حقق مسبار وكالة الفضاء الأوروبية روزيتا Rosetta حدثا تاريخيا البارحة 6 أب 2014 لكونه أول مركبة فضائية تلتقي بمذنب. بعد رحلة ملحمية دامت عقداً من الزمن سعياً وراء جرم سماوي ، يبعد مسبار روزيتّا الآن 100 كيلومتر فقط عن سطح المذنب المستهدف وستقترب منه أكثر في الأشهر القادمة أثناءدراسته.الهدف النهائي للمهمة هو وضع وحدة الهبوط المسماة Philae على سطح المذنب في تشرين الثاني.

يستهدف مسبار روزيتا المذنب P67/Churyumov–Gerasimenko / الذي يبعد عن الأرض 405 مليون كيلومتر (تقريباً عند منتصف المسافة بين مداري كوكب المشتري والمريخ) ويندفع المذنب نحو النظام الشمسي الداخلي (ما داخل مدار المريخ) بسرعة تقارب 55 ألف كيلومتراً في الساعة.يستغرق المذنب ليتم مداره الاهليلجي حول الشمس ستة أعوام ونصف ،ينتقل خلالها المذنب من ماوراء المشتري، وحتى مابين مداري المريخ والأرض .ستصاحب المركبة الفضائية روزيتا المذنب خلال رحلته لمدة عام وأكثر بقليل.حيث سيدور الثنائي حول الشمس ويعودان باتجاه المشتري.

نحن هنا:

يقول جان جاك دوردين المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية :نحن سعداء اليوم أن نعلن أخيراً "أننا وصلنا" بعد أكثر من عشرة أعوام وخمسة أشهر وأربعة أيام من السفر نحو وجهتنا "

انطلقت روزيتا من مدينة غويانا الفرنسية عام 2004 وخلال رحلة المطاردة سارت المركبة 6.4 مليار كيلومتر ،حيث دارت خلالها 3 مرات حول الأرض ومرة حول المريخ لاستغلال جاذبية الكوكب في زيادة سرعة المركبة .في طريقها ،مرت المركبة باثنين من الكويكبات Šteins وLutetia وتمكنت من الحصول على رؤية ممتازة وقياسات مفصلة لهذه الأجسام،كاشفةً معلومات لم تكن معروفة مسبقاً مثل بنيتهما الداخلية.قضت Rosetta مايقرب 31 شهر في حالة سُبات عند دخولها الفضاء العميق عام 2011 ، قبل أن أن يرسل الباحثون اشارة الاستيقاظ في كانون الثاني من هذا العام. قامت Rosetta بسلسلة مناورات معقدة لمطابقة سرعتها و مسارها مع سرعة ومسار المذنب بدأت في أيار والبارحة كانت آخرها.

وفقاً للعلماء القائمين على المهمة،بدأت خصائص ومميزات المذنب 67P تنكشف عندما بدأت مركبة Rosetta بالاقتراب منه هذا العام .حيث أظهرت الصور الملتقطة بواسطة كاميرا OSIRIS في الفترة مابين أواخر نيسان وأوائل حزيران أن نشاطه كان متغيراً، فخلال الأسابيع الستة الماضية لوحظ تزايد وتناقص غازات المذنب وغباره المحيطة بالنواة والمسماة ذؤابة المذنب أو هالة المذنب (سحابة كروية من المواد محيطة برأس المذنب تتشكل نتيجة لغليان نواة المذنب الجليدية بسبب حرارة الشمس ،جزيئات هذه المواد تعكس وتمتص الضوء).

كما بينت قياسات أخرى أجرتها المركبة الفضائية أن المذنب يبعث بخار ماء في الفضاء بحوالي 300 ميلي لتر في الثانية الواحدة. وأن متوسط درجة حرارته حوالي -70 درجة مئوية،مشيراً الى أن السطح هو في الأغلب مظلم ومغبر أكثر من كونه نظيف وجليدي.الصور التي أخذت من مسافة 12،000 كيلومتراً الشهر الماضي للمذنب أظهرت أن نواته تتكون من قسمين متمايزين يرتبطان بمنطق ضيقة أشبه بالعنق مما يعطي النواة شكل "البطة المطاطية".

المذنبات هي البقايا البدائية من سحب الغبار والغاز التي كانت بمثابة أحجار البناء الأساسية لنظامنا الشمسي.ويعتقد أنها بقيت على حالها من نواح كثيرة خلال مليارات السنين أي ينبغي أن تحتوي على مواد نقية من الأيام الأولى لنشوء نظامنا الشمسي. هناك أيضاَ احتمال أن تكون المذنبات قد جلبت معها الجزيئات العضوية ذات الأساس الكربوني اللازمة لبدء الحياة على كوكبنا وهذا ما يفسر أهمية المذنبات الكبيرة للباحثين.

خلال الستة أسابيع المقبلة،سترسم Rosetta مسارين مثلثي الشكل أمام المذنب الأول على مسافة 100كيلومتر والثاني على بعد 50 كيلومتر ،قبل أن يدنو في النهاية لبعد 30 كيلومتر في مسار دائري. خلال ذلك ستجري مجموعة من الأدوات دراسة علمية مفصلة على المذنب، باحثة عن مكان هبوط مناسب لوحدة الهبوط Philae.

يأمل فريق المهمة أن يحدد خمسة مواقع محتملة للهبوط عند نهاية شهر أب،قبل أن يتم اختيار الموقع الأساسي في منتصف أيلول. وبحلول منتصف تشرين الأول سيتم تأكيد المخطط الزمني لإرسال Philae. ويقول مات تايلور أحد علماء مشروع Rosetta "خلال الأشهر المقبلة،بالاضافة لدراسة خواص نواة المذنب ووضع معايير لما تبقى من الرحلة،سنبدأ الاستعدادات النهائية لحدث تاريخي أخر وهو هبوط على المذنب".

بعد الهبوط ،ستستمرRosetta بمرافقة المذنب حتى أقرب نقطة يصل اليها المذنب من الشمس في أب 2015 ،ومراقبة سلوكه من أماكن قريبة لتعطينا رؤية فريدة وتجربة حقيقية لكيفية عمل المذنب خلال اندفاعه حول الشمس.

يمكنكم مشاهدة مدار Rosetta حول المذنب خلال الاشهر القادمة خلال الفيديو التالي:

هنا

المصدر: هنا

حقوق الصورة: ESA