خِسرنا مؤخّراً عالماً عُرف عنه شغفهُ والتزامهُ، وأيّ عَمل ! التنقيب عن الآثار .. والغوص في أسرار الماضي بحثاً عن ممالك طَمرها تعاقب الأزمان

هذا العالم قضى عمره بين أطلال ممالك وحضارات خلت، فَنِيَ وهو يبحث ويعمل ويُنقّب، وهو الاسم الأشهر في هذا المِضمار إنهُ عالم الآثار كلاوس شميدت (11/ كانول الأول 1953- 20/ تموز 2014)

توفي منذ عدّة أيام أستاذ علم الآثار الألماني كلاوس شميدت عن عمرٍ يناهز الواحد والستين عاماً إثر سكتةٍ قلبية. وهو المولود في في مدينة فولكنفانغن، جنوب ألمانيا.

درس اختصاصات عديدة في جامعتي هيدلبرغ و ارلانغن، منها علم الآثار والجيولوجيا (علم الأرض) بالإضافة لدراسة مراحل ما قبل التاريخ ومراحل بداياته.

من أهم نشاطاته أنه رَأَس عمليات التنقيب في موقع غوبلكي تيبي (Gobekli Tepe)، منذ عام 1996 إلى حين وفاته، والتي تقع على بُعد ما يقارب العشرة أميال عن مدينة شانلي أورفا جنوب شرق الأناضول، تركيا.

هذا الموقع كان قد اُكتشِف على يد بعض علماء الأجناس البشرية خلال ستينات القرن الماضي لكنّهم تعجلوا باعتبارهِ مقبرةً مهجورة فتركوه ولم يهتموا به.

كلاوس شميدت لم يكن ليقتنع بذلك،دفعه شغفه للبحث أكثر فاغتنم فرصة وجوده في تركيا خلال العام 1978 من أجل القيام ببعض الأبحاث وللمصادفة كان يقوم بأعمال بحثية وتنقيب في مناطق قريبة من ذاك الموقع. ولكن لم يلفِت انتباهه إلا حتى العام 1994 بعد إطّلاعه على بضع تقاريرَ تخصُّ المنطقة، وخلال فترة قصيرة اكتشف فريق شميدت دليلاً على أنّها لم تكن مجرد موقع سكنيّ، بل اقترح احتمالية كون الموقع مقبرة للكثيرين الذين دفنوا على طول سفح التل المجاور. بالإضافة إلى إمكانية أن يكون هذا الموقع موقعاً للقبائل البدوية الّتي عاشت بصورة رئيسية على الصيد .

منذ 2008 عمل شميدت مع فريق من علماء الآثار الألمانيين واعتمد جدول عمله بشكل أساسي على شهرين في كل من فصلي الربيع والخريف من أعمال التنقيب.وفي مقابلة له خلال 2011 صرح أن عمليات التنقيب قد شملت 5% فقط من مساحة الموقع. قام بشراء منزل في مكان قريب والذي أصبح قاعدة العمليات لمساعده في التركيز على العمل.

توفي شميدت مؤخراً بتاريخ 20/7/2014 تاركاً وراءه تاريخاً من العمل الجاد والشغف الذي سيتركه ليُلهِم مَن بعده مِن علماء الآثار.

المصدر :

هنا