدور حول المجال المغناطيسي نمطَ استقطاب عمودي على الحقل.
ومن خلال تصوير الضوء المستقطب من الغاز المتوهج السّاخن بالقرب من الثقوب السوداء فإننا نستنتج على نحوٍ مباشر بنية وقوة المجالات المغناطيسية التي تربط تدفق الغاز، والمادة التي يتغذى عليها الثقب الأسود ويقذفها.
وتُظهر هذه الصّورة بنية الاستقطاب المشابهة على نحوٍ لافت للنظر تلك البنية التي شوهدت في الثقب الأسود M78 الأكبر والأكثر قوة، فهل المجالات المغناطيسية تؤدي دوراً في كيفية تغذية الثقوب السوداء بالمادة والغاز حولها وإخراجها على شكل نفاثات قوية؟
لقد كانت الملاحظة الأولى للعلماء أن المجالات المغناطيسية يمكن أن تكون مشتركة بين الثقوب السوداء جميعاً، وذلك نظراً لأن المجالات المغناطيسية للثقب M78 تدفع تدفقات "نفاثات" قوية نظراً لأن كتلته تعادل 6.5 مليار شمس، مقارنةً بكتلة SGR A التي تبلغ 4.3 مليار شمس، أي أنَّ النتائج تشير الى أن الثقب sgr A يمكن أن يكون له نفاثة مخفية وخافتة خاصة به.
ولنلخص أحد أهم الاستنتاجات من الصورة الأخيرة في أن التغلب على هذه الصعوبات يعني أنه يمكن إجراء مقارنة بين ثقبين أسودين على طرفي نقيض من طيف الثقب الأسود الهائل، أحدهما أكبر بمليارات المرات من كتلة الشّمس والآخر بكتلة ملايين المرات من كتلة نجمنا.
ونجد أن التشابه كان صادماً للعلماء لأن M87 وSgr A هما ثقبان مختلفان تماماً، فقد ذكرنا أن كتلة الثقب الأسود M87 تعادل 6 مليارات كتلة الشمس، ويعيش في مجرة بيضاوية عملاقة، ويُخرج نفاثة قوية من البلازما مرئية في الأطوال الموجية جميعاً، وهو محاطٌ على نحو كبير بالغاز والغبار لدرجة أنه يستهلك ما يعادل شمسين أو ثلاثة كل عام.
من جهةٍ أخرى، فإن Sgr A شائع الوجود للغاية لأن كتلته 4 ملايين كتلة شمسنا تقريباً، ويعيش في مجرتنا الحلزونية العادية درب التبانة، ولا يبدو أنه يُطلق نفاثة على الإطلاق، ويستهلك القليل جداً من المادة لدرجة أنه يشبه أن يأكل الانسان حبة واحدة من الأرز كل مليون سنة.
تُشير هذه الملاحظات إلى أن الثقب الأسود منخفض الاستهلاك من المادة قد تكون لديه نفاثة، ولكن من الصعب رؤيتها، والآن من المتوقع من الفريق بدء في التعرف بين الخصائص المختلفة للمجالات المغناطيسية ل M87 وsgr A والمقارنة بينهما، وربما يكون أحدهما أكثر تنظيماً وقوة من الآخر الذي يُعد أكثر اضطراباً وضعفاً.
وأتاحت هذه الصورة أيضاً إجراء تحقيق أعمق في Sgr A قد يكشف عن ميزات غير مكتشفة حتى الآن وهذا سيؤثر في فهمنا لكيفية تطور درب التبانة ليأخذ الشكل الذي يلاحظه علماء الفلك اليوم.
إن العلماء متحمسون للحصول على المزيد من الصور لكلِّ الثقوب السوداء فائقة الكتلة في الضوء المستقطب، لأن هذه الصورة والبيانات التي تأتي معها، توفر طرقاً جديدة لمقارنة تباين الثقوب السوداء ذات الأحجام والكتل المختلفة، لذا سيبدأ EHT حملة المراقبة لعام 2024 في أوائل أبريل، إذ يُأمل التعاون في الحصول على مناظر متعددة الألوان للثقوب السوداء المألوفة من خلال مراقبتها بترددات مختلفة من الضوء (1-3).
المصادر:
2. Akiyama K, Alberdi A, Alef W, Algaba JC, Anantua R, Asada K, et al. First Sagittarius A* event horizon telescope results. viii. physical interpretation of the polarized ring. The Astrophysical Journal Letters. 2024 Mar 27;964(2). Available from: هنا
3. Astronomers Unveil Strong Magnetic Fields Spiraling at the Edge of Milky Way’s Central Black Hole | Center for Astrophysics | Harvard & Smithsonian [Internet]. www.cfa.harvard.edu. [cited 2024 Mar 29]. Available from: هنا