في وداع إلياس خوري قراءة في كتاب"أولاد الغيتو"
كتاب >>>> معلومة سريعة
غادرَنا في الأمس (1) المؤلفُ والناقدُ اللبناني إلياس خوري (1948 - 2024)، بعد رصيدٍ أدبيٍّ ونقديٍّ ومسرحيٍّ تُرجِمَ إلى عديدٍ من اللغات، وتحوَّل إلى أعمالٍ تمثيليةٍ على خشبة المسرح، اهتمَّ بالأدب العربي والفلسفة الحداثية والأدب الروسي، ودرَّس في جامعاتٍ بارزةٍ في الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. من أعماله البارزة: روايتا "رائحة الصابون" و"أبواب المدينة"، ورواية "باب الشمس" (2) التي تحولت إلى عمل سينمائي من إخراج يُسري نصر الله، كما صدرت له عديد من الدراسات النقدية والأدبية، مثل "زمن الاحتلال" و"الذاكرة المفقودة: دراسات نقدية"، ومن الأعمال التي شارك في تأليفها "تأملات في شقاء العرب" (3).
وقد سعدتُ بقراءة إحدى رواياته الشهيرة، التي تناولت رحلة حياة الإنسان الفلس*طيني في أرضه بعد احتلالها، واضطراره إلى التعامل مع "الواقع الراهن" على الأرض: "أولاد الغيتو" (4) بجزأيها: "اسمي آدم" و"نجمة البحر".
تحكي الرواية قصة آدم، ابن الغيتو الذي خلقته العصابات الصه*يونية في اللد، والذي شهد على نكبات الفلسط*ينيين ومسح قراهم عن الواقع، وعيشه وسط المجتمع العبري الإسرا*ئيلي بهوية مشوشة يخفيها تارة ويظهرها تارة أخرى، ليقف القارئ على اضطراب الهوية العربية مقابل نظيرتها الأجنبية، في الشخصيات التي التقى بها آدم خلال سنوات حياته، فيرسم لوحة مغرقة في الواقعية المريرة التي اضطر فيها الشعبان، الفلس*طيني واليهودي، إلى دفع ثمن ما أجرمته الآلة الاستعمارية الصهي*ونية، ومحاولة كل منهما إيجاد موقع له في اللعبة الكبيرة، يضمن فيه استقرار هويته قدر الإمكان.
أحببتُ الرواية بجزأيها، وتناولها لحقيقة سقوط اللد والغيتو الذي أقامته العصابات وحبست فيه من تبقى من الفلس*طينيين في اللد وقراها، واختارت الإبقاء على حياتهم للاستعانة بهم لاحقًا في مسح ملامح جرائمها على الأرض، قبل أن تتركهم لمصيرهم الذي حكم عليهم بالعيش في حياة من الدون والعوز.
لقد تمكن خوري من التعبير عن الاضطراب في الموقف الإنساني الذي تخلقه الضرورة البشعة التي يُجبر الإنسان على عيشها واختيار المصير الأقلِّ ألمًا في إثرها.
المصادر:
(1)- خوري يغادر الدُنيا تاركا "باب الشمس" مفتوحا”BBC; 2023 [cited 2024 Sept 15]. Available from: هنا
(2)ـ خوري، إلياس، باب الشمس، دار الآداب، بيروت (1998). هنا